توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«نقاط عشر» لمرحلة ما بعد سايكس بيكو

  مصر اليوم -

«نقاط عشر» لمرحلة ما بعد سايكس بيكو

بقلم عريب الرنتاوي

على مدى يومين متتاليين، أتاح لنا “بيت المستقبل”، وهو مؤسسة تفكير استراتيجي لبنانية، يتولى رعايتها الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، ويديرها الصديق سام منسّى ... فرصة الاستماع لعدد من الباحثين والمختصين والسياسيين، والتحاور معهم في “مئوية سايكس بيكو”، سياقات الاتفاق الأشهر وتداعياته، ونظرة إلى مستقبل المنطقة في السنوات القادمة، وأحسب أنه كان حواراً غنياً ومثمراً ومتنوعاً.

تكشفت نقاشات اليومين في بكفيا، عن جملة من”التوافقات” بين المشاركين من عدة دول وخلفيات حول عدد من العناوين الرئيسة، منها:
(1) أن سايكس – بيكو لا يُقرأ منفصلاَ عن جملة الاتفاقات والمعاهدات التي أعقبته، من وعد بلفور إلى لوزان مروراً بسيفر وسان ريمون، وأن جملة الاتفاقات تلك، هي من أعطى المشرق والإقليم شكله وخرائطه، أنشأ دولاً لشعوب غير قائمة، أو غير مكتملة التشكل، وحرم شعوباً متأسسة، من حقها في الدولة وتقرير المصير، مثل الفلسطينيين والأكراد.

(2) أن الاتفاق المذكور كرس وقائع المنطقة ومعطيات مجتمعاتها في حينه، ولم ينشئ وضعاً جديداً اعتسافاً، فالمنطقة الخارج من سنوات الحكم العثماني الثقيل، لم تشهد من قبل قيام كيانات دولتية دستورية، وغلب على تشكلها طابع “الدولة / المدينة”، وأن هذا الاتفاق قد صمد برغم الهجائيات التي لم تتوقف ضده، طوال مائة عام.

(3) وتبلور إجماع المشاركين على رفض تعليق كل أسباب فشل دول المنطقة المشمولة بسايكس بيكو، على مشجب الاتفاق، فالفشل الذي أفضى إلى الكارثة التي تعيشها هذه الدول، إنما يعود بالأساس، إلى فشل أنظمتها الحاكمة المتعاقبة، في خوض غمار تجربة في “الحكم الرشيد” وعجزها عن بناء “دولة المواطنة المدنية الحديثة”، دولة جميع أبنائها وبناتها بلا تمييز، دولة المؤسسات وسيادة القانون.

(4) اتجهت غالبية المشاركات إلى استبعاد تعرض المنطقة لسايكس بيكو جديد، ولأسباب عديدة منها أن القوة الدولية المتحكمة بالمشهد الدولي اليوم، لم تعد لديها القدرة التي توفرت لفرنسا وبريطانيا قبل مائة عام، على فرض ما تريد وكيفما تريد وساعة تريد ... وأن القوى الإقليمية تلعب دوراً متعاظماً في تقرير مستقبل المنطقة، وأن اللاعبين “اللادولتيين”، باتو اليوم، قوى يحسب حسابها ... ثم ألا مستقبل لأي اتفاق للتقسيم من دون موافقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ناهيك عن تعاظم قدرات شعوب المنطقة ومجتمعاتها على المقاومة.

(5) أما مسألة صراع “الهويات القاتلة”، فقد أقر جميع من تحدث بوجود “أزمة هوية” في معظم دول المنطقة، إن لم نقل جميعها، وان هويات فرعية وثانوية في طريقها للتبلور والتصاعد، بيد أن ما لحظته معظم المداخلات من الدول المنكوبة بحروب وصراعات أهلية، تحدثت عن “مقاومة الهويات الوطنية” لنزعات التفتيت والطمس والإلغاء، وأنها ما زالت صامدة في مواجهة رياح التقسيم والفتن المذهبية والطائفية.

(6) إن عودة الإقليم إلى ما كان عليه قبل ثورات الربيع العربي، يبدو أمراً متعذراً، حتى لا نقول مستحيلاً، وأن أفكار من نوع الفيدرالية واللامركزية، التي طرحت على خجل في لبنان أول مرة في ذروة حربه الإقليمية، ومن قبل الجانب المسيحي في حينه، باتت اليوم، مخرجاً لمعاجلة كثير من الاستعصاءات، ومدخلاً لحفظ سيادة البلاد ووحدة الأوطان وسلامة المجتمعات.

(7) إن المنطقة تواجه أربعة سيناريوهات، تراوح من الحسن جداّ (الافتراضي) إلى السيء جداً، وأن تبلور وجهة سيرها وتأثيرها غير ممكن على المدى الفوري المباشر، وقد يتطلب سنوات عديدة قادمة، وأنها قد تتفاعل مع بعضها البعض بصورة متوازية ومتزامنة ... السيناريوهات الأربعة تراوح ما بين: السودنة (الانفصال)، الصوملة (الدولة الفاشلة)، اللبننة، المحاصصة الطائفية، والدولة المدنية، دولة مواطنيها ومواطناتها المتساوين والمتساويات.

(8) أن الحلول الممكنة لأزمات المنطقة، يملي التوجه لبناء نظام إقليمي، يستحضر روح ومبادئ معاهدة ويستفاليا، على طريق بناء إقليمي للأمن والتعاون، يبدأ بتشكيل مجموعة اتصال، مروراً باحتواء النزاعات على طريق حلها وانتهاء ببناء قاعدة اقتصادية تحتية للأمن والتعاون الإقليمي، وأن هذه المسارب يمكن أن تعمل بصورة متزامنة ومتوازية، حتى مع استمرار الخلاف والاختلاف والصراع، وأحيانا حروب الوكالة في بعض الأزمات.

(9) القضية الفلسطينية ظلت حاضرة في مناقشات المؤتمر، ولكن من بوابتين متجاورتين، الأولى، وتتعلق بإقرار الجميع بأهميتها ووجوبية حلها، والثانية، من بوابة ما تعرضت من تحجيم وإهمال، خصوصاً مع اندلاع الأزمة السورية ... أما كيف يمكن إعادة الاعتبار لمكانة هذه القضية ومركزيتها، فالأمر لم يبحث.

(10) لا حاجة للمنطقة لنظام جديد وحدود جديدة يحل محل نظام سايكس بيكو ويستبدل جديدها بقديمها ... المنطقة بحاجة لأنظمة حكم جديدة، تتميز بالرشد والحوكمة ومحاربة الفساد وفرض سيادة القانون للالتحاق بركب العصر ومنجزاتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نقاط عشر» لمرحلة ما بعد سايكس بيكو «نقاط عشر» لمرحلة ما بعد سايكس بيكو



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon