توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفارقتان اثنتان ونتيجة واحدة

  مصر اليوم -

مفارقتان اثنتان ونتيجة واحدة

بقلم عريب الرنتاوي

تطورات الأسابيع القليلة الفائتة في الأزمة السورية، تكشفت عن مفارقتين ستفضيان “ربما”، إلى نتيجة بالغة الأهمية، على مستقبل الأزمة السورية ومآلاتها.

دمشق تتهم أنقرة بأنها تنبهت أخيراً إلى خطورة التهديد الذي يشكله “داعش” لا على أمن الإقليم واستقراره فحسب، بل وعلى أمن تركيا واستقرارها في نهاية المطاف.

أنقرة تتهم دمشق في المقابل، بأنها تنبهت أخيراً لخطورة “التهديد الكردي”، وبدأت بالتصدي له (اشتباكات الحسكة بين الجيش السوري والأسياش)، وأن هذا التهديد يتخطى الأمن والاستقرار، إلى ضرب وحدة البلاد وسيادتها واستقلالها.

النظر إلى هذه الاتهامات يعطي الانطباع – للوهلة الأولى – بأننا أمام فجوة في المواقف، تنبئ باستمرار الصراع السوري – التركي، الذي بلغ ذروة غير مسبوقة، في الأعوام الأخيرة ... لكن هذا ما تشف عنه “انطباعات الوهلة الأولى” فقط، بيد أن التدقيق في عمق هذه الاتهامات المتبادلة، يسمح بالوصول إلى استنتاج مغاير، مؤدّاه أن ثمة “قاعدة مشتركة” تتشكل بتطبيع العلاقات والشروع في بناء علاقات تعاون بدل علاقات الصراع بين الجانبين.

تركيا وضعت “التهديد الكردي” في صدارة أولوياتها الوطنية والقومية، وسوريا تنظر لصراعها مع الفصائل المسلحة، بمن فيها “داعش”، بوصفها التهديد الاستراتيجي الأول على جدول أعمالها ... تفاوت أوزان التهديد واختلاف أولوياته، لا يحجب حقيقة أن كلا الجانبين، بات يتبادل مع الجانب الآخر، المخاوف والهواجس ذاتها، بهذا القدر أو ذاك.

الإدراك التركي المتأخر لخطر “داعش” والأولوية التركية المعطاة للحرب على الكيانية الكردية الناشئة، هما من بين أسباب أخرى، أهم حافزين لأنقرة، لتغيير مقاربها حيال الأزمة السورية، وإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية والدولية ذات الأولوية القصوى بالنسبة لتركيا.

ويفسر هذا الإدراك، إقدام حكومة بنعلي يلدريم، على الشروع مؤخراً في إحداث “استدارة” كبرى في خريطة تحالفاتها، بالاقتراب من روسيا وإيران على نحو متسارع، واتخاذ جملة من المواقف “المغايرة” حيال سوريا ... تركيا تلتقي مع إيران وروسيا على حفظ سيادة سوريا ووحدة أراضيها بما يمنع قيام كيان كردي على حدودها الجنوبية ... تركيا تلتقي مع روسيا وإيران على ضرورة قيام “حكومة وحدة وطنية موسعة” تدير مرحلة الانتقال، بدل “هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات” التي كانت تتحدث عنها ... تركيا تلتقي مع روسيا وإيران حول ضرورة ترك الشعب الشعب السوري” يقرر مصيره بنفسه ويختار بملء حريته، نظامه السياسي الذي يريد.

دفعت هذه التغيرات على “المقاربة السورية” لحكومة أنقرة، برئيسها بنعلي يلدريم لإبداء الاستعداد للتعامل مع الأسد كرئيس لسوريا في مرحلة انتقالية، باعتباره “لاعباً مهماً” في الأزمة السورية ... والتعهد بالقيام بدور متصاعد في الجهود المبذولة للتوصل إلى “حل سياسي” لهذه الأزمة ... والتبشير بقرب حصول السوريين على “أخبار سارة” حول مستقبلهم ومستقبل بلادهم.

وستدفع هذه “القاعدة المشتركة” لرؤية التهديدات، كلٍ من أنقرة ودمشق، إلى التفكير جدياً للنزول عن قمة الشجرة، والشروع في تغليب “المصلحة الضاغطة” على ركام الحساسيات والخلافات، الناجمة عن احتدام الصراع و”حروب الوكالة” بينهما، وتحديداً لجهة إعادة النظر في أشكال التدخل السوري في الأزمة السورية، وأدوات هذا التدخل، بما فيها الأدوات غير المشروعة المتمثلة في دعم جماعات إرهابية وأخرى تدور في فلكها السياسي والإيديولوجي.

مفارقتان غريبتان ستفضيان إلى نتيجة حاسمة الأهمية وبالغة الأثر في تغيير مجرى الأحداث والتطورات الدامية في الأزمة السورية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفارقتان اثنتان ونتيجة واحدة مفارقتان اثنتان ونتيجة واحدة



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon