توقيت القاهرة المحلي 09:04:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داعش» ... بداية النهاية

  مصر اليوم -

«داعش»  بداية النهاية

عريب الرنتاوي

قد ينطوي عنوان هذه المقالة على قدر كبير من “التفاؤل” السابق لأوانه، لكن “المقدمات تقود إلى النتائج”، وما يشهده تنظيم “داعش” من تراجعات وانكسارات، ينبئ على الأقل، بأن مرحلة “الصعود” في حياة التنظيم قد أفلت، وأن لحظة “الهبوط” باتت تقرع الأبواب ... من دون أن يعني ذلك، إن الانتصار على داعش والقضاء عليها، قد بات وشيكاً، فالمهمة ما زالت مكلفة، مريرة ومديدة.
من عين العرب / كوباني إلى ديالى، والآن في صلاح الدين وعلى أبواب تكريت، وغداً في نينوى والموصل، وإلى حد ما في بعض أرجاء الأنبار والشمال الشرقي لسوريا ... التنظيم يفقد مئات القرى والبلدات والمزارع والتلال وحقول النفط ... التنظيم يفقد ألوف المقاتلين وعشرات ألوف الكيلومترات المربعة من “حدود خلافته” ... التنظيم منذ حزيران الفائت انتقل من الهجوم بقفزات واسعة وماحقة، إلى حالة دفاعية – تراجعية، والمرجح أن يستمر الحال على هذا المنوال في المرحلة القادمة، حتى وإن احتفظ لبعض الوقت، بقدرته على شن هجمات تكتيكية محدودة.
بخلاف ما قيل وتردد، لم تكن ضربات التحالف الدولي الجوية بلا أثر ... التنظيم فقد الأمن والأمان حتى في قلاعه الحصينة، والتنظيم فقد القدرة على الحركة بأعداد كبيرة وأرتال، إلا فيما ندر من الحالات ولمسافات محدودة ... الأرض مرصودة من السماء، و”طيور الأبابيل” لا تتوقف عن قذف حممها المميتة التي تطيح يومياً بأعداد وفيرة من مقاتليه وكوادره وقادته، فضلاً عن الخسائر الجسيمة في العتاد والمعدات التي من الصعب تعويضها.
والأهم من “حرب الفضاء” التي تتولى قيادتها الولايات المتحدة، يتعرض التنظيم لـ “حروب الأرض” على جبهات ثلاث: الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني في الشمال الشرقي .... البيشمركة في شمال العراق .... والجيش العراقي مدعوماً بالعشائر السنية والحشد الشعبي الشيعي على محاور نينوى وصلاح الدين والأنبار ... هنا فقد التنظيم قدرته “الردعية”، واكتسبت القوات المعادية له جرأة أعلى على تنظيم الهجمات .... تبددت أسطورة داعش، بوصفها قوة لا تقهر، لتحل محلها صورة “العصابات” القابلة للاستئصال والاجتثاث.
انعكس كل ذلك وينعكس على الأوضاع الداخلية لـ “داعش”، حيث تشير كافة التقارير إلى حالات فرار فردية وجماعية على نطاق واسع من صفوفه، تقابل في بعض الأحيان بعمليات إعدام جماعية للفارين ... وتؤكد التقارير تفاقم الخلافات بين “المهاجرين” من أكثر من 90 دولة من جهة و”الأنصار” من السوريين والعراقيين ... كما تشير المعلومات إلى أن الأرض التي يقف عليها داعش، بدأت تميد، وأن المواطنين السوريين والعراقيين الرازحين تحت حكمه بدأوا بالانقضاض عليه، ولم يعودوا تلك “الحاضنة الشعبية” المطواعة والمضللة والمخدوعة.
وليس لـ “داعش” في سوريا ولا في العراق، من بواكٍ ... علاقاته سيئة مع مختلف فصائل المعارضة في سوريا، بمن فيها “النصرة” وتلك المحسوبة على السلفية الجهادية ... أما في العراق، فقد أدركت بعض الفصائل العراقية، ومن ضمنها بعثيون سابقون، بؤس قرارهم بالتحالف مع داعش ضد بغداد ... فأنت قد تضطر للتحالف مع السيئ ضد الأسوأ، لكنك ترتكب حماقة كبرى، حين تقرر التحالف مع التنظيم الذي التصقت به أبشع صور البربرية والهمجية الدموية، ضد نظام مذهبي في بغداد، قد تقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر.
على المستوى الشعبي، العربي والإسلامي، فقد كان لجريمة إحراق الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، ومن بعده “ذبح” واحد وعشرين قبطياً مصرياً في ليبيا، أثر حاسم في نقل التعاطف مع “داعش” إلى عداء وكراهية، والتساؤل حول ماهية التنظيم إلى يقين حول إجراميته... شيئاً فشيئاً يعود داعش للانكفاء سريعاً مثلما تمدد بسرعة البرق على جانبي الحدود السورية – العراقية.
لا يعني ذلك مرة أخرى، أن صفحة داعش قد طويت، أو أن الانتصار عليها سيكون بمثابة نزهة قصيرة ... مثل هذه الفرضيات ينطوي على قدر من السذاجة والتطيّر ... المعركة مع داعش ما زالت صعبة وطويلة، لكنها دفاعية وتراجعيه من طرف داعش وهجومية من جانب أخصامها ... وقد تطول هذه المعركة أو تقصر وفقاً لتطور مواقف القوى الإقليمية والدولية من التنظيم، وما إذا كانت ستلتزم بالإجماع الدولي على محاربة الإرهاب والتصدي له، أم أنها، أو بعضها على الأقل، سيعود لممارسة ما اعتاد فعله وممارسته، من تقديم الدعم والإسناد لهذه الجماعات الإرهابية، في محاولات محفوفة بالمخاطر، لتوظيفها لخدمة أولويات أخرى، من نوع “الخطر الإيراني” أو “التهديد الشيعي” أو “الخطر الكردي”، وربما لتعبيد الطريق أمام تضخيم المصالح والأدوار الإقليمية لهذا الفريق أو ذاك، تلك مسألة بحاجة للمراقبة والتمحيص.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش»  بداية النهاية «داعش»  بداية النهاية



GMT 04:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 04:30 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 04:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 04:24 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 04:22 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 04:19 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

عن الحيادِ والموضوعيةِ والأوطان

GMT 04:16 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أين يُباع الأمل؟

GMT 04:11 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الجميع مستعد للحوار

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon