توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داعش» و«النصرة» ... وحرب الإلغاء

  مصر اليوم -

«داعش» و«النصرة»  وحرب الإلغاء

عريب الرنتاوي

تختلف التقديرات بشأن مستقبل العلاقة بين “داعش” و”النصرة”، مراكز أبحاث وخبراء جديون في شؤون الحركات الإسلامية، يصرفون وقتاً وجهداً من أجل التنبؤ بمآلات هذه العلاقة ومصائرها ... الاستخبارات الأمريكية، رجحت استمرار التناحر استراتيجياً، وإن كانت لا تستبعد بعض “التوافقات” و”التهدئات” تكتيكياً ... آخرون، يعتقدون أنه صراع في صفوف “أهل البيت الواحد”، وأن المياه ستعود إلى مجاريها، مهما بلغت التناقضات، وأن قادة الفصيلين لا بد سيستجيبون لنداءات شيوخهم ومساعيهم “الحميدة” ... وبين هذين الحدين، ثمة مروحة واسعة من التقديرات والتكهنات.  

البحث في هذا الموضوع، ليس ترفاً على الإطلاق، والمؤكد أنه ليس “مضيعة للوقت والجهد”، ذلك أن التنظيمين الجهاديين، باتا يمثلان قوة ضاربة على امتداد “الهلال الخصيب”، ولهما جيوب ومناطق نفوذ وفروع نائمة خارج هذه المنطقة، وهي تضرب في سيناء ومصر، وتغتال بلعيد والبراهمي في تونس، وتطيح بالوزير شطح في لبنان، وتتهدد عرسال وعكار والبقاع والشمال، بالويل والثبور، وصولاً إلى “بوكو حرام” وقاعدة اليمن وجزيرة العرب، وطالبان باكستان، وصولاً إلى أطراف كشمير.
في سوريا بشكل خاص، تحولت داعش إلى قوة مهيمنة على ثلث أراضي الجار الشمالي للأردن، فيما توسع “النصرة” دائرة هيمنتها ونفوذها في شمال غرب سوريا، وهي تتقدم على محوري درعا – القنيطرة جنوباً، والنظام لم يعد يسيطر على أكثر من ثلاثين بالمائة من مساحة البلاد الكلية، والمفاجآت التي تتمخض عنها الحرب في سوريا والحرب عليها، لا تكاد تنتهي.

الطابع العام للعلاقة بين “داعش” و”النصرة”، يتسم بأشد مشاعر العداء، والتنظيمان انخرطا في حروب تصفية وإلغاء أوقعت ألوف “المجاهدين” من الجانبين، فيما حرب “الفتاوى” و”التكفير” تجعل من الصعب تماماً عليهما العودة من جديد، لـ “الجهاد” تحت راية واحدة، فهؤلاء خوارج هذا الزمان وأولئك منافقون ومارقون، ومن المتوقع أن تستمر “حروب الإخوة الأعداء” إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
لكن ذلك لم يمنع من نجاح التنظيمين في التوصل إلى هدنات وتهدئات موضعية أو مؤقتة، لعل أبرزها ما يجري الآن في مناطق القلمون والسلسلة الشرقية للبنان حيث يحل “التعايش” محل الصراع في العلاقة بين الخصمين اللدودين، وفي مناطق أخرى، كالغوطة الشرقية وبعض أرياف حمص، سجلت أشكال من التعايش والتعاون بينهما خلال العامين الفائتين، لكن العلاقة دائما ظلت قلقة، وبصورة أوحت باشتعال الجمر تحت رماد الهدنات والتهدئات.
ثمة منطق يحكم التنظيمات الإيديولوجية عموماً، والدينية منها بشكل خاص، يقوم على إلغاء الآخر الذي يحمل الإيديولوجيا / العقيدة ذاتها ... اليساريون والقوميون لم تشفع لهم خلفياتهم الفكرية المشتركة أو المتقاربة، فقتّلوا بعضهم بعضاً، وانظروا في تجربة “حزبي البعث” أو “أحزاب البعث” من جهة والعلاقة بين البعثيين والقوميين العرب من جهة ثانية، وانظروا من جهة ثالثة في المذابح الذي قارفها يساريو الجنوب اليمني بحق بعضهم بعضا.

القصة تبدو أكثر تعقيداً عندما ترتبط الخلافات بإيديولوجيا دينية متشددة، تقوم أساساً على التكفير والإخراج من الملّة ... هنا لا معنى لمنطق “التفاهمات” و”القواسم المشتركة” ... هنا يغيب العقل السياسي لصالح “العصاب الديني”، هنا “الحلال بيّن والحرام بيّن” هنا السيف أصدق أنباء من أي كتب ... فشرعية أي من التنظيمين تظل ناقصة ومطعون بها بوجود الآخر، وهي لا تكتمل إلا باستئصاله بوسيلة من الوسائل: البيعة توطئة للانضمام والاندماج، أو مواجهة أسوأ أنواع القتل والإعدام والاغتيال والتنكيل مما شهدنا على بعضٍ من فصوله خلال العام الفائت.

داعش” ماضية في بناء خلافتها وتوسيعها ولايتها، فيما “النصرة” تقترب من إعلان إمارتها في شمال غرب سوريا، وفقاً لوعد قطعه الجولاني على نفسه، ولا مطرح أبداً لتعايش بين الخلافة والإمارة، ولا مهادنة بين الخليفة والأمير، هذا غير مطروح في مرجعية هؤلاء، والمؤكد أن المواجهات الكبرى قادمة، بدءا من مناطق التماس، أو المناطق المختلطة، والمعلومات تتحدث عن نذر حرب بين التنظيمين في مناطق القلمون بدأت باستهداف “داعش” لوحدات الجيش الحر هناك، والمؤكد أنها ستنتقل إلى جنوب سوريا، حيث المعلومات تتحدث عن اقتراب “داعش” من هذه المنطقة، وحشدها لقوات فيها، وحصولها على بيعات بعضها معلن وأكثرها غير معلن.

ولأن بأس هؤلاء شديد بينهم، فأحسب أن “حروب الأخوة الأعداء” سيكون لها أكبر الأثر في تآكل “المشروع الجهادي” وانهياره من داخله، وعلى أيدي “مجاهديه” أنفسهم وبوسائلهم الدموية القاسية ... فالضربات الجوية لم تنجح حتى الآن في استئصال أي منها أو حتى في وقف تمدده، والحرب البرية لا تتوفر لها الموارد البشرية الكافية، فيما الجيوش المنخرطة في قتال داعش والنصرة، تبدو منهكة بعض الضربات الموجعة والمتفاوتة التي تعرضت لها من الموصل والأنبار إلى عرسال والجرود، مروراً بالطبقة ودير الزور وجبل الشاعر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» و«النصرة»  وحرب الإلغاء «داعش» و«النصرة»  وحرب الإلغاء



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon