توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«لبيك يا حسين» أم «لبيك يا عراق»

  مصر اليوم -

«لبيك يا حسين» أم «لبيك يا عراق»

عريب الرنتاوي

حكم السيد نوري المالكي العراق لدورتين متتاليتين (2006 – 2014)، وصارع جاهداً في سبيل الحصول على ولاية ثالثة من دون جدوى، بعد أن توحد العراقيون أو كادوا، في مواجهته ... قبله تولى كل من الدكتور إياد العلاوي وإبراهيم الجعفري الحكم لمدة عام تقريباً لكل منهما، من دون احتساب ولايتهما الأولى زمن “مجلس الحكم” والتي امتدت لشهر واحد لكل منهما، ضمن نظام المداورة الشهرية على رئاسة المجلس.

بعد ثمانية أعوام من حكم اتسم بالفردية والصلاحيات شبه المطلقة، خصوصاً في الولاية الثانية، يطالعنا السيد المالكي بتصريح يتحدث فيه عن “الحشد الشعبي” بوصفه “البديل الوحيد المتبقي” وضمانة العراق التي يتعين دعمها، إلى أن تنجز مهمة بناء جيش وطني عراقي... أين أنفقت كل تلك السنوات والمليارات وجهود التدريب والرعاية ... المالكي يلوم من جاءوا بعده، الذين لم يمكثوا بعد في السلطة، سوى أشهر معدودات.

المضحك المبكي في تصريحات المالكي، أنها تزامنت مع بدء الهجوم المضاد الرمادي، والذي قرر الحشد الشعبي أن يعطيه اسماً كودياً: “لبيك يا حسين”، وبصورة كفيلة لا باستفزاز البيئة الحاضنة لداعش وأخواتها فحسب، بل ولألوف المتطوعين من مقاتلي العشائر السنيّة، الذين بالقطع، كانوا يفضلون اسماً آخر من نوع: لبيك يا عراق، أو لبيك يا أنبار أو أي اسم دالٍ على البعد الوطني، لا المذهبي للحملة العسكرية التي يُراد بها استرداد الرمادي وتحرير الأنبار وحفظ وحدة البلاد والعباد من التقسيم والتشظي.

لسنا نعترض على معتقدات الشيعة، فنحن لا نعترض على معتقدات أي فئة من الناس، طالما ظلت في إطار الإيمانيات والروحانيات وممارسة الشعائر والطقوس والعبادات ... لكن حين تكون هذه المعتقدات، سبباً في إذكاء نيران الانقسام والفرقة الأهليين، حين تكون محركاً جباراً من محركات الفرز والاستقطاب والتنابذ، فإنها تندرج في سياق التحريض وثقافة الكراهية والغلو والمساس بالوحدة الوطنية، وهذا ما يفعله الحشد الشعبي (على خطى النصرة وداعش)، الذي بقدر ما تمسّ الحاجة إلى دوره في معارك الأنبار وغيرها، بقدر ما يثير من الخشية والقلق والتحسب لقادمات الأيام... في هذه النقطة بالذات، يتبادل الحشد وداعش الأدوار، ومن منهم ينظر لنفسه بالمرآة، سيرى صورة الآخر.

التجربة المرة بدأت في تكريت، وما صاحب “التحرير” وأعقبه من ممارسات مليشياوية بائسة ... يجهد الحشد في إنكارها، لكن مجرد الإصرار على إعطاء عملية تحرير الرمادي هذا الاسم، يعني أن القوم لم يراعوا ... وأنهم ماضون في خطابهم وممارساتهم المذهبية حتى نهاية الشوط، وهما (الخطاب والممارسة) اللذان كانت لهما أدوار لا تنكر في تخصيب البيئة الحاضنة لداعش، ورفدها بكل العناصر الكفيلة بجعلها (باقية وتمدد).

لا أحد على ما يبدو، يريد أن يتعلم من دروس التجربة السابقة، وأهمها على الإطلاق أن “الهوية الدينية”، طائفية كانت أم مذهبية، هي نقيض “الهوية الوطنية/ القومية” ... فنشوء حزب إسلامي يستدعي بالضرورة تشكيل حزب مسيحي ... وقيام مليشيا شيعية يستوجب استيلاد ميليشيا سنيّة ... أحزاب شوفينية عربية، دفعت بالأقليات القومية الأخرى لولوج طريق الانفصال، من شمال أفريقيا وحتى جبال كردستان، مروراً بجنوب السودان، حيث امتزج “الإقصاء” القومي بالديني  ... أما التفتيت فلن يقف عند حد، فالهويات الفرعية في غياب الهوية الكلية الجمعية والجامعة، تتناسل باستمرار ولا “قعر” لمسار التفسخ والانقسام... والعراقيون كغيرهم، بل وأكثر من غيرهم، دفعوا أثماناً باهظة لسياسات الإقصاء والإلغاء والتهميش، منذ أزيد من نصف قرن تقريباً وحتى يومنا هذا.

تحت راية “لبيك يا عراق” يمكن لرجالات الصحوة العشائرية العراقية (محمد ويزيد ومعاوية وعمر) أن يستبسلوا في الدفاع عن مدينتهم وأن يقدموا الغالي والنفيس من أجل استردادها ... أما تحت راية “لبيك يا حسين”، فأحسب أنهم سينامون بعيون نصف مغمضة، خشية أن يدفعوا حيواتهم ثمناً للحظة اهتياج غرائزي، تسترجع “ثارات الحسين” وتطالب بالقصاص من قتلته القدامى، وبالأخص: الجدد.

خلاصة القول، إن تحرير العراق من داعش (إن تم ذلك في المدى المنظور)، لن يكون سوى فصل جديد آخر في مسلسل الأزمة العراقية المفتوحة على شتى الاحتمالات والسيناريوهات، تماماً مثلما كان سقوط نظام الرئيس صدام حسين في العام 2003، الذي أغلق فصلاً وفتح آخر أكثر دموية وخطورة على مستقبل البلاد والعباد ... وقد نكون بعد حين قصير من الوقت، أمام تحدي “ضبضبة” مليشيات الحشد الشعبي، التي يتعاظم دورها وتأثيرها، بما يحيلها إلى عبء على العراق، لا ضمانة له، وسبب لمشكلاته اللاحقة، لا أداة للتصدي لها ومعالجتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لبيك يا حسين» أم «لبيك يا عراق» «لبيك يا حسين» أم «لبيك يا عراق»



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon