توقيت القاهرة المحلي 04:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوهام متبددة

  مصر اليوم -

أوهام متبددة

عريب الرنتاوي

خلال الساعات الأربع والعشرين الفائتة، تساقط وهمان كبيران، الأول يخص معسكر “المقاومة والممانعة” والثاني يتصل بفريق المعجبين حد الاندهاش، بأداء السلطان رجب طيب أردوغان، وهم بالحصر، من المعسكر الآخر.

إعلام فريق “المقاومة والممانعة” لا يتوقف عن محاولاته توسيع هذا المحور، فاقترح من قبل حكومة المالكي كجزء منه، والان يتحدث عن ميليشيات الحشد الشعبي بوصفها ذراعا ضاربة من أذرعته، وبين هذه وتلك، يقترح ضم الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح إلى الحلف ... لكن “الجائزة الكبرى” التي حظي بها هذا المحور، إنما تمثلت بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، والذي جعل من موسكو، عاموداً رئيساً من أعمدة محور المقاومة والممانعة، ومن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رمزاً وقائداً له.

مع إن موسكو لم تستخدم يوماً مثل هذه التعابير والمصطلحات، بل وأحجمت على الدوام عن وصف علاقاتها بأي من أركانه، بأنها “تحالف استراتيجي”، وهي لا تكف عن مد يديها الاثنتين للسعودية ودول الخليج، ولولا حادثة الطائرة الروسية، لكانت أنقرة من أكبر شركاء موسكو في مجالات التجارة والسياحة والطاقة... أما عن علاقاتها مع إسرائيل، فحدّث ولا حرج، فهي تقيم تنسيقاً قوياً معها، وقادة تل أبيب كشفوا عن “خروقات” متكررة لسلاح الجو الروسي للأجواء الإسرائيلية من دون أن يتصدى لها احد، كما أن الطيران الحربي الإسرائيلي لم يتوقف عن تنفيذ ضربات ضد أهداف له في سوريا، بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا كما قبله، وكل ما في الأمر أن العمليات باتت تحتاج “تنسيقاً” وليس إذناً من أحد، حتى لا تقع الحوادث التي تعكر صفو العلاقات الثنائية بين الجانبين.

الوهم الثاني الذي تبدد خلال الساعات الأربع والعشرين، ويتعلق بموقف تركيا الإنساني/ الديني/ الأخوي من قضية اللاجئين السوريين، بعد أن قبلت أنقرة عرضهم في سوق النخاسة الدولي، ووقعت مع قادة الاتحاد الأوروبي على صفقة “بيعهم” بقيمة ثلاثة مليارات يورو، معطوفة على بعض التسهيلات المتصلة بالمفاوضات الجارية حول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، كما أن هناك عروضاً أوروبية تنهمر على أنقرة، للقبول باستعادة من غادر موانئها من اللاجئين صوب أوروبا، مقامراً بحياته وحياة عائلته، لقاء تسهيلات تمنح للمواطنين الأتراك بدخول أوروبا والعمل، وربما الإقامة فيها.

أنقرة لطالما زعمت أنها لن تغلق حدودها في وجه اللاجئين، وأنها لن تقبل بمساعدات غربية من أجل استضافتهم، وأنها لن تساوم على حقهم في حرية الحركة، وأن موقفها من قضية اللجوء السوري، خالص لوجه الله تعالى ... لكن ما وقع مؤخراً، يظهر أن أنقرة  لعبت مع أوروبا لعبة “ابتزاز” موصوفة، وأن لعبتها هذه قد أعطت أكلها، خصوصاً بعد إغراق أوروبا بطوفان اللاجئين الذي حركته أنقرة من موانئها على المتوسط ... اليوم، يذهب أحمد داود أوغلو إلى بروكسيل لتحصيل الثمن و”الجائزة الكبرى”، وستغلق الحدود في وجه اللاجئين المغادرين، وستغلق الموانئ التي تنطلق منها قوافل الموت إلى الشواطئ اليونانية، وستحظى تركيا بفرصة استئناف المفاوضات على طريق عضويتها في المجموعة الأوروبية.

لهذا الغرض، لا يجد صاحب “العمق الاستراتيجي” غضاضة، في التأكيد على “أوروبية” تركيا، ضارباً عرض الحائط، بكل تنظيراته السابقة حول “شرق أوسطيتها” و”إسلاميتها” ... المهم أن تستكمل الصفقة مع الاتحاد الأوروبي شروطها، وأن تستكمل انقرة قبض الثمن.

خلاصة القول، أننا في لحظة “الاستقطاب” التاريخي، نقرر عن سبق الترصد والإصرار، تطليق عقولنا، فنهتف لبوتين زعيماً للمقاومين والممانعين، من دون أن يعرف هو ذلك أو يقر به ... ونرفع أردوغان إلى مرتبة السلطان و”خامس الخلفاء الراشدين” من دون أن نستشيره فيما إذا كان موافقاً على تجسيد هذا الدور أو تحمل تلك المسؤولية.

ها نحن على ضفتي الانقسام الإقليمي، نُصفع من جديد، فتسقط أوهامنا الواحد تلو الاخر ... ها نحن نصطدم بالحقائق المرة للمرة الألف من دون أن نتعلم درساً واحداً ... والمؤكد أن مقالة كهذه، ستثير موجة من التعليقات الغاضبة، من الجانبين، خصوصاً الذين قرروا تطليق عقولهم، والارتهان للعبة المحاور والمعسكرات المذهبية والطائفية والدينية المختلفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام متبددة أوهام متبددة



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon