توقيت القاهرة المحلي 06:10:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإرهاب يضرب عاصمة أوروبا و«الناتو»

  مصر اليوم -

الإرهاب يضرب عاصمة أوروبا و«الناتو»

بقلم عريب الرنتاوي

الإرهاب يضرب في عاصمة الاتحاد الأوروبي ومقر حلف شمال الأطلسي، يضرب بقسوة وضد أهداف ليست “رخوة” بحال من الأحوال: المطار ومحطة القطارات التي ينطلق منها الذاهبون والعائدون إلى مقرات الاتحاد ومجمعاته الرئيسة ... أجواء حرب واستنفار، جثث وأشلاء وحطام، وإنذارات بإخلاء مواقع استراتيجية كالمفاعل النووي ... ماذا ينتظر الغرب؟ ... وكم عملية من نمط باريس وبروكسيل، يحتاج الأطلسي، للخروج على سياسة الاسترضاء والتوظيف والتسويف التي اعتمدتها واشنطن في إدارة الحرب على الإرهاب؟

ونقول “الاسترضاء”، لأن الحرب على الإرهاب من منظور واشنطن، يجب أن تأخذ بالحسبان، حساسيات حلفاء واشنطن في الإقليم، وأهمها على الإطلاق، ألا تثير أية “شبهة” من أي نوع، بأن إيران أو أي من حلفائها، يمكن أن يستفيد من فراغ “داعش” و”النصرة” ... المطلوب بقاء الحرب في إطارها “الاحتوائي” إلى أن تنضج شروط إلحاق الهزيمة بنظام الأسد في دمشق وحكومة “الشيعة” في العراق ... من دون ذلك، ستنظر كل من تركيا وبعض الدول الخليجية، للحرب على “داعش” بوصفها “خدمة مجانية لـ “الهلال الشيعي”، وستضع ما يكفي من العراقيل في طريق “الناتو” وأوروبا والولايات المتحدة، لكبح جماح الحرب، وتقليص أهدافها وتخفيض سقوف توقعاتها. 

أما “التوظيف”، فقد كان واضحاَ منذ البداية ... الغرب صمت على تقدم “داعش” في الرقة والموصل، ولم يعمل على كبح جماحها، إلا بعد أن بلغت حدود أربيل وبغداد، عندها بدأت الضربات الجوية الكثيفة، وتدفق السلاح والمدربين إلى كل من بغداد وأربيل، ولكن من ضمن استراتيجية بطيئة، تستهدف “توظيف” الخطر الذي تمثله “داعش” للإطاحة بحكومة المالكي ابتداءً، ولاحقاً لفرض شروط الحرب والحل والتسوية، الآن ومستقبلاً، على التحالف الشيعي الحاكم. 

الاستراتيجية ذاتها، وبصورة أشد سفوراً، اعتمدت في سوريا ... “داعش” معزولة في أقصى شمال شرق البلاد، ويمكن استنزافها بمعارك جزئية تخوضها وحدات الحماية الكردية، حتى وإن تطلب الحسم، عاماً أو عامين إضافيين، فيما تُستثنى النصرة من “بنك أهداف” طيران التحالف، ويترك لها العنان للتعاون مع منظمات جهادية وإجرامية أخرى، كأحرار الشام وجيش الإسلام، بل ويجري تحت الضغط التركي والسعودي، “تعويم” هاتين الحركتين، ويُعين أحد قادة جيش الإسلام، كبيراً للمفاوضين في جنيف ... القصة معروفة هنا تماماً: هذه التنظيمات يمكن أن تخدم هدف استنزاف النظام وحلفائه، ومن غير المناسب اجتثاثهما قبل إنجاز المهمة، وبقية القصة معروفة تماماً. 

بعد تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا، ووصول داعش إلى عواصم الغرب الأوروبي، ظننا كما كثيرون، بأن واشنطن مدفوعة بحساب الأمن والاستقرار الأوروبي، ستكثف عملياتها ضد الإرهاب، وتوسع التحالف الدولي الذي يخوض الحرب ضدها ... لكننا فوجئنا بالأمس، بـ “كشف الحساب” التفصيلي الذي قدمته وزارة الدفاع الروسية، والذي يظهر حجم المماطلة الأمريكية في فرض الرقابة على التهدئة ووقف إطلاق النار، وعدم تجاوبها مع المطلب الروسي القاضي بضرب الخارجين عن الإجماع الدولي، المتحالفين مع النصرة في الريف الشمالي والشمالي الغربي، وبدرجة أقل مع “داعش” في بعض أماكن انتشارها السوري. 

خلاصة القول، لا تريد واشنطن للحرب على الإرهاب أن تضع أوزارها، قبل أن تنجز أجندة “حرب الاستنزاف” في الإقليم ضد خصومها، وإرضاءً لبعض حلفائها ... ولهذا رأينا كيف سارت الحرب على الإرهاب، خلال الأشهر العشرين الفائتة، بوتائر متباطئة، وكيف أمكن للتنظيم أن يعيد انتشاره في عدد من دول المنطقة والعواصم الأوروبية، بدلالة جريمتي باريس وبروكسيل الإرهابيتين. 

المؤسف أن أوروبا التي تحولت إلى ساحة من ساحات الحرب على الإرهاب، لا تمتلك وحدها القدرة على حسم الحرب خارج حدودها، بل وأظهرت عجزاً عن حفظ أمنها الداخلي، وسياساتها الخارجية والدفاعية، تكاد تتسم بـ “الاعتمادية” الكاملة على الولايات المتحدة، بل أن بعض دول القارة الكبرى، أظهرت تماثلاً عجيباً مع المواقف والسياسات الأمريكية، وأحياناً كانت أكثر تشدداً في ملفات المنطقة من واشنطن ذاتها (فرنسا نموذجاً)، وإلى أن يتبلور موقف أمريكي حاسم وحازم حيال هذه المسألة (إن تبلور ذات يوم)، فإنه سيتعين على أوروبا أن تدفع فواتير اللجوء الكثيف والإرهاب العابر للقارات. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب يضرب عاصمة أوروبا و«الناتو» الإرهاب يضرب عاصمة أوروبا و«الناتو»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:09 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة
  مصر اليوم - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 09:24 2023 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى إبراهيم تكشف كيف تظهر بصحة جيدة رغم محاربتها المرض

GMT 11:00 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات العبايات الأنيقة والعصرية هذا العام

GMT 08:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

روتين ضروري قبل النوم للحفاظ على نضارة البشرة

GMT 07:12 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور يعلق على رسالة طارق حامد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon