توقيت القاهرة المحلي 21:03:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب المنسية في اليمن

  مصر اليوم -

الحرب المنسية في اليمن

عريب الرنتاوي

التقارير الأممية والإنسانية حول اليمن، تدعو للفزع ... أكثر من ثمانين بالمائة من السكان يشكون شطف العيش جراء الحرب والقصف والحصار المحكم، جواً وبراً وبحراً ... أكثر من نصف اليمنيين، يفتقرون للمياه الصالحة للشرب ... ألوف القتلى وأضعافهم من الجرحى، وملايين المشردين داخل وطنهم ... الأمم المتحدة تعلن “الاستنفار” من الدرجة الثالثة، وهي بالمناسبة أعلى حالات الاستنفار وتشمل أربع دول في العالم فقط، ثلاث منها عربية (العراق، سوريا والآن اليمن) فضلاً عن جنوب السودان، لكن لا من مغيث. الطرق، الجسور، المدارس، الجامعات، المستشفيات، المرافق العامة والدوائر الحكومية، جميعها باتت أهدافاً للضربات الجوية، بعد أن استنفد بنك الأهداف محتوياته، وضُرب الهدف الواحد، مراراً وتكراراً ... المائة وخمسة أيام، تتسبب بكارثة إنسانية، مسكوت عنها، لحسابات أو قل، لمخاوف سياسية، فلا أحد يريد أن يغضب أحدا ... والعالم الغربي “الحر” منفصم ومنافق، لا يكف عن استنكار “براميل” النظام السوري، ويلزم صمت قبور حيال واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية، بشهادة التقارير الأممية. كل هذه العذابات والآلام، تلقى على رؤوس اليمنيين من دون تمييز، لأنهم شعب يعتز باستقلاليته وكبريائه، ملّ أن يكون تابعاً أو حديقة خلفية لأحد، قريباً كان أم بعيداً ... كل هذه الانتهاكات البشعة لحقوق الانسان اليمني، تقترف على أمل أن ترتفع ذات صباح الرايات البيضاء على أسطح المنازل في صنعاء وتعز وصعد وعدن، لكن هذا لم يحصل طوال مائة وخمسة أيام الحرب العبثية في اليمن، وهيهات أن يحصل في قادماتها. والمؤسف حقاً، أن الإعلام العربي الذي استقر في “سوق النخاسة السوداء”، لا يولي اهتماماً بفصول هذه الكارثة وضحاياها، تركيزه منصرف لتمجيد “انتصارات”، وإظهار تجليات “يقظة العرب” من بين ركام الخرائب وأشلاء الضحايا ... إنها وصمة عار على جبين منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني والمثقفين ووسائل الإعلام العربية، التي ترى شعباً شقيقاً آخر يُساق إلى المقصلة، ويقف صامتاً متفرجاً، بل ومتشفياً أحيانا. حتى التراث الحضاري والتاريخي لليمن، أصل العرب وموطنهم الأصلي، يدك بالمدافع والصواريخ، ولولا تعبيرات خجولة، صدرت عن اليونسكو من دون أثر يذكر، لمر تدمير صنعاء القديمة وشيبام مرور الكرام، مع أن “المجتمع الدولي” أقام الدنيا ولم يقعدها عند تفجير تماثيل “باميان” على سبيل المثال ... إنها المعايير المزدوجة والنفاق الدولي، الذي يصمت ويتواطأ عن قتل شعب وتجويع أطفال وتشريد نساء وتدمير حضارة وتراث إنساني، كرمى لعيون الصفقات الفلكية في النفط والسلاح والمفاعلات النووية... إنها حالة الخنوع التي تعيشها حكومات ونظم سياسية عربية، للأسباب ذاتها، لكأن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وقواعد الإخوة القومية، ليس مطلوباً إلا على الفقراء فقط، أما الأغنياء، فلهم أن يدوسوا هذا القانون وتلك القواعد بـ “بساطير” جندهم. مع أن اليمنيين، لم يقصروا مع إخوانهم العرب يوماً، فصنعاء كما عدن، كانتا حاضنتين دافئتين لفصائل العمل الوطني الفلسطيني، والشعب اليمني، قدم التضحيات التي لا تنكر في ميادين الصراع العربي – الإسرائيلي، والشوارع اليمنية، لم تهدأ يوماً، نصرة وتضامناً مع القضايا العربية العادلة. والمؤسف حقاً، أن بعضاً من اليمنيين أنفسهم، لا يبالون بالكارثة المحدقة بأبناء جلدتهم ... يماطلون في القبول بالتهدئة والهدنة الإنسانية، يفاخرون بأنهم من أصدر قرار الحرب وعطّل مشاريع الهدنة غير الممهورة بـ “خاتمهم”، ونحن نعرف أنهم يكذبون ... ويدخلون شهر رمضان المبارك، من دون أن ترف جفونهم على مصائر الأطفال والنساء والمفقرين في وطنهم ... هؤلاء لا يستحقون أن يحكموا هذه البلاد ولا أن يسوسوا أبناءها. نأمل ألا يأتي يوم الجمعة المقبل، قبل أن تكون الأطراف ذات الصلة، قد “خجلت” من نفسها وعلى نفسها، وسمحت لليمنيين بقضاء ما تبقى من الشهر الفضيل وأيام العيد، براحة وسلام، إن كان لليمنيين من راحة وسلام ... وبئساً للسلطة والمغانم والكراسي، إن كان الوصول إليها أو الاحتفاظ بها، يوجب إشعال حروب بائسة من هذا النوع، وقودها الناس والحجارة. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب المنسية في اليمن الحرب المنسية في اليمن



GMT 11:06 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لا للعفو العام.. نعم لسيادة القانون

GMT 07:41 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سيدة الأعوام

GMT 07:40 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

رجال ومنعطفات وبصمات

GMT 07:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... نكران المأساة واللهو السياسي

GMT 07:38 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... دبسٌ وهمسٌ

GMT 07:37 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

إنه عالم... تسريبات وتسريبات ثم تسريبات

GMT 07:35 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

العلم حين تقتله الأيديولوجيا

GMT 07:32 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

رئاسة ترامب.. توقعات عام 2025

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ
  مصر اليوم - أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 09:29 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام
  مصر اليوم - وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام

GMT 10:26 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد
  مصر اليوم - نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد

GMT 13:14 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمود عزب ضيفًا على برنامج "بالألوان الطبيعية" الخميس

GMT 19:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إذاعة الجزء الأول من "كابتن أنوش" الخميس على MBC مصر

GMT 07:49 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن أسباب اعتذار المخرج أحمد خالد أمين عن "آخرة صبري"

GMT 05:36 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات عبر الانترنت

GMT 10:39 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

كايلي جينر تظهر جسدها في بدلة بيضاء جريئة

GMT 19:23 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

يوفنتوس وأرسنال يصارعان ريال مدريد لخطف أريزابالاغا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon