توقيت القاهرة المحلي 09:51:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهدنة في اليمن: لماذا انهارت قبل أن تبدأ؟

  مصر اليوم -

الهدنة في اليمن لماذا انهارت قبل أن تبدأ

عريب الرنتاوي

الهدنة الثالثة في اليمن لم تصمد طويلاً، بل يمكن القول إنها لم تبدأ لكي تنهار، والسبب في ذلك يعود لكونها خطوة ليست توافقية، لم يجر بشأنها حوار أو تفاوض للتقريب ما بين وجهات نظر ومصالح الأطرافالمختلفة، والأرجح أن هدنة مقترحة من جانب واحد، ستلقى مصيراً مشابهاً لهذه.

التحالف العربي بقيادة السعودية، أراد للهدنة أن تأخذ صورة “المكرمة”، ونسبها إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، لدعم موقعه ومكانته في أوساط اليمنيين المكتوين بنيران الضربات الجوية والصاروخية، وهي أعقبت مجزرة مروعة، راح ضحيتها عشرات القتلى المدنيين وضعفهم من الجرحى ... لكن العامل الرئيس وراء عرض الهدنة كما تكشف فيما بعد، إنما يتمثل في حاجة التحالف لبعض الوقت والهدوء، لترتيب أوضاعه في “عدن المحررة”، وتنسيق العلاقة ما بين مختلف المكونات المؤتلفة التي دخلت المدينة، والتي تراوح ما بين سلفية جهادية ووحدات الجيش المؤيدة لهادي مروراً بجماعات إخوانية وقبلية يمنية مختلفة، فضلاً بالطبع عن جماعات الحراك الجنوبي.

وكانت أنباء تحدثت عن وجود خلافات عميقة ما بين فصائل الحراك من جهة، وبعض المكونات الأخرى المنضوية تحت راية الائتلاف من جهة ثانية... للحراك مشروعه الانفصالي الذي لا تخفى مراميه على أحد، وهو يريد استعادة دولة الجنوب من جديد، مشروعٌ ترفضه مكونات عديدة من إسلامية وغيرها، خصوصاً جماعة هادي الذي خرج من صنعاء رئيساً لليمن الموحد، ولا يريد العودة لليمن رئيساً على جزء منه فقط.

التحالف أرادها هدنة في عدن أساساً، لذلك واصل عملياته العسكرية في مختلف مناطق اليمن الأخرى، لكأن الهدنة لا تعنيها ولا تشملها ... فيما قوات صالح والحوثيين، المدركة لمرامي الهدنة، والمأخوذة على ما يبدو، بـ “صدمة عدن”، لم تر في الهدنة سوى مدخل لإحكام قبضة خصومها على عاصمة الجنوب، فواصلت عملياتها الحربية كأن الهدنة لا تعنيهم، مع أنهم أحوج ما يكونون إليها، سيما بعد تواتر المعلومات التي تتحدث عن “تخلي” قوات الرئيس صالح وحرسه الجمهوري ، عن عدن، من ضمن صفقة أبرمها من خلال نجله العقيد أحمد، بوساطة إماراتية، مع السعودية، تقتضي من ضمن ما تقتضي، تيسير “استرجاع” عدن، نظير ضمانات وتعهدات له ولوالده ولحفنة من كبار مسؤولي النظام القديم.

وربما تفسر أخبار “الصفقة” التي لم تتضح كامل معالمها بعد، هذا الحضور الإماراتي الكثيف في معركة عدن، سواء عبر الدعم الجوي أو من خلال نشر وحدات على الأرض في بعض المواقع الحساسة والاستراتيجية، وتوليها مباشرة مسؤولية “تأهيل” مطار عدن الدولي لاستقبال الطائرات المدنية والعسكرية على حد سواء.

والخلاصة التي يمكن الخروج بها من تجربة “الهدنة المجهضة”، يمكن تلخصيها بنقطتين اثنتين: الأولى، أن فرص نجاح أية هدنة من جانب واحد، تبدو مستحيلة، فالهدنة أما أن تكون توافقية أو لا تكون ... والثانية، أن الهدنة إن لم ترتبط بإطلاق عملية سياسية، تستهدف الوصول إلى حل شامل للأزمة اليمنية، ستظل في أحسن حالاتها، محدودة في زمانها ومكانها، وقابلة للانهيار عند أول منعطف.

على أية حال، توفر مرحلة “ما بعد عدن” فرصة للذهاب إلى الهدنة والتسوية، أفضل من أي وقت مضى ... وبمقدور الدبلوماسية اليوم، أن تبني على “التوازن الجديد” للقوى، قاعدة حل سياسي، تبدو عناصره الرئيسة معروفة للجميع: اليمن لا يحكم من طرف واحد ولا على حساب أي طرف من الأطراف، واليمن التعددي، لا يمكن حفظ وحدته وسيادته، من دون أن يكون ديمقراطياً وفيدرالياً، واليمن الجديد يجب أن يحتفظ بمسافة عن المراكز الإقليمية المصطرعة، فلا يكون ساحة لفرض النفوذ الإيراني، ولا ساحة خلفية للسعودية، وفي كل الأحوال، ومن ضمن أسوأ سيناريو، يجب أن تنخرط هذه المراكز التي كانت جزءاً من مشكلة اليمن، أن تكون جزءاً في عملية البحث عن حل لأزمته المستعصية التي ينذر استمرارها وتفاقهما،بأوخم العواقب، لا على اليمن وحده، بل وعلى الإقليم برمته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهدنة في اليمن لماذا انهارت قبل أن تبدأ الهدنة في اليمن لماذا انهارت قبل أن تبدأ



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon