توقيت القاهرة المحلي 21:03:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف؟!

  مصر اليوم -

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف

عريب الرنتاوي

هل تذكرون “موسم محاربة التطرف” الذي ازدهر وراجت أنشطته بعد استشهاد الطيار معاذ الكساسبة؟ ... يومها لم تبق مؤسسة مدنية أو حزب سياسي أو جمعية خيرية أو جامعة، إلا ونظمت “نشاطاً ما” تحت هذا العنوان ... المتحدثون أنفسهم طافوا على عدة قاعات، وأحيانا أمام نفس الجمهور، يشرحون ويحللون ويوصون ويتوعدون ... يومها لم تبق صحيفة أو موقع الكتروني أو زاوية وعامود، برنامج أو نشرة أخبار، إلا وأسهم بقسطه في قتل الموضوع بحثاً وتمحيصاً وتحليلا.

لقد وقع ما سبق أن كنا وغيرنا، قد حذرنا منه: أن تنتهي “فزعة” محاربة التطرف ونعود لمزاولة يومياتنا بعد حين قصير من الوقت ... هذا ما يحدث الآن، بالضبط، فالموضوع انطوى على عجل، لتنتقل مئات وألوف الصفحات المدبجة حوله، إلى غياهب الأرشيف الوطني ... سيل المقترحات والأفكار والتوصيات، صبّ في ذات “الهوة السحيقة” التي انتهت في قعرها عشرات التوصيات والمبادرات والمشاريع الإصلاحية، بانتظار حدثٍ جلل آخر، وفزعة جديدة وموسم جديد... لقد بددنا “الفرصة” التي وفرها “تحدي” الشهادة، من دون أن نشق طريقاً مغايراً، لكأننا نسعى بأقدامنا لدخول عالم “جينيس” في تبديد الفرص وعدم التقاطها والبناء عليها.

حتى أننا نكاد نجزم اليوم، بأن كثيرا من السياسات والممارسات والإجراءات المتخذة والمتبعة مؤخراً، إنما بدأت تصب في عكس ما صبونا إليه، ونحن نتابع الحملات  المتوعدة باستئصال شأفة الظاهرة وتجفيف منابعها، ومطاردة أفكارها ومراميها الظلامية، مع أن مبررات تفعيل استراتيجية وطنية شاملة لمحاربة التطرف والغلو، تزداد حضوراً وإلحاحية، على وقع تفاقم التهديدات التي تحيط بنا من جهاتنا الخمس، وبالذات، أشدها خطورة: “جهة الداخل”.

أمس، وأمس الأول، تابعنا الجدل الذي أثاره “مهرجان خطابي” لداعية سعودي في إربد ... عشرون ألفاً أو يزيد، زحفوا من كل فجّ عميق، للإصغاء لما يقوله الرجل ... مثل هذا الحشد، تعجز أية جهة منظمة في الأردن عن توفيره، بمن فيها جماعة الإخوان المسلمين، التي درجنا على القول، بأنها أكبر الأحزاب وأكثرها تجذراً في البيئة الشعبية الأردنية ... ولست أبالغ إن قلت إنه من دون أن تقدم الدولة الأردنية على تعطيل المدارس والمؤسسات الحكومية، وإلزام العاملين فيها على المشاركة، تحت سيف الحضور والغياب، فلن يكون بمقدورها توفير حشد مماثل لأي نشاط تدعو إليه ... الظاهرة مقلقة ومثيرة للتساؤل.

مصدر القلق، ينبع من عدة أسباب، ويؤشر لعدة ظواهر ... فنحن أولاً، نتحدث عن خطيب لا يمكن احتسابه في أحسن التقييمات وأكثرها “إيجابية” على خط التنوير والاعتدال والوسطية في خطاب الحركات الإسلامية، الرجل ينتمي لمدرسة سلفية، لا تفصلها عن الجماعات التي تحاربنا ونحاربها، سوى خطوة واحدة ... والرجل يحمل أفكاراً اجتماعية، مسيئة للآخر في الوطن، دينياً ومذهبياً، وللنساء بشكل خاص ... والرجل يحتفظ بإرث يمجد جماعات “الجهاد العالمي” من أسامة بن لادن ومن والاه بإحسان أو غير إحسان إلى يومنا هذا، دع عنك زحمة الأساطير والخرافات التي لا يقبلها عقل ولا منطق.

ونحن ثانياً، نستشعر حالة الفراغ والتيه والضياع، التي يعيشها مواطن هذا البلد، حتى إن جاءها أحدٌ بقليل من الفصاحة والبيان، الممزوج ببعض “الكاريزما” و”النجومية”، اندلق إليه غير لاوٍ على شيء ... مع أننا بلد منفتح على حد مقبول من الحريات والتعددية، ولدينا حياة سياسية وبرلمانية وحزبية ومجتمع مدني ونخب حديثة ومثقفين ووسائل إعلام، وكل ما يلزم “الدولة الحديثة” من أدوات ووسائل و”عدة وكرستا”.

ونحن ثالثاً، تأخذنا الدهشة فتُعجزنا عن الفهم، فالسلطات التي توقف شيخاً أزهريا لثلاث ساعات في المطار، وتعيد مفكراً إسلامياً أنجز أوسع وأعمق المراجعات في تجربة العنف الإسلامي الحركي من المطار إلى بلده، بعد ليلة كاملة في الحجز، تستقبل بذراعين مفتوحين، خطيباً آخر، الأصل أن مشروع محاربة التطرف، إنما يتعلق في مبتدئه وخبره، بتفنيد أفكاره ودعاواه.

تأخذنا الدهشة إذ نرى السلطات تمنع إفطاراً رمضانياً لجماعة الإخوان، وتحظر على جمعية للعفاف أن تقيم نشاطاً، فيما تتجند أجهزتها وأذرعها لمواكبة مسلسل المهرجانات والخطابات، من الملعب البلدي إلى “المولات”؟!، من دون جدوى أو نجاح يذكر.

نحن فعلاً كما قال الزميل محمد داودية في مقالة له بالأمس، هزمنا أمام “متطرف واحد” ...أربعة آلاف جمعية ومنظمة غير حكومية و36 حزباً سياسياً و150 نائباً منتخباً، نعجز عن تنظيم لقاء يضم أكثر من بضعة عشرات أو مئات من المواطنين ... أمس كنت أقرأ تقريراً إجمالياً عن12 ورشة عمل في محافظات المملكة الـ “12”، إجمالي الحضور فيها جميعها، لم يصل إلى الألف مشارك ومشاركة، تلقى كل واحد أو واحدة منهم، دعوة شخصية مباشر، بالهاتف والإيميلو”الواتس أب”، فيما تضيق الطرقات والشوارع بجمهور المتعطشين للقاء الداعية ومن دون دعوة أو اتصال، وتعجز الشرطة ودائرة السير والبلدية، عن تنظيم تدفق الطوفان البشري ... ظاهرة تستحق التوقف، وتقرع ألف ناقوس وتضيء أكثر من ضوء أحمر في مكاتب صنع القرار و”غرف العمليات”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف بعد أن انتهى «موسم» محاربة التطرف



GMT 11:06 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لا للعفو العام.. نعم لسيادة القانون

GMT 07:41 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سيدة الأعوام

GMT 07:40 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

رجال ومنعطفات وبصمات

GMT 07:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... نكران المأساة واللهو السياسي

GMT 07:38 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... دبسٌ وهمسٌ

GMT 07:37 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

إنه عالم... تسريبات وتسريبات ثم تسريبات

GMT 07:35 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

العلم حين تقتله الأيديولوجيا

GMT 07:32 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

رئاسة ترامب.. توقعات عام 2025

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ
  مصر اليوم - أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 09:29 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام
  مصر اليوم - وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام

GMT 10:26 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد
  مصر اليوم - نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد

GMT 13:14 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمود عزب ضيفًا على برنامج "بالألوان الطبيعية" الخميس

GMT 19:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إذاعة الجزء الأول من "كابتن أنوش" الخميس على MBC مصر

GMT 07:49 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن أسباب اعتذار المخرج أحمد خالد أمين عن "آخرة صبري"

GMT 05:36 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات عبر الانترنت

GMT 10:39 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

كايلي جينر تظهر جسدها في بدلة بيضاء جريئة

GMT 19:23 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

يوفنتوس وأرسنال يصارعان ريال مدريد لخطف أريزابالاغا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon