توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفجيرات غزة تهز المصالحة وإعادة الإعمار ورفع الحصار

  مصر اليوم -

تفجيرات غزة تهز المصالحة وإعادة الإعمار ورفع الحصار

عريب الرنتاوي

ليست غزة وحدها من استيقظ على هول التفجيرات المتزامنة، التي استهدفت قادة فتح ومنصة الاحتفال بعشرية استشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ... فعلى وقع هذه التفجيرات، اهتزت المصالحة الهشة والإعمار الذي لم يبدأ والحصار الذي لم يرفع، وخيّمت على الفلسطينيين في الداخل والخارج، مناخات الكآبة والإحباط، وهم الذين شخصت عيونهم صوب أولى القبلتين وثالث الحرمين، صوب زهرة المدائن، التي تتعرض للتدنيس والتهويد و”الأسرلة” المتسارعة.
هي جريمة منظمة، خططت في ليل بهيم ... ليست فعلاً فردياً ولا معزولاً بحال من الأحوال، ولا هي فعلة لجماعة من الهواة ... فان توزع الموت على خمسة عشر موقعاً، وأن تختص بقادة فتح ومنصة تخليد مؤسسها، فهذا يعني أن ثمة أجندة سياسية مشبوهة تماماً، تقف وراء الفعلة والفاعلين، وثمة أدوات وقدرات تتخطى حدود الأفراد والهواة.
قل لي من هم المستفيدون من الجريمة، أقول لك من هم المرتكبون؟، هذا صحيح... لكن الصحيح كذلك، أن ليس كل مستفيد من الجريمة متورط بها، إيعازاً وتخطيطاً وتمويلاً وتدريباً وتنفيذا ... وفي قائمة المستفيدين، تقف إسرائيل في مقدمة اللائحة، فهي تجاهر برفضها للمصالحة وتعطيلها لإعادة الإعمار، ولا تألوا جهداً لإدامة الحصار والخنق للقطاع الأسير.
وفي لائحة المستفيدين، تقف حركات سلفية جهادية، من طراز “داعش” ودولتها وأخواتها... هذه القوى، لا تنتعش إلا في مناخات الفوضى والفلتان والاحتراب الأهلي وغياب الدولة المركزية وانهيار مؤسساتها... وفي غزة، ثمة جيوب لهذه الجماعات، وهي وإن كانت ذات صوت مرتفع، إلا أنها في القطاع تحديداً، ما زالت تحت الرقابة والسيطرة، بدلالة قدرة أمن حماس على “ضبضبة” نشطاء هذه الحركات، وقتلهم في مساجدهم إن اقتضت الضرورة، وفي لمح البصر.
في لائحة المستفيدين أيضاً، جماعة محسوبة على المسؤول الفلسطيني المنشق محمد دحلان، وهو سبق وأن قاد جهازاً أمنياً قويا في غزة، انهار كالبناء الكرتوني عند أول هجمات لمقاتلي حماس في صيف 2007، ويقال إن له امتدادات هناك، بل ويحتفظ بروابط مفتوحة مع حركة حماس التي تسعى في توظيفه كورقة في صراعها مع فتح والسلطة والرئيس عباس، أما كيف تستفيد هذه الجماعة من تعطيل المصالحة، فثمة من يقول إنها الطريق الأقصر لهؤلاء لمد جسور العودة إلى القطاع، وبدعم استخباراتي مصري وإماراتي ليس خافياً على أحد.
في لائحة المستفيدين كذلك، يندرج تيار من داخل حماس، عارض المصالحة ابتداءً، ورفض عودة السلطة بأجهزتها المختلفة، ويبدي “تبرماً” واضحاً حيال مشاريع إعادة الإعمار ورفع الحصار، المثقلة بشروط غير مواتية لحماس، والمفضية حتماً، إلى تقليص سطوة حماس وسيطرتها على القطاع ... هذا التيار، سبق له وأن أسقط اتفاق الدوحة (إن كنتم تذكرون)، برغم توقيع رئيس حماس عليه، وهذا التيار، ما زال يحتفظ بخيوط اتصاله وتواصله مع حلفاء حماس السابقين، من أركان معسكر “المقاومة والممانعة”، وهو ربما ليس مقتنعاً بكل التحولات السياسية والتكتيكية التي تبديها قيادة الحركة في الخارج وبعض رموزها في الضفة والقطاع على حد سواء.
إن من أسهل الأمور، إلقاء تبعات موجة التفجيرات على إسرائيل، فإسرائيل عدوة ولها مصلحة، وهي معتادة على هذا النوع من الجرائم ... كما أن من السهل اتهام “الدولة الإسلامية” التي أعلن “أسودها” مسؤوليتهم عن الفعل الإرهابي، مع أن أحداً لم يأخذ هذا البيان على محمل الجد ... ويحتاج محمد الدحلان لأن يكون “سوبرمان” لكي يكون قادراً على تنفيذ هذه التفجيرات المتزامنة، فيما جماعته تخضع لفحص دقيق من قبل حماس وأجهزتها، وتُعَامل على أنها “تهديد داهم” من قبل حركة فتح وبقايا أجهزة السلطة في القطاع.
ومن دون إسقاط أي من هذه السيناريوهات الثلاثة، يبقى السيناريو الرابع والأخير، وهو أن “أحداً ما” من داخل حماس، ومن دون قرار سياسي عن المستوى السياسي لحماس، قد “اجتهد” في تنفيذ هذه الفعلة النكراء، التي بدا واضحاً أنها لا تريد قتل قادة فتح، بل إرهابهم، ولا تريد إلحاق الكارثة بالمناطق المستهدفة، بل منع الاحتفال بعشرية الشهادة، شهادة ياسر عرفات، سيما وأن في ذاكرة هذا التيار، طوفان الزحف الجماهيري الذي رافق مهرجان انطلاقة فتح عام 2013 في غزة، والتي كانت بمثابة استفتاء لحماس وتصويت ضد حماس في القطاع.
حماس كحركة وحكومة، ليس لها مصلحة في التفجير، وهي معنية برفع الحصار وإعادة الإعمار، حتى لا تواجه بغضب الناس وسخطهم، وهي معنية بـ “درجة معينة” من المصالحة، أقله لتسهيل رفع الحصار والخروج من شرنقته المؤذية ... لكن حماس، كما بقية الفصائل الفلسطينية، أو معظمها على الأقل، ليست على قلب رجل واحد.
على أية حال، ما جرى أمر جلل وكارثي، ومن دون تحقيق شفاف، فوري وسريع، ومن قبل لجنة موثوقة ومحايدة، لن تهدأ النفوس ... ونقول تحقيق ينتهي إلى نتائج، لا تحقيق يضاف إلى سلسلة التحقيقات المعروفة نتائجها سلفاً ... فمن أقدم على هذه الفعلة النكراء، سيقدم على غيرها، وليس مستبعداً أن تكون ضربته التالية، قاتلة ومدمرة ... ربما أراد في البدء، توجيه رسالة مدوية لمنع المصالحة وعودة السلطة واحتفالات فتح وأنصارها ... ولكن من يدري كيف سيكون سلوك هؤلاء، ومن يقف وراءهم ومن يوجههم، في قادمات الأيام.
هي مصلحة لحماس، قبل أن تكون مصلحة لفتح، البدء من دون إبطاء في إجراء تحقيق وطني شفاف ونزيه، فوري وعاجل، وإلقاء القبض على الفاعلين، أياً كانت مواقعهم ومستوياتهم، وتقديمهم للقضاء، وإلا تحولت تفجيرات غزة، إلى مثلث برمودا، القادر على ابتلاع المصالحة وإعادة الإعمار ورفع الحصار، بل والعودة بعقارب الساعة إلى صيف 2007.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفجيرات غزة تهز المصالحة وإعادة الإعمار ورفع الحصار تفجيرات غزة تهز المصالحة وإعادة الإعمار ورفع الحصار



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon