توقيت القاهرة المحلي 04:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطــوة فــي مسيرة الألف ميل

  مصر اليوم -

خطــوة فــي مسيرة الألف ميل

عريب الرنتاوي

الخلافات بين الأطراف المنخرطة في “مسار فيينا” لم تمنعها من التوصل إلى اتفاق حول “خريطة طريق” لحل سياسي للأزمة السورية ... تبدأ بوقف لإطلاق النار مدعوم بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وتمر بتشكيل حكومة بصلاحيات واسعة، ولا تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، تلتئم بعد إقرار دستور توافقي جديد للبلاد ... أما القضية الكبرى المتصلة بمستقبل الرئيس الأسد ومصير دوره الخاص في “الانتقال وما بعده”، فقد ظلت رهينة المفاوضات اللاحقة التي ستقرر نتائجها توازنات الميدان كما قال جون كيري نفسه.

من يتأمل مفاصل “خريطة الطريق” الجديدة، يجد أنها تكاد تتطابق مع “الورقة الروسية” التي قيل إن موسكو عرضتها على “الشركاء” في الأمم المتحدة، وصدرت بشأنها تصريحات رافضة ومنددة عديدة ... كما أنها (خريطة الطريق) تأخذ من مبادرة إيران ذات البنود الأربعة، ثلاثة بنود على الأقل، من وقف النار وإجراءات بناء الثقة، إلى الدستور الجديد والانتخابات المبكرة، رئاسية وبرلمانية.

في الظاهر، يبدو أن الخلاف الرئيس الذي يباعد ما بين مختلف الأطراف، إنما يتمركز حول “شخص” الأسد ومستقبله ودوره ... وهذا أمر صحيح بالنسبة للأطراف التي تورطت في “شخصنة” الصراع، وهي بالأساس أطراف عربية  وبدرجة أقل تركيا – أردوغان ... لكن بالنسبة للاعبين الدوليين فإن الخلاف على الأسد، يخفي وراءه خلافات حول المصالح والأولويات ... وسوف يتضح ذلك، عند الشروع في “فرز” القوى المسلحة ما بين إرهابية وغير إرهابية، واستعراض قوائم المرشحين للانضمام إلى وفد المعارضة الذي من المفترض أن يشرع في حوارات مع وفد النظام، قبل نهاية العام الحالي وفقاً لخريطة الطريق المذكورة.

روسيا قدمت قوائمها، التي يغلب عليها اللون “الموالي” للنظام ... بعض الأسماء المدرجة عليها، يصعب توصيفها بالمعارضة، بل أن بعض عناصرها هم وزراء في الحكومة السورية الحالية ... مصر لها قوائمها المستمدة من لائحة المشاركين في مؤتمر القاهرة ... بين القائمتين الروسية والمصرية، ثمة قاسم مشترك: استبعاد الحركات الإسلامية، بمن فيها المعتدلة، وبالأخص الإخوان المسلمين، وهذه ستكون واحدة من قضايا الخلاف بين الأطراف.

في المقابل، تدعم تركيا وقطر والسعودية، الائتلاف السوري المعارض، بمكوناته المختلفة، بمن فيها – أو بالأخص – الإخوان المسلمين ... وهي طالما سعت في تكريسه ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السورية، أو أقله للمعارضة السورية، لكن هذا المسعى اصطدم ويصطدم بمواقف رافضة و”مستنكرة” من قبل أطراف أخرى: مصر، إيران وروسيا على سبيل المثال، فضلاً عن كون الائتلاف أخفق في البرهنة على جدارته بهذه الصفة، وعجز حتى عن تحصيل “موافقة أمنية” لرئيس حكومته بالدخول إلى الأراضي السورية “المحررة”، فعاد على عقبيه، بعد أن منعته الفصائل الإسلامية المسلحة من اجتياز الحدود بين تركيا وسوريا.

للسعودية قوائمها ولفرنسا قائمتها المختصرة، وللولايات المتحدة قائمة أكثر اختصاراً ... وإذا كانت هناك أسماء عابرة للقوائم، فإن من المرجح أن تكون بقية الأسماء الخلافية، موضع شد وجذب، مقايضات ومساوات، حتى الوصول  إلى “القائمة المشتركة” التي من المؤكد أن خلافاتها الداخلية، لن تقل خطورة واتساعاً عن خلافاتها مع وفد النظام.

أما حين تأتي لحظة الفرز بين غث الفصائل المسلحة وسمينها، وهي المهمة التي أوكل للأردن أمرُ تنسيقها والمبادرة إلى تقديم الاقتراحات بشأنها، فهنا ستندلع خلافات أعمق وأشد، فالأطراف الإقليمية استثمرت الكثير من الوقت والمال والجهد في “تسمين” هذه الفصائل، وهي رؤوس جسور لنفوذها وأدوارها في سوريا، وهيهات أن تتخلى عنها، أو أن تقبل بإدراجها على القوائم السوداء.

وستجري مقايضات ومساوات صعبة ومكلفة ... السعودية وقطر وتركيا إلى حد معين، ستسعى في إدراج حزب الله والفصائل الشيعية المختلفة واللجان الشعبية الموالية للنظام في عداد القوى الإرهابية، مقابل دفاع مستميت ستبديه هذه الأطراف، ضد إدراج أحرار الشام وجيش الإسلام، وعشرات الفصائل الإسلامية التي تحمل أسماء شبيهة في قوائم الإرهاب السوداء ... تركيا ستخوض معركة “كسر عظم” للتأكد من “فك ارتباط” وحدات الحماية الشعبية الكردية بالتحالف الدولي المناهض لداعش، باعتبارها فصيلاً إرهابياً وذراعاً لحزب العمال الكردستاني ... سيتحقق الإجماع حول تصنيف “داعش” كمنظمة إرهابية، وربما تقبل أطراف عربية وتركية على مضض، اعتبار “النصرة” كذلك، وأبعد من ذلك، ستكون هناك مواجهات وعمليات شد وجذب معقدة وصعبة.

تشكيل قوائم المفاوضين من المعارضات المختلفة، وفرز المعارضة المعتدلة عن الإرهابية، هي المهمة الأصعب التي يتعين إنجازها قبل الاجتماع المقبل لمجموعة الاتصال الدولية الخاصة بسوريا، والتي تضم الدول والمنظمات التي التأمت بالأمس في فيينا ... وأحسب أن التوافق على “الوفد المشترك” وعلى القوائم السوداء والبيضاء للفصائل المسلحة، سيكون أحد أكثر المعايير جدية، لاختبار مدى استعداد وجاهزية المجتمع الدولي بكل مكوناته الإقليمية والدولية لخوض غمار المسار السياسي لحل الأزمة السورية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطــوة فــي مسيرة الألف ميل خطــوة فــي مسيرة الألف ميل



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon