توقيت القاهرة المحلي 16:28:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيوط اللعبة إذ تفلت من بين أصابع السيد أردوغان!

  مصر اليوم -

خيوط اللعبة إذ تفلت من بين أصابع السيد أردوغان

عريب الرنتاوي

تكاد أنقرة أن تضيّع أوراقها، بل وتكاد خيوط اللعبة السورية التي امسكت بها بإحكام طوال السنوات الأربع الفائتة، أن تفلت من بين يديها ... ويوفر مقطعاً من الزمن يمتد لأربع وعشرين ساعة فقط، أفضل مثال على ما نريد قوله والانتهاء إليه.

تفجيرات أنقرة، الأعنف والأكثر دموية في تاريخ تركيا الحديث، تشير التحقيقات الأولية بشأنها، إلى وجود “بصمة داعشية” على ضحاياها الذين سقطوا بالعشرات ... السلطات التركية التي اعتادت توزيع الاتهامات يُمنة ويُسرى، وأن تنسب عثرة أية دابة تسير على الأرض التركية إلى “مؤامرة خارجية”، السلطات هذه عادت للاعتراف بهذه الحقيقة الصادمة لحكومة، قدمت لـ “داعش” ما لم يقدمه أحدٌ غيرها.

ليس هذا فحسب، بل أن السيد أردوغان، الذي “احتجب عن الصدور” ليومين أو أكثر بعد الجريمة الإرهابية النكراء، على غير عادته، عاد للإقرار بأن ثمة اختراقات داخل أجهزة حكومية، مكّنت الإرهابيين من الوصول إلى غايتهم ... هذا الاعتراف، هو بمثابة إقرار دبلوماسي ملطف، بصدقية اتهامات المعارضة، الكردية بخاصة، لـ “الدولة العميقة” ومسؤوليتها عن الجريمة النكراء.

نحن إذن، أمام انقلاب السحر على الساحر، وشهر العسل الطويل والمثمر بين أنقرة و”دولة الخلافة” انتهى على فصل مأساوي، داعش توجه انتحارييها وانغماسييها اليوم، صوب عدوٍ جديد، لم يكن ينتظر منها أن تقابل خدماته وتسهيلاته الجليلة لها، بكل هذا الجحود والنكران، والأرجح أن عملية أنقرة المزدوجة، التي لم تكن الأولى التي تتعرض لها تركيا على أيدي “مجاهدي داعش”، لن تكون الأخيرة... لكن لا بأس، لا أحد يريد أن يتعلم من دروس الآخرين وتجاربهم، الجميع مصمم على أن يدفع من جيبه الخاص، ثمن الدروس المرة المستقاة من تجربة “النوم على سرير واحد” مع جماعات من هذا النوع.

لكن أنقرة على ما يبدو، لم تتعلم الدرس كاملاً حتى الآن، هي أدركت متأخرة، أنه لا يمكنها أن تبقي داعش على لائحة الأصدقاء، بيد أنها ما زالت تخطئ في ردات أفعالها، وتختار أهدافاً ليست في مطرحها ... بعد العملية الإرهابية في العاصمة، وعشية إعلان حزب العمال الكردستاني وقف عملياته العسكرية حتى الانتخابات القادمة من جانب واحد، إلا في حالات الدفاع عن النفس، كما جاء في بيانه، شنّ الطيران الحربي التركي، أعنف الغارات على مواقع الحزب، وسجل الإعلام الحكومي سقوط خسائر جسيمة في صفوف عناصره ومقاتليه، في حين كانت الأنظار تتجه لمعرفة كيف سيكون “انتقام” الرجل والحزب والحكومة، على هذا الانتهاك الخطير، لأمن تركيا وسلامة مواطنيها.

تركيا، حكومة وحزباً حاكماً ورئيسا، تتهدد وتتوعد كل من يمس سلامة حدودها وأجوائها، توعدت سوريا وأسقطت طائراتها وقصفت مناطق في عمقها، هددت الطائرات الحربية الروسية بالويل والثبور وعظائم الأمور، حتى أن السيد أحمد داود أوغلو، تعهد بإسقاط أي “عصفور” يجرؤ على اختراق المجال الجوي التركي ... بيد أننا لا نرى تهديدات مماثلة بعد أكبر عمليتين إرهابيتين، في سروج وأنقرة، من قبل داعش، فما السر الكامن وراء كل هذا “الهدوء” الذي يميز ردات فعل أنقرة على داعش، وكل تلك الغطرسة والثرثرة التي تميز ردات فعلها على “انتهاكات” الآخرين، الأقل كلفة وأهمية؟!

يبدو أن الحزب الحاكم، والرئيس الحاكم الذي تخطى كل قواعد الدستور التركي وداسها بأقدامه، مصران على خوض معركة صناديق الاقتراع حتى النهاية، حتى لو كلف ذلك تركيا، كل هذه الخسائر الجسيمة، المنظورة والمضمرة ... ألم يقل السيد أردوغان بأنه لو تحصّل على 400 مقعد في الانتخابات الأخيرة، لما اشتدت الحاجة، لشن الحرب على حزب العمال الكردستاني (اقرأ الأكراد)، وهل تستحق المقاعد الثمانية عشرة إضافية التي يحتاجها السلطان، المقامرة بكل هذه الحيوات والأرواح والخسائر؟

على أية حال، لم يتوقف مسلسل الخسائر التركية عند هذا الحد، فكلما أوغلت الحكومة والحزب الحاكم في سياسة التصعيد والتوتير، خصوصاً مع أكراد بلادها، كلما تعززت مكانة أكراد سوريا على الساحتين الإقليمية والدولية ... أمس اضطرت وزارة الخارجية التركية، لاستدعاء سفيري روسيا والولايات المتحدة، للبحث معهما في المخاطر المترتبة على دعمهما للحزب الديمقراطي الكردستاني السوري، المعادل السوري لحزب العمال الكردستاني التركي... ولا أدري إن كانت هناك سابقة دبلوماسية من هذا النوع، وكيف صادف ان موسكو وواشنطن المصطرعتين في كل شيء وحول كل شيء، تلتقيان على هدف دعم الحركة الكردية بزعامة الحزب الديمقراطي ... بوغدانوف يلتقي زعيمه في باريس، والطائرات الأمريكية تسقط 50 طناً من السلاح لمقاتلي الحزب، دفعة أولى على الحساب فقط، ستليها دفعات أخرى، ستقدم تباعاً.

يأتي كل ذلك في الوقت الذي يشكل فيه التدخل  العسكري الروسي الكثيف في سوريا، واحداً من أسوأ كوابيس السيد أردوغان، الذي تقلصت أحلامه ومشاريعه في سوريا كثيراً، من الصلاة في المسجد الأموي في دمشق، مع الفاتحين، إلى مجرد السيطرة على منطقة آمنة محدودة في شمال سوريا ... يبدو أنه لم يعد بمقدور “السلطان أردوغان” الاستمرار حتى في الحديث عن “أضغاث أحلامه” بعد أن رفض الأوروبيون والأمريكان والعالم بأسره، أن يستمع إلى شروحاته ومبرراته، سيما بعد أن جعلت “عاصفة السوخوي” من هذه الأحلام، أثراً بعد عين.

لم يبق للسلطان الحالم في قصره الأبيض المنيف، سوى أن يتعلق بحبال الأوهام والرهانات على نتائج الانتخابات المبكرة القادمة، لعل معجزة تهبط عليه من السماء، فتعيد تجديد زعامته ... أما إن أصرّ الحظ العاثر على مصاحبته للأسابيع القليلة القادمة، فإن صفحة في تاريخ تركيا الحديث ستكون قد طويت، وستطوى معها الأحلام السلطانية، لرجل لم يترك أحدٌ مثله، منذ مصطفى كمال أتاتورك، بصماته الشخصية على تاريخ تركيا الحديث وراهنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيوط اللعبة إذ تفلت من بين أصابع السيد أردوغان خيوط اللعبة إذ تفلت من بين أصابع السيد أردوغان



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon