توقيت القاهرة المحلي 02:34:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دبلوماسية المساعدات وورقة الجاليات

  مصر اليوم -

دبلوماسية المساعدات وورقة الجاليات

عريب الرنتاوي

أحدث القرار السعودي بوقف مساعدة الأربعة مليارات دولار المقررة للجيش وقوى الأمن اللبنانية، هزة سياسية على أعلى “تدرجات ريختر”، ومن المتوقع أن تتواصل تداعياتها وتتفاعل ارتداداتها، حتى إشعار آخر.

في توضيح “المصدر السعودي” لخلفيات القرار، أن المملكة كانت تتوقع من لبنان موقفاً داعماً ومؤيداً في المحافل العربية والإسلامية والدولية، في مواجهاتها المفتوحة مع إيران، وبالأخص بعد واقعة الاعتداء على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، إثر إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر ... لكن وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل، وهو في الوقت ذاته، رئيس “التيار الوطني الحر” حليف حزب الله، آثر “النأي بالنفس”، والامتناع عن مجاراة الموقف السعودي، بالنظر لحساسية المسألة في لبنان المنقسم على نفسه وذي التركيبة الطائفية والمذهبية، شديدة الحساسية.

مثل هذا الموقف كان يمكن للسعودية أن تقبله وتتفهمه في أزمنة سابقة، وهي كانت قد قررت المنحة زمن حكومة نجيب ميقاتي، التي أسميت حكومة حزب الله، بيد أنها في زمن “الحزم وعواصفه”، أخذت تعمل بقاعدة “من ليس معنا فهو ضدنا”، وهكذا جرى تصنيف الموقف اللبناني كموقف عدائي للمملكة، سيما وأن سلوك الوزير باسيل، تزامن مع حملة انتقادات للسعودية، هي الأعنف من نوعها، شنها حزب الله وحلفاؤه، ضد السياسات السعودية في المنطقة عموماً، وفي اليمن وسوريا على وجه الخصوص.

اللبنانيون كدأبهم دوماً، انقسموا في قراءة في القرار السعودي ... فريق منهم، سارع كما هو متوقع، لتحميل حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، المسؤولية عن “العقاب” السعودي، وصدرت مواقف عن مختلف الأفرقاء في تحالف 14 آذار تصب في هذا الاتجاه .... أما الفريق الآخر، فحمل على السعودية من جديد، وعزا قرارها الأخير، إلى ضائقتها المالية والاقتصادية المتأسسة على حرب اليمن المكلفة وانخفاض أسعار النفط، من دون أن يسهى ابتداءً، عن التشكيك بجدية المساعدة السعودية من أصلها، وهي التي تقررت منذ زمن طويل، وظلت حبيسة الأدراج والمكاتب، ورهناً بالسمسرات والعمولات، كما يقول ناطقون باسم هذا الفريق.

لكن المؤسف حقاً، أن القرار السعودي بوقف المساعدات للجيش وقوى الأمن اللبنانية، لن يكون نهاية مطاف “العقوبات السعودية المفروضة على الدولة اللبنانية” على حد تعبير مصادر لبنانية عديدة ... فقد جرى “التلويح أيضاً، بـ “ورقة الجاليات” اللبنانية في الخليج، بوصفها أداة ضغط على لبنان لتغيير مواقفه، وهناك مئات ألوف اللبنانيين العاملين في هذه الدول، يحولون مليارات الدولارات سنوياً إلى بلدهم، ويخشى كثيرون من أن تجري عمليات “تسفير” جماعي منظم لهؤلاء، بدءاً بأبناء الطائفة الشيعية، ومن دون أن يقتصر عليهم ... هذا المنطق  في العلاقات البينية العربية، ظل حاكماً للعلاقات الثنائية بين دول المنطقة وحكوماتها، بحيث جرى ويجري تقطيع العلاقات بين الشعوب والمجتمعات العربية، عند أول خلاف سياسي يطرأ على مستوى الأنظمة والحكومات. 

تدرك المملكة العربية السعودية، أن للبنان “وضعية خاصة”، تجعل من الصعب عليه رسمياً أن يندرج في محور ضد آخر، من دون أن تنفجر مؤسسات الدولة وتصاب بإعاقة مزمنة، بل ومن دون الانزلاق من حافة الهاوية إلى قعرها... وتدرك المملكة أن اللبنانيين منقسمون على أنفسهم حيال الصراع الدائر في الإقليم بين محوري الرياض وطهران، وأن نصف اللبنانيين على الأقل، يصطفون إلى جانبها في هذا الصراع، فيما النصف الآخر، يميل إلى المحور الآخر، أو يفضل سياسة “عدم الانحياز” . مؤيدو حزب الله سيظلون على تأييدهم له، بالمنحة أو من دونها، وسيجدون في قطع المساعدة، برهاناً على صوابية اختياراتهم ... وأنصار المملكة في لبنان، لن يكون بمقدورهم تهميش حزب الله وتهشيم دوره، فهو مكون رئيس من المكونات اللبنانية، والنتيجة الوحيدة التي قد تترتب على القرار السعودي هي إضعاف الجيش والأجهزة الأمنية، في لحظة هي أحوج ما تكون للمساعدة ومد يد العون، سيما وأن “مجاهدي” النصر وداعش، يتربصون به في جرود عرسال والقلمون وفي الداخل كذلك. أما حكاية “تسفير” الجاليات، التي يلوح بورقتها كثيرون، فستكون  لمثل هكذا الإجراءات والقرارات، انعكاسات على سلامة الوضع الداخلي في لبنان وسلمه الأهلي ؟! 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية المساعدات وورقة الجاليات دبلوماسية المساعدات وورقة الجاليات



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025
  مصر اليوم - محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon