توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ربحنا جولة ... أما الحرب فلم تضع أوزارها بعد

  مصر اليوم -

ربحنا جولة  أما الحرب فلم تضع أوزارها بعد

عريب الرنتاوي

ربح الأردن “جولةً” في صراعه المفتوح مع إسرائيل حول الأقصى والمقدسات ... إسرائيل قبلت بـ “التهدئة”، وتعهد رئيس حكومتها بعدم تغيير الوضع القائم في المربع المقدس، والتزم عدم المس بـ “الرعاية” الأردنية (الهاشمية) للمقدسات، وفقاً لمنطوق المعاهدة المبرمة بين الجانبين، ولقد بدأنا نشهد على الأرض بعض عناصر هذه التهدئة.
مثل هذا المكسب، ما كان ممكناً، لولا ارتفاع نبرة الخطاب السياسي الأردني، المقرون بمروحة واسعة من التحركات الدبلوماسية، والأهم “استدعاء السفير للتشاور”، والتلويح بإعادة النظر في مجمل أو بعض فصول المعاهدة الأردنية – الإسرائيلية ... موقف استدعى بدوره تحركاً دولياً كثيفاً، من منطلق الحرص على أمن الأردن وسلامته واستقراره من جهة، والرغبة الدولية في حفظ السلام الأردني – الإسرائيلي من جهة ثانية.
نقطة القوة في التحرك الأردني الأخير، أنه انطلق من النظر إلى الإجراءات الإسرائيلية في القدس وبشأن المقدسات، بوصفها إجراءات عدائية موجهة ضده بالأساس، وتستهدف سمعته ومكانته وصدقية التزاماته، فضلاً عن كونها انتهاكاً فظاً لمعاهدة احتفى بها العالم، وما زال ينظر إليها بوصفها تجربة “صامدة” برغم تقلبات الوضع في المنطقة ... ولو أن الأردن انطلق فقط من بوابة “نصرة الأشقاء” في فلسطين فحسب، لكانت مواقفه أضعف بلا شك.
على أية حال، الأردن كسب جولة أولى أو معركة افتتاحية، لكن الحرب الإسرائيلية على القدس والمقدسات، ومن ورائها منظومة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، لم تضع أوزارها بعد، فإسرائيل ماضية في تهويد القدس و”أسرلتها”، والأقصى والمربع المقدس، سيظل شوكة في حلق سياسات التوسع الاستيطاني والتهويد، ونتنياهو برهن فضلاً عن كونه “جبان وكذاب”، بأنه أعجز من أن ينجح في السيطرة على اليمين القومي والديني ولوبي الاستيطاني، الذي يجتاح الخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل، والمؤكد أن الجولة التي ما زلنا في قلبها، ستتبعها جولات، ربما تكون أكثر ضراوة وخطورة.
خلال الأيام الماضية، انبرى كثيرون للدفاع عن معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية، بوصفها “لا تقدر بثمن” حين يتصل بحفظ مصالح الأردن وأمنه ووجوده وكيانه وهويته، لكأن شيئاً لم يحدث، أو مياهاً لم تجر في نهر الأردني خلال العشرين سنة الفائتة، حتى أن بعضهم لم يتردد في الانقضاض على منتقدي المعاهدة وخصومها، ونعتهم بالمزايدين وذوي الأجندات وغير ما هنالك من نعوت وصفات، مع أن التلويح بمراجعة المعاهدة، وتفشي مظاهر الغضب الشعبي في الأردن، وارتفاع الأصوات المنادية باتخاذ خطوات تصعيدية، تصل حد إلغاء المعاهدة، كانت السبب الرئيس وراء “التراجع التكتيكي” التي اضطرت حكومة نتنياهو للإقدام عليه.
لسنا من أنصار “القفز” إلى إلغاء المعاهدة فوراْ، فردود أفعالنا يجب أن تكون منسجمة مع مستوى الأفعال الإسرائيلية، وليس من الحكمة أن نبدأ “المعركة” باستخدام آخر سلاح في أيدينا .... لكننا في الوقت نفسه، لسنا من أنصار تحويل المعاهدة إلى “بقرة مقدسة”، لا يجوز المساس بها، أو التلويح بفتحها للمراجعة وإعادة النظر ... نقول ذلك، ليس من باب من المزايدة على أحد، فهذا ليس من طبعنا ولا من شيمنا ... بل من باب الإدراك لأهمية أن تدرك إسرائيل، ومن دون لبس أو غموض، بأننا لن نستمسك بالمعاهدة في حال استمرت إسرائيل بخرقها في واحدٍ من بنودها الأساسية.
قلنا ونقول، يجب عليا ألا ندع إسرائيل تطمئن إلى حدود ردات أفعالنا، ولا تأخذنا كجهة “مضمونة” أو “في الجيب”، هم يقولون ذلك صبح مساء، ومن يقرأ تقارير مراكزهم وصحفهم وتصريحات مسؤوليهم، يفهم تماماً ماذا تعني هذه النقطة بالذات، وهذا أمر لا يجوز استمراره، ولا بأي بحال من الأحوال.
لسنا في موقع التنازل عن الرعاية الهاشمية للأقصى والمقدسات، فهي من جهة موروثة ومتوارثة لعشرات السنين، وهي من جهة ثانية، مُعاد التصديق عليها في عهد الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ... لقد مضى الوقت الذي كان فيه بالإمكان تقييم وتقويم مسألة الرعاية ... نحن الآن “متورطين” بها، عن رغبة أو كره، لا فرق ... ولا خيار لنا سوى المضي بهذه الرعاية إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
ولأننا في وضع غير قابل للتراجع، فلا مندوحة أمامنا سوى استخدام كل ما بجعبتنا من أوراق القوة، وبصورة عاقلة ومتدرجة ومدروسة، فكلفة التراجع عن الرعاية التي يقترحها البعض، أو كلفة التساهل أمام إسرائيل المصممة على إلغاء مفاعليها على الأرض، أعلى بكثير من كلفة التصدي بكل الوسائل والطرق، للمحاولات الإسرائيلية للمس بالأقصى والمقدسات، والضرب بعرض الحائط بالرعاية الأردنية لها.
صحيح أن مسألة القدس وفلسطين والمقدسات، ليست مسألة أردنية صرفة، ولا هي مسؤولية الأردن وحده، لكن الصحيح أننا منذ أن ارتضينا هذا الدور لأنفسنا، ومنذ أن احتفينا بهذا الدور، سواء زمن التوقيع على المعاهدة حيث صور الأمر بوصفه أحد أهم إنجازات المعاهدة، أو زمن التوقيع على الاتفاق الأردني – الفلسطيني بهذا الخصوص والذي وصف بـ “التاريخي”، كان ينبغي علينا أن ندرك بأننا لسنا مدعوين لحضور حفلة، أو لسلوك طريق مفروش بالورود والرياحين ... الأصل، إننا ندرك نوايا إسرائيل وخططها، وأننا قررنا منذ لحظة التوقيع، أننا سنخوض المواجهة معها، بكل الطرق والأساليب  حسب تعبير الخطاب الرسمي الأردني.
خلاصة الأمر، الوقت الآن، ليس وقت مراجعة “الرعاية”، الوقت الآن للبحث عن وسائل إنفاذها وتفعيلها وصونها ... الوقت الآن ليس للحكمة بـ “أثر رجعي”، الوقت الآن للبحث عن كل عناصر القوة والاقتدار التي تمكننا من حفظ دورنا وأمننا وسلامنا واستقرارنا، فإسرائيل تستهدفنا في كل ذلك، عندما تستهدف “رعايتنا” للقدس، ولنا أكثر من أي دولة عربية، مسؤوليات خاصة، لا ينفع معها القول: أن القدس والمقدسات ليست مسألة أردنية محضة، والجدل الدائر في أوساطنا، لا مطرح فيه لا للمزايدة المقيتة، ولا للمناقصة على دور الأردن، سيما إن أمعنا النظر في كلفة التردد أو التراجع مقابل أكلاف الصمود والمواجهة والاستعداد لقادمات الأيام، فالمعركة حول القدس والمقدسات، ما زالت مفتوحة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ربحنا جولة  أما الحرب فلم تضع أوزارها بعد ربحنا جولة  أما الحرب فلم تضع أوزارها بعد



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon