توقيت القاهرة المحلي 14:45:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن المنظمة ومجلسها

  مصر اليوم -

عن المنظمة ومجلسها

عريب الرنتاوي

الحاجة لإحياء منظمة التحرير الفلسطينية وتجديد شبابها، ليست مشروطة بقبول حركتي حماس والجهاد الإسلامي الانضواء في إطارها، فهي سابقة على تشكل الحركتين، وتفاقمت بعد تزايد نفوذها على الساحة الفلسطينية في السنوات العشر الأخيرة، من دون أن يُفهم من ذلك للحظة واحدة، بأننا نميل لاستبعاد فصيلين أساسيين من فصائل العمل الوطني الفلسطيني، عن فضاء المنظمة ومؤسساتها.


لكنها الذريعة التي يتلطى خلفها عددٌ من قادة المنظمة والسلطة، في تبرير صفة الاستعجال لعقد الدورة المقبلة للمجلس، هؤلاء ينفون أصلاً أن هناك استعجالاً، مع أن تنظيم “حفلة زفاف” تحتاج إلى وقت أطول بكثير من الوقت الذي أعطي لرئاسة المجلس لتنظيم دورته القادمة... هؤلاء يتذرعون برفض حماس والجهاد المشاركة في الدورة المقبلة، من دون أن يفصحوا لأبناء الشعب الفلسطيني وبناته، عن أية جهود بذلوها لجعل هذه المشاركة أمراً ممكناً.

والحقيقة أن الدعوة لانعقاد دورة استثنائية (ومن ثم عادية) للمجلس، جاءت من طرف واحد، وعلى استخفاف واستعجال كما قلنا، ولوظيفة محددة، قاصرة وقصيرة النظر، لا تتخطى إقصاء المناكفين، وتمهيد الطريق للخلافة والوارثة، من ضمن الإطار الضيق المحيط بالرئاسة، شخوصاً ونهجاً سياسياً ... والوحدة الوطنية، أو تفعيل المنظمة وإعادة هيكلتها، لم تكن من قبل ولا من بعد، من ضمن قائمة الأهداف المرسومة للدعوة إلى عقد المجلس.

لسنا نبرئ حماس من مسؤولياتها، في تعطيل المسار التصالحي، فهي تورطت وما زالت، في حسابات ورهانات، لا تتخطى حدود الاستئثار بالسلطة و”التمكين”، ولقد تعدد الوسائل والأدوات للوصول إلى هذا الغرض، من الرهان على صعود الإخوان على أجنحة الربيع العربي من قبل، إلى الرهان على التهدئة المستدامة وجهود طوني بلير” من بلير من بعد... لكن في المقابل، لم نر قيادة السلطة والمنظمة، تقوم بأي جهد جدي، لاستعادة زمام المبادرة وفتح ملف المصالحة من جديد.

من يريد لحماس والجهاد أن تلتحقا بقارب المنظمة المثقوب، عليه أولاً أن يبادر إلى تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، فهو وحده الإطار، على عجره وبجره، الذي يضم الجميع، ويمكن أن يكون إطاراً للحوار، واستتباعاً المصالحة، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، وظل الإطار غائباً ومغيباً.

ومن يريد لحماس والجهاد أن تلتحقا بركب المنظمة، لا يمكنه أن يختار رام الله مكاناً لانعقاد مجلسها الوطني، وهو يعرف تمام المعرفة، أن ثمة عوائق وسدود أمنية بامتياز، تحول دون مشاركة الفصيلين، وغيرهما من فلسطينيي بعض الفصائل والشتات، من المشاركة، ولقد كان حريٌّ بقيادة السلطة والمنظمة، أن تبحث عن مكان آخر لعقد المجلس، ولا أحسب أن الأرض قد ضاقت على الفلسطينيين بما رحبت.

وحتى بفرض الأخذ بفرضية هؤلاء أو بالأحرى “ذريعتهم” في استثناء حماس والجهاد، فإن الحاجة لتفعيل منظمة التحرير تظل قائمة وملحة، ولو أن ترتيبات جدية قد أنجزت لضمان انعقاد “دورة تاريخية” للمجلس، تليق بهذه “اللحظة التاريخية” بامتياز، حتى من دون حماس والجهاد، لقلنا إننا نقطع شوطاً على طريق تفعيل المنظمة وإعادة حضورها، واستهاض دورها ... لكن الدورة القادمة، تعقد بالضد من المواقف الفعلية لكثير من الفصائل ومن أبناء فتح ذاتها، وهي ستنتهي بتغييرات شكلية لا أكثر، وسيظل الوضع المتآكل للمنظمة على حاله، بعد المجلس كما قبله.

والمنظمة التي اختصرت هياكلها بمكتب رئيسها وأمانة السر، والتي اختزل دورها كممثل شرعي وحيد، بدور وظيفي ضيق وانتهازي، يستحضر عند الحاجة، وغالباً لإنجاز أدوار لا تمت بصلة لمصالح الشعب الفلسطيني الوطنية العليا ... المنظمة هذه، لا يمكن أن تختزل بلجنة تنفيذية جديدة أو قديمة جديدة مطعمة ... فهي بالأصل، ائتلاف فصائل، والفصائل بحاجة لمن يفعل دورها، فهناك أمناء عامون مضى عليهم في مواقعهم نصف قرن من الزمان، وهناك منظمات واتحادات شعبية، لم يبق من شعبيتها سوى “الاسم” فقط، وهناك جاليات وتجمعات وأجيال فلسطينية، لم تعد تسمع عن المنظمة سوى أنباء خلافاتها وانقساماتها، ولم تتعرف عليها فعلياً بعد سنوات، أو قل عقود، من الغياب والتغييب.

ومما لا شك فيه، أن منظمة التحرير الفلسطينية، كانت الضحية الأولى لقيام السلطة الفلسطينية، فإسرائيل ومن خلفها مراكز دولية وإقليمية، ضاقت ذرعاً بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، لأن هذه الأطراف كانت في الأصل، قد ضاقت ذرعاً بقضية اللجوء والشتات وحق العودة، وهي تريد أن تختزل المنظمة بالسلطة، والشعب الفلسطيني بسكان الضفة والقطاع، وحتى من دون القدس، وثمة “تناغم” فلسطيني مع هذا التوجه وتلك الوجه، يفسر وحده، هذا التهميش المنهجي المنظم لمنظمة التحرير، وهذا التضخيم غير المفهوم وغير المبرر، لسلطة لا سلطة لها، لا تتخطى وظائفها حدود الوظائف البلدية المعتادة، إلى جانب وظيفتها الأساسية بالطبع: التنسيق الأمني، خصوصاً بعد تآكل حل الدولتين، وتراجع فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة، وانسداد أفق تحول السلطة إلى دولة.

كنا سنقبل ذرائع هؤلاء وحججهم، لو أن جهداً حقيقياً قد بذل أو سيبذل، من أجل تفعيل المنظمة، بحماس والجهاد أو من دونهما، ولكننا لا نرى سوى المزيد من محاولات تجحيم المنظمة، وتفريغ مؤسساتها، وتحويلها إلى هياكل عظمية ميتة، وحدها العناية يمكن أن تُحيها وهي رميم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المنظمة ومجلسها عن المنظمة ومجلسها



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon