توقيت القاهرة المحلي 01:46:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في السياستين التركية والسعودية

  مصر اليوم -

في السياستين التركية والسعودية

عريب الرنتاوي

لا تنسجم النبرة الحادة التي تطبع التصريحات الرسمية التركية والسعودية حيال سوريا مع واقع الحال، بل أن تصريحات كبار المسؤولين في كلتا الدولتين، “ينسخ” بعضها بعضاً، فلم يعد المراقبون قادرين على التمييز بين “الناسخ والمنسوخ” منها ... تركيا تهدد بـ “رد حاسم” على “المنظمة الإرهابية”ـ تقصد روسيا، والسعودية تضع الأسد بين خيارين: التنحي طوعاً أو التنحية بالقوة.

لكن ما أن تنتهي هذه الموجة من التصريحات القطعية “الحازمة”، حتى تنهال علينا موجة جديدة من التصريحات، وعلى ألسنة المسؤولين أنفسهم التي تذهب في اتجاه مغاير... أحمد داود أوغلو، ومن قبله وزير دفاعه، ينفيان أي توجه للتورط في حرب برية في سوريا، والسعودية تترك أمر “القوة البرية” في عهدة واشنطن، وهي التي تدرك سلفاً، قبل غيرها وأكثر من غيرها، إن مشكلتها (السعودية) الرئيسة في سوريا، إنما تتجسد في الموقف الأمريكي، الذي تصفه الرياض بالمتردد و”المتخلي” عن حلفائه.

على الأرض، لا يبدو أن أحداً من المعسكر الآخر، قد “تراقصت” سيقانه أو ارتعدت فرائصه ... حتى وحدات الحماية الشعبية الكردية، حديثة العهد بالسلاح والتدريب، قليلة العدد والعدة، ترد على تهديدات أنقرة بمغادرة مطار منّغ العسكري تحت طائلة القصف المدفعي، باستعادة بلدة استراتيجية أكثر أهمية: تل رفعت، فيما الطيران الحربي الروسي يواصل “عربدته” في الأجواء السورية، والجيش السوري، يوالي تقدمه على مختلف الجبهات.

ليبقى السؤال المحيّر بلا جواب: هل نحن فعلاً امام لحظة انعطاف في السياستين التركية – السعودية حيال سوريا، أم أننا أمام موجة من المواقف “التفاوضية” التي تستهدف “التهويل” و”الابتزاز”؟ .... وإلى متى ستسمر فوضى التصريحات هذه، سيما بعد أن بدأت تفقد قيمتها وتأثيرها، كعنصر ضغط على الأصدقاء والخصوم على حد سواء؟

كنّا ذهبنا إلى استبعاد قيام البلدين بمجازفة منفردة في سوريا، ولأسباب تتعلق بالمتاعب الداخلية والتحديات الخارجية التي تحيط بخطوة من هذا النوع ...  اليوم بتنا أكثر يقيناً حيال هذه المسألة، سيما بعد أن توفرت لنا الفرصة للاطلاع عن كثب على مجريات “الميدان” في اليمن، لنكتشف حجم الفجوة التي تباعد ما بين “الانتصارات الفضائية” لقوى التحالف العربي وحلفائها من جهة، وحقائق الميدان على الأرض التي تنذر باستمرار الحرب لسنة ثانية على أقل تقدير من جهة ثانية.

أما على الجبهة التركية، فقد جاء الرد الأمريكي على “النوبة التصعيدية” التي أطلقتها أنقرة في الأيام الماضية: اذهبوا إلى حوار مباشر روسيا لتهدئة التوتر، وتوقفوا عن قصف الأكراد وقوات سورية الديمقراطية ... مثل هذا الموقف المُخيّب لآمال الأتراك، لن تخفف من وقعه، تصريحات السيدة إنجيلا ميركل الداعمة لفكرة “مناطق الحظر الجوي”، تحت ضغط طوفان اللجوء السوري والضغوط التي تتعرض لها السيدة الحديدية من الرأي العام الألماني والأوروبي.

حتى السيد ستيفان ديمستورا، الذي وصل دمشق على عجل، وعلى نحو مفاجئ، لم يصلها للبحث في وقف لإطلاق النار، بل لاستطلاع فرص تزويد “المناطق المنكوبة” بالمساعدات الإنسانية، ويكفي أن نشير هنا، إلى موسكو وليست واشنطن، هي من تستعجل التئام فريق العمل الدولي المعني بإنجاز ترتيبات “وقف الأعمال العدائية”، وهو موقف لا يمكن تفسيره بمعزل عن السياسة الأمريكية التي لا تبدو على عجلة من أمرها لإسكات المدافع، طالما أنها تحصد رؤوس المزيد من الجماعات الإرهابية، وتقلص مناطق سيطرتها، ومن دون أن تضطر الولايات المتحدة، للتضحية بحياة جندي أمريكي واحد.

والخلاصة، أن “كعب أخيل” السياستين التركية والسعودية حيال سعودية، إنما يمكن في الفجوة العصية على الردم والتجسير، بين تطلعات الرياض وأنقرة من جهة، ولكل منهما حساباته الخاصة في سوريا، وبين قدرة البلدين على ترجمة هذه التطلعات وإنفاذها من جهة ثانية، سيما بعد أن تأكد أن “عزفهما المنفرد” للحن الحسم والإسقاط والحرب البرية، لم يعد يطرب أحداً، ولم يعد يجد من يصفق له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في السياستين التركية والسعودية في السياستين التركية والسعودية



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025
  مصر اليوم - محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon