توقيت القاهرة المحلي 00:47:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا يخفي الصراع على وفد المعارضة السورية؟!

  مصر اليوم -

ماذا يخفي الصراع على وفد المعارضة السورية

عريب الرنتاوي

يكاد الصراع حول “هوية” الوفد السوري المعارض إلى مفاوضات فيينا وتركيبته، يختزل الصراع في سوريا وعليها ... ولهذا رأينا مختلف الأطراف الإقليمية والدولية ذات الصلة، تدلي بدلائها في جدل الأسماء والمكونات والصيغ المعتمدة ولعبة تقاسم الأدوار ووظائفها.
تشكيلة وفد مؤتمر الرياض، ضمنت للمحور السعودي-التركي-القطري، حضوراً كثيفاً على مائدة جنيف، وبهذه الطريقة، يصبح أمر التحكم بالمفاوضات، تقدماً وتراجعاً، رهن قرار إقليمي بامتياز، تحدده الأطراف الثلاثة، وتحديداً المملكة العربية السعودية ... وبهذه الوسيلة، وبها وحدها، يمكن ضمان حصة لهذه الأطراف، في شكل الحكم والحكومة والمؤسسات في المرحلة المقبلة... وبهم وعبرهم، يمكن تقرير الوجهة التي ستسلكها سوريا ما بعد الأزمة، وتحديد خياراتها وأولوياتها وتحالفاتها ... المسألة تستحق قتالاً حتى الطلقة الأخيرة لضمان الزج بجميع أو معظم عناصر الوفد، إلى غرفة اجتماعات فيينا.
التشكيلة، راعت تمثيلاً وازناً ومواقع تنفيذية مهمة للحلفاء الكبار للدول الثلاث، من دون أن تنسى توزيع جوائز الترضية على أطراف إقليمية ودولية أخرى ... تمثل “جيش الإسلام” بموقع مقرر، وتمثل الإخوان بمحسوبين عليهم و”أصدقاء صدوقين” لهم، وحصلت تركيا على حصتها “الائتلافية” في الوفد، وضمن غياب الكرد ... أما المعارضات العلمانية، غير المتورطة بالسلاح وإراقة الدماء، وهي في الغالب من معارضات الداخل، فاحتلت مواقع هامشية، استشارية في الغالب، وعلى طريقة “مستشاري الحكام العرب” الذين قلما يستشيرهم أحد، وحين يحدث ذلك، فمن باب أخذ العلم لا أكثر ولا أقل.
لهذا السبب تقاتل روسيا في سبيل تشكيلة مختلفة للوفد المفاوض، فهي تريد حجز مقاعد مضمونة لأصدقائها وحلفائها بأي شكل وأي ثمن، إن يكن بـ “المناصفة” في الوفد الموحد، فمن خلال مائدة ثلاثية الأضلاع ووفدين منفصلين للمعارضة ... وهنا، تبرز أسماء من مثل: هيثم مناع وصالح مسلم وسمير عيطة وقدري جميل، بوصفهم فرسان الرهان للدور الروسي في تقرير مستقبل سوريا – تفاوضياً – معززين ومدعمين بالثقل الروسي الميداني المتزايد في مجريات الحرب السورية من جهة، وبالمكاسب التي حققتها وحدات الحماية الشعبية وقوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا تحديداً، من جهة ثانية.
واشنطن تطلق رسائل متناقضة حيال هذه المسألة، فهي من جهة تعتمد استراتيجية التعاون مع روسيا للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، وهي من جهة ثانية، لا تريد أن “تخذل” حلفائها في دول المحور الثلاثي، حتى وإن تطلب الأمر، دفع حلفائها السوريين: الأكراد بخاصة، إلى الانتظار بعضاَ من الوقت للالتحاق بجولات قادمة من المفاوضات ... واشنطن لا تمانع في مشاركة كثيرٍ من الأسماء على اللائحة الروسية، بل وقد تفضلهم على كثيرٍ من الأسماء المدرجة على لائحة الرياض، لكن حسابات الولايات المتحدة الأكبر، تجعلها قابلة للمساوات والمقايضات، التي يضيق بها ذرعاً، نفرٌ ليس قليل من حلفائها السوريين.
والملاحظ أن واشنطن تستخدم “الورقة الروسية” كفزاعة للضغط على حلفائها الإقليميين، لتليين مواقفهم، وتدوير الزوايا الحادة في شروطهم وشروطهم المقابلة، فهي من جهة تصف وفد مؤتمر الرياض بـ “كامل الاوصاف والنصاب”، وهي من جهة ثانية، لا تكف عن تذكير الحلفاء بموقف روسيا المهدد بنسف المؤتمر والمفاوضات، إن لم يؤخذ بمبدأ “المناصفة” في تشكيل الوفد، أو ترتيب طاولة ثلاثية الأضلاع ليجلس عليها وفدان من المعارضة مقابل وفد النظام.
لقد بلغ الاستقطاب و”التمترس” في مواقف الأطراف، حداً وضع الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية على “حافة الهاوية”، ومن دون التراجع خطوة للوراء، سينزلق الجميع إلى قعر الهاوية.
مبدئياً، ثمة توافق دولي على الحل، تأسس على الخشية من انهيار سوريا ومؤسساتها، وتفشي الإرهاب وتفاقم مشكلة اللجوء، فضلاً عن القلق من احتمالات الصدام المباشر بين الأطراف الإقليمية والدولية، المزدحمة بكثرة على أرض سوريا وفي أجوائها ... مثل هذا التوافق الاضطراري، يُرجح على الدوام، فرص التئام مائدة التفاوض بين النظام والمعارضة، إن لم يكن نهاية الشهر الحالي، ففي مطلع الشهر المقبل، أما كيف ستكون صيغة الوفد وتشكيلته وتكوينه، فتلكم مهمة لن تعجز الدبلوماسية عن إنجازها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يخفي الصراع على وفد المعارضة السورية ماذا يخفي الصراع على وفد المعارضة السورية



GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 08:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon