توقيت القاهرة المحلي 21:03:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»؟!

  مصر اليوم -

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»

عريب الرنتاوي

لولا «الجلبة» التي أثارها نتنياهو في وجه الوزير الفرنسي لوران فابيوس، لمرت رحلته في المنطقة، بل ومبادرته لإنقاذ عملية السلام وحل الدولتين، مرور الكرام ... إسرائيل على عادتها شنت أعنف الحملات على من يخالفها الرأي والمصلحة حتى وإن بالحدود التكتيكية الضيقة ... والعرب كدأبهم، رحبوا وثمّنوا، حتى أن الوزراء تقاطروا للقاهرة لاستضافة نظيرهم الفرنسي، لكأن «الترياق» سيأتي من باريس هذه المرة، وليس من العراق على حد تعبير المثل الشعبي الدارج.

جولة فابيوس في المنطقة، تندرج في سياق مسعى فرنسي للتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الامن، يدعو لاستئناف المفاوضات بجدل زمني محدد، ومرجعيات محددة، وصولاً إلى حل الدولتين، أو بالأحرى تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم، فدولة «جميع أبنائها اليهود» قائمة منذ عام النكبة في 1948، توسعت في عام النكسة 1967، وهي تتمدد بالاستيطان من جهة وبتطبيع علاقاتها مع محيطها العربي من جهة ثانية حتى يومنا هذا.

المسعى الفرنسي جوبه بتحفظ أمريكي، واشنطن طالبت بتأجيل طرح المشروع إلى حين الانتهاء من الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل حكومة جديدة ... انتهت الانتخابات وتشكلت الحكومة الرابعة برئاسة بينيامين نتنياهو ... لا شيء في إسرائيل يوحي بأن الحكومة الجديدة ستقبل بما رفضته الحكومات التي سبقتها ... بل على العكس من ذلك، فقد انتهت الانتخابات إلى حكومة أكثر تطرفاً وعنصرية وميلاً للاستيطان والاستئصال والتوسع.

واشنطن ليست بعيدة عن التحرك الفرنسي، باريس عادة لا تقامر بالتحليق خارج السرب الأمريكي، وأن كانت تبحث لنفسها دائماً عن مسار موازٍ، يوصلها إلى ذات الهدف، ولكن يحفظ لها «هامشاً» للمناورة والسعي المستقل بحثاً عن المصالح و»عقود النفط والسلاح والمفاعلات النووية»، أليست هذه سيرتها في مفاوضات إيران ومجموعة «5 + 1»؟ ... أليست هذه خلاصة تجربة السياسة الفرنسية في سوريا، والمصممة في الغالب لاسترضاء الحلفاء العرب الأثرياء، حتى وإن ظهرت بمظهر «الشريك المخالف أو المشاكس»؟

على أية حال، واشنطن ليست لديها نوايا جدية لتجريب المجرب في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ... لا كيمياء بين أوباما ونتنياهو، والإدارة غارقة في بحر من الأولويات الأكثر إلحاحاً، ليست فلسطين واحدة منها، والأهم، أن شبح الانتخابات الرئاسية بدأ يطل برأسه، وأخذ يتحكم بحركة الإدارة وسياساتها الخارجية ... نافذة الفرص أمام واشنطن لفعل شيء متميز على هذا المسار، نفذت أو تكاد.

على أية حال، واشنطن ليست لديها نوايا جدية لتجريب المجرب في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ... لا كيمياء بين أوباما ونتنياهو، والإدارة غارقة في بحر من الأولويات الأكثر إلحاحاً، ليست فلسطين واحدة منها، والأهم، أن شبح الانتخابات الرئاسية بدأ يطل برأسه، وأخذ يتحكم بحركة الإدارة وسياساتها الخارجية ... نافذة الفرص أمام واشنطن لفعل شيء متميز على هذا المسار، نفذت أو تكاد.

هنا، يبدو مسرح المنطقة بحاجة لمن يشغله، حتى لا يستشري الفراغ ولا تنطفئ جذوة الأمل في مستقبل عملية السلام وخيار المفاوضات وحل الدولتين ... هنا تبرز الحاجة لخلق انطباعات أو قل أوهام (لا فرق)، بأن العالم ما زال يتذكر قضية العرب المركزية الأولى ... هنا يبدو «مُخرج الفلم» بحاجة لـ «دوبلير» يقوم بالدور نيابة عن «البطل» المشغول في أمكان أخرى ... هنا يبدو الدور مفصلاً على مقاس الدبلوماسية الفرنسية ورئيسها لوران فابيوس.

لا أمل يرتجى في هذه الحركة (وليست كل حركة فيها بركة) ... فلا فرنسا قادرة على ممارسة ضغوط على إسرائيل للاستجابة للحد الأدنى لخيار استئناف التفاوض وحل الدولتين، ولا رئيسها ورئيس دبلوماسيتها، يرغبان في ممارسة هذا الدور ... نحن أمام جولة أخرى، من عشرات الجولات المماثلة، التي تنتهي مفاعليها بانتهاء محطتها الأخيرة، لا أكثر ولا أقل.

هذا لا يعني أن فرنسا ليست قادرة بوسائلها ومقدراتها الذاتية، أو من ضمن الاتحاد الأوروبي، على ممارسة أشد الضغوط على تل أبيب لدفعها للاختيار بين سلام عادل قائم على إنهاء الاحتلال وبناء الدولة واسترداد العاصمة وحل مشكلة اللاجئين من جهة، أو المقامرة بعلاقات فوق استراتيجية تربط إسرائيل بالقارة العجوز من جهة ثانية ... المشكلة أن فرنسا لا تريد أن تفعل ذلك، ولا تفكر به، وليست مستعدة لتخطي إطار «العلاقات العامة» في حراكها الدبلوماسي.

لكن مع ذلك، تبدو حركة فابيوس مفيدة فرنسياً، فهو هنا يظهر صديقاً للعرب، بعد أن استحق عداء الإيرانيين والسوريين وأطراف أخرى ... وهو هنا، في وضع أفضل لإقناع دول الاعتدال الغنية بأن بلاده تسير معهم وتسايرهم، في مختلف الملفات، وليس في سوريا وإيران وحدها ... وهو هنا، يبعث برسائل إلى الرأي العام الفرنسي والأوروبي الغاضب جراء الغطرسة الإسرائيلية المنفلتة من كل عقال ... عصافير كثيرة سيضربها فابيوس بحجر واحد ... أما الفلسطينيون فسيضيفون إلى أرشيفهم وقائع زيارة أخرى، لوزير خارجية دولة عظمى آخر... لكأن زيارته ومبادرته، لم تكن أكثر من مجرد «فاصل إعلاني قصير» بين لحظتي تجاهل وإنكار... واستيطان. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير» مبادرة أم «فاصل إعلاني قصير»



GMT 11:06 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لا للعفو العام.. نعم لسيادة القانون

GMT 07:41 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سيدة الأعوام

GMT 07:40 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

رجال ومنعطفات وبصمات

GMT 07:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... نكران المأساة واللهو السياسي

GMT 07:38 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... دبسٌ وهمسٌ

GMT 07:37 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

إنه عالم... تسريبات وتسريبات ثم تسريبات

GMT 07:35 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

العلم حين تقتله الأيديولوجيا

GMT 07:32 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

رئاسة ترامب.. توقعات عام 2025

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ
  مصر اليوم - أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 09:29 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام
  مصر اليوم - وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام

GMT 10:26 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد
  مصر اليوم - نصائح يجب اتباعها عند شراء السجاد

GMT 13:14 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمود عزب ضيفًا على برنامج "بالألوان الطبيعية" الخميس

GMT 19:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

إذاعة الجزء الأول من "كابتن أنوش" الخميس على MBC مصر

GMT 07:49 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن أسباب اعتذار المخرج أحمد خالد أمين عن "آخرة صبري"

GMT 05:36 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات عبر الانترنت

GMT 10:39 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

كايلي جينر تظهر جسدها في بدلة بيضاء جريئة

GMT 19:23 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

يوفنتوس وأرسنال يصارعان ريال مدريد لخطف أريزابالاغا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon