توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«معارضة معتدلة» أم «صحوات عشائرية»

  مصر اليوم -

«معارضة معتدلة» أم «صحوات عشائرية»

عريب الرنتاوي

أوكلت الإدارة الأمريكية مهام جديدة لـ “المعارضة السورية المعتدلة”، كشف عنها جون كيري في “اجتماع المطار” مع أحمد الجربا رئيس الائتلاف: محاربة “داعش” في العراق وليس في سوريا فقط ... لدينا في قاموس الأمثال الشعبية الأردنية ما يصف هذا المشهد بدقة، لكن “قانون المطبوعات والنشر” يحظر علينا استخدامها دون المقامرة بمواجهة العقوبة، لذا آثرنا السلامة.
قبل أيام، كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يصف الرهان على “المعارضة المعتدلة” بالفانتازيا، وينعى الوقت والجهد الضائعين اللذين استهلكتهما الإدارة في العمل على “شد عضد” هذه المعارضة ... اليوم، يأتي كيري ليضيف إلى مهمتي المعارضة في مقاومة الإرهاب والتصدي للديكتاتور، مهمة ثالثة: ملاحقة داعش في العراق ... فهل أفلحت المعارضة في مقاومة “داعش” في سوريا، وبناء التوازن مع “الديكتاتور” في دمشق، حتى يزج بـ “جحافلها” في صحراء الأنبار ونينوى وصلاح الدين؟
لقاء “الترانزيت” في مطار جدة، يعكس المكانة المتواضعة التي تحتفظ بها “المعارضة المعتدلة” عند كبار المسؤولين الأمريكيين، وما دار من محادثات بين الوزير الأمريكي وأحمد الجربا، يلخص “نظرة” واشنطن للائتلاف بوصفه الوعاء الأكبر لهذه المعارضة، بل وربما يفسر التناقض الذي تحدثنا عنه قبل أيام في هذه الزاوية بالذات، عندما تساءلنا كيف يعقل أن يطلب أوباما من الكونغرس نصف مليار دولار لدعم “المعارضة المعتدلة” ولم ينقضِ سوى أقل من 72 ساعة على تصريحاته المهينة للمعارضة والمقللة من شأنها؟
كيري كان واضحاً مع الجربا: “داعش” هي الخطر الأول، والأولوية لمحاربة الإرهاب ... لا شيء عن “الديكتاتور” أو مستقبل الديمقراطية في سوريا (هل عاد أحد يتحدث عن ذلك) ... كيري نظر إلى الجربا فرأى في خلفيته العشائرية شيئاً أكثر أهمية وفائدة من خلفيته السياسية والحزبية و”الائتلافية، لذلك استطرد في الحديث عن أصوله “الشمّرية”، وراهن على قدرته على جمع أبناء العشيرة الموزعين على امتداد بوادي المنطقة وصحاريها، لمواجهة خطر الإرهاب... لكأني بوزير الخارجية الأمريكية وقد بات ينظر للائتلاف و”المعارضة المعتدلة” بوصفها “صحوات عشائرية محسّنة”، برجال يرتدون أفخر أنواع الملابس ويدخنون السيجار الكوبي، ويتنقلون على مقاعد الدرجة الأولى بين فنادق الخمسة نجوم.
كيري بدد نسبياً غموض تصريحات أوباما وتناقضها ... الخمسمائة مليون دولار التي طلبها البيت الأبيض مخصصة لتمويل “الصحوات العشائرية الجديدة”، وهذه لا تحتاج إلى أسلحة “كاسرة للتوازن” ولا إلى صواريخ مضادة للطائرات تخشى واشنطن من انتقالها لـ “الأيدي الخطأ” ... “الصحوات” في سوريا كما كانت في العراق، تحتاج إلى أموال وأعطيات، تُمنح لشيوخ العشائر و”المؤلفة قلوبهم” من أبنائها وزعاماتها، هؤلاء لا ينقصهم السلاح ولا الرجال، طالما أن المال يتدفق ... والأرجح أن موجة “السخاء الأمريكي” المفاجئة، إنما المقصود بها تدعيم “الصحوات” أو تحويل “المعارضة المعتدلة” إلى ضرب من ضروبها.
وربما لهذا السبب وجدنا موسكو أقل قلقاً وتحسباً من قرار أوباما تخصيص نصف مليار دولار للمعارضة ... حتى أن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف حاول احتواء الهجوم الذي شنه سفير روسيا إلى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين على القرار الأمريكي، بقوله (لافروف) أن واشنطن أبلغتنا بأن المساعدة لا تنطوي على أية أسلحة فتّاكة، والمأمول الا تصل إلى “الإرهابيين”.
خلاصة القول، أن واشنطن تمضي في استهلاك الوقت والجهد في سوريا، مع “معارضة معتدلة” مصرّة على أن تثبت في كل يوم، بأنها عصية على التوحد والانسجام والعمل بهدي من تطلعات الشعب السوري وأشواقه ... ففي الوقت الذي كان فيه الجربا يتحضر للقاء كيري، كان أحمد الطعمة يقيل قائد الجيش الحر عبد الإله البشير ويعين خلفاً خلفه، ثم يعود رئيس الائتلاف لينقض قرارات رئيس الحكومة ويلغيها، لتتوالى التقارير بعد ذلك، عن أزمة ثقة بين الجربا والطعمة، أو بالأحرى بين الجميع ضد الجميع في الائتلاف.
ولعل ما قاله فيتالي تشوركين، هو الأصدق تعبيراً في وصف حال السياسة الأمريكية حيال سوريا: هم لا يعرفون إن كان الوقت مناسباً لتعيين بديل للأخضر الإبراهيمي، وليسوا متأكدين مما إذا كان الوقت مناسباً لإجراء حوار بين النظام والمعارضة أو عقد مؤتمر جنيف، أي أنهم ببساطة، ليسوا متأكدين من أي شيء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«معارضة معتدلة» أم «صحوات عشائرية» «معارضة معتدلة» أم «صحوات عشائرية»



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon