توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مقاربة للموقف المصـري من الحرب الثالثة على غزة

  مصر اليوم -

مقاربة للموقف المصـري من الحرب الثالثة على غزة

عريب الرنتاوي

يثير الموقف المصري من الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، الكثير من الأسئلة والتساؤلات... كما أن ردة فعل  القاهرة على “الجرف الصامد”، يثير الرغبة في إجراء مقارنات مع ردات فعلها على عملية “الرصاص المصبوب” زمن حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وعملية “عامود الدخان” زمن حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، فما هي حقيقة هذا الموقف، وما الذي تغير، ولماذا؟
يتعين الإقرار بداية، إلى أن القاهرة تعاملت مع العدوان الجاري على القطاع، بـ “برودة” غير معهودة، وبقدر من الإحجام غير المسبوق، عن التدخل لوقف القتال، وبدرجة أقل من التضامن رسمياً وشعبياً على حد سواء، حتى بالقياس مع ما كان يحصل في عهد الرئيس مبارك، ولعل هذه واحدة من خيبات الأمل التي أصيب بها المراهنون على “الربيع العربي”، وما يمكن أن يحدثه من تبدلات إيجابية في مواقف الدول العربية، تخدم قضية الشعب الفلسطينية وتعزز نضاله في سبيل الحرية والاستقلال.
في زمن الرئيس المخلوع (مبارك)، كانت الدبلوماسية (المخابرات) تتحرك بأعلى درجات السرعة والجاهزية للتعامل مع العدوان واحتواء تداعيات، وتسريع التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وكانت قوافل الإغاثة ووفود التضامن الشعبية، يُسمح لها بالذهاب إلى غزة، بمن فيها الوفود غير المصرية، كما ان معبر فتح، كان يُفتح للمرضى والمصابين والمسافرين عموماً، رغم أن العلاقة بين حماس (والمقاومة الفلسطينية عموماً) والنظام الأسبق، لم تكن على ما يرام ... لكن النظام كان مكروهاً من الناحية الشعبية، بل ومعزولاً للغاية، ومن موقع خشيته من تداعيات العدوان على غزة على الرأي العام المصري، كان يتحرك بسرعة وقوة، على غير صعيد وأكثر من مسار.
في زمن الرئيس المعزول (مرسي)، واصلت الدبلوماسية المصرية (المخابرات أساساً) دورها المُعتاد في حالات كهذه، مع جرعة إضافية من التضامن الشعبي، ارتفع منسوبها بسبب صلات القربى الإيديولوجية بين النظام المصري الجديد (إخوان مصر) وحركة حماس (إخوان فلسطين)، رأينا التظاهرات تعم القاهرة، وتحاصر السفارة الإسرائيلية، ورأينا الرئيس يرسل رئيس حكومته وعددا من وزرائه إلى القطاع للتضامن والتأييد، ورأينا مساعي حثيثة تنتهي إلى اتفاق نوفمبر 2012، لوقف النار، وما أعقبها من تطورات وتداعيات (منها زيارة مشعل إلى القطاع).
اليوم، تختلف الصورة تماماً ... فالدبلوماسية المصرية تبدو متثاقلة تماماً في تعاملها مع العدوان، وبيان الخارجية المصرية يكاد يكون غير مسبوق لجهة تحميله “الفعل ورد الفعل غير المسؤول” المسؤولية عن دماء الفلسطينيين المراقة في شوارع غزة وأحيائها الضيقة ... رأينا حركة تضامن شعبي أقل مستوى في شوارع القاهرة والإسكندرية وغيرهما من المدن ... رأينا معبر رفح يُفتح على استحياء ولفترات مؤقتة ومتقطعة ... رأينا قرارات بمنع وفود التضامن وقوافل الإغاثة من الوصول من القطاع ... رأينا إعلاماً، لا يخجل بعضه، من “المشاركة في العدوان” على القطاع، ويريد أخذ أهله جميعاً بجريرة حماس وعلاقاتها الخاصة مع إخوان مصر.
هذا الموقف، دفع بكثيرين، إلى توجيه أعنف الانتقادات للنظام المصري الجديد، قليلة هي المعالجات التي سعت في تفسير الموقف المصري وتحليله.
وفي ظننا، أن النظام ما كان له أن يأخذ هذا الموقف لولا اقتناعه بأن شعبيته”مُصانة” و”صلبة”، بخلاف الحال زمن مبارك، وأن لديه القدرة على تسويغ هذا الموقف وتسويقه على الرأي العام المصري.
وأحسب أن عاماً من الحملات المركزة على حماس و”تآمرها” مع النظام المعزول على أمن مصر واستقرارها، قد خلّف مناخات من العداء للحركة لدى قطاع واسع من المصريين، بات يربط حماس بالإخوان، ويحملها المسؤولية لما آلت إليه الأوضاع في مصر، كشريكة لنظام مرسي وحكم الإخوان، لذلك رأينا تآكلاً في حجم ردات الفعل الشعبية المصرية على العدوان.
حماس، ليست بريئة مما آل إليه الحال في مصر، فهي انزلقت إلى أتون الصراع الداخلي في مصر، ووقفت إلى جانب الإخوان والنظام المعزول، وجعلت من منابرها الإعلامية، أبواقاً للدفاع عن فريق من المصريين ومهاجمة فريق آخر، وطوال الوقت ومن دون تردد أو توقف أو انقطاع، فكان ما كان من ردات فعل تذهب في كل اتجاه.
على أن ذلك، لا يعني أن مصر لا تستشعر حرجاً حيال ما يجري في غزة ... القاهرة لا تريد لحماس أن تخرج “منتصرة” من “الجرف الصامد”، وهي لن تشارك في أي جهد، تقطف ثماره حماس زيادةً في شعبيتها وحضورها ... لكن حرب إسرائيل على غزة، لا تستهدف حماس، بل تستهدف الشعب الفلسطيني بأسره، ولمصر دور خاص وتاريخي أساسي في المسألة الفلسطينية، كما أن لديها مسؤولية سياسية وأخلاقية حيال القطاع الذي كان تحت حكمها قبل أن يسقط في يد إسرائيل في العام 1967، ولن يكون بمقدورها أن تأخذ الشعب الفلسطيني بجريرة حماس، ولا أن تظهر في مظهر الشريك مع إسرائيل في حرب إضعاف حماس أو تصفيتها، حتى وإن أرادت ذلك.
أزمة الدور المصري في الحرب الثالثة على مصر، تكمن هنا: كيف يمكن القيام بدور لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني، مع ضمان ألا تخرج حماس متوّجة بأكاليل الغار؟ ... كيف يمكن إضعاف حماس، من دون الظهور بمظهر من يوظف العدوان الإسرائيلي لتصفية حسابات صغيرة؟ ... كيف يمكن منع حلفاء حماس، وهم (بالصدفة) أعداء النظام المصري الجديد (قطر وتركيا) من ملء الفراغ الناجم عن تردد الدبلوماسية المصرية وتلكؤها في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ ... هل يمكن للقاهرة التدخل من دون أن تضطر لتطبيع علاقاتها مع حركة حماس؟ ... هل يمكن لذلك أن يتم عبر وسيطين أو أكثر، وليس من خلال وسيط واحد، لتفادي الحرج؟ ومن هو هذا الوسيط؟ ... أليست واشنطن هي أهون الشرور حين يتصل الأمر بقائمة الوسطاء المحتملين، القصيرة على أية حالة؟
أسئلة وتساؤلات برسم الأيام القليلة المقبلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاربة للموقف المصـري من الحرب الثالثة على غزة مقاربة للموقف المصـري من الحرب الثالثة على غزة



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon