توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من غزة إلى عرسال مروراً بدمشق... قواعد اللعبة لم تتغير

  مصر اليوم -

من غزة إلى عرسال مروراً بدمشق قواعد اللعبة لم تتغير

عريب الرنتاوي

التهدئة المشروطة برفع الحصار، مطلب الفلسطينيين جميعاً ... على أن لرفع الحصار، متطلبات سابقة، يتعين دفعها، ودائماً من “كيس” حركة حماس، بالنظر لوضعها المهيمن على قطاع غزة والمتفرد به منذ العام 2007.
حرب إسرائيل على غزة، فشلت في كسر ظهر الحركة، بل يمكن القول، أنها جاءت بنتائج عكسية تماماً، فحماس اليوم أقوى مما كانت عليه قبل “الجرف الصامد”، ليس في غزة وحدها، وإنما في الضفة والشتات ... ولأن إسرائيل، ومعها معسكر دولي أكثر اتساعاً، لا تريد لحماس أن تبقى في موقعها المهيمن على القطاع، ولا تريد للقطاع أن يقع في براثن الفوضى و”الداعشية”، فإن في صلب التوجه المركزي لدول هذا المحور، هو الإحلال التدريجي للسلطة محل حماس... بعض أركان هذا المحور، يفضلون محمد الدحلان وجماعته، على الرئيس عباس وفتح والسلطة والمنظمة، ولأسباب لم تعد خافية على أحد.
حماس مرفوضة بذاتها وعلى مختلف وجوهها، من قبل هذا المحور، أولاً لأنها حركة مقاومة، وثانياً، لأنها جزء من جماعة الإخوان، وثالثاً لأنها اليوم محسوبة على محور قطر – تركيا، ورابعاً لأنها كانت ذات يوم، محسوبة على محور “طهران – دمشق – الضاحية الجنوبية ... وإذا كان إسقاط حكم حماس أو “كسر ظهرها” أمراً متعذرا، فلا بأس من “تجريب” خيارات أخرى، أهمها ربط رفع الحصار بعودة السلطة، والشروع في تفكيك قبضة حماس وسيطرتها على القطاع.
سيصاحب هذا المسعى، الذي يتخذ من اتفاق التهدئة الطويلة عنواناً له، مسعى آخر للوصول إلى اتفاقات أخرى، أكثر أهمية، خارج نص اتفاق التهدئة، بعضها ثنائي وبعضها الآخر متعدد الأطراف، هدفها منع تجديد ترسانة المقاومة من السلاح والذخائر، توطئة لنزع سلاحها، ومراقبة الأنفاق، كل الأنفاق، الهجومية منها والدفاعية، العسكرية و”الاستهلاكية”، ولا شك أن المايسترو الأمريكي يتحرك بفاعلية من أجل تفعيل “رزمة” تفاهمات إقليمية تذهب جميعها في هذا الاتجاه.
البعض يريد للحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، أن تكون آخر الحروب، تارة بذرائع إنسانية تتعلق بمعاناة الفلسطينيين وخسائرهم المادية والبشرية الباهظة، وأخرى بدعاوى تتصل بحساسية المشهد الإقليمي وتفاقم المخاطر الكامنة في ثناياه وتفاصيله، وانتفاء الحاجة لصب المزيد من الزيوت الحارة على نيران الشرق الأوسط وبراكينه الهائجة... البعض يريد تحت ستار التهدئة طويلة الأمد، أن يجعل منها “آخر الحروب” فعلاً، قاطعاً بذلك الطريق على مقاومة الشعب الفلسطيني، ومجتهداً في دفع حماس لسلوك طريق مغاير، ينتهي بها إلى موائد التفاوض، بدل خنادق المقاومة وأنفاقها.
في لبنان، شهدنا أمراً مماثلاً في العام 2006، بعد حرب تموز/ آب، وما تكشف عنه حزب الله ومقاومته، من صمود مفاجئ، وقدرات قتالية ألهمت كثيرين وألهبت مشاعرهم ... اليوم، وفي لبنان أيضاً، يجري العمل بسيناريو مشابه تماماً، ومن قبل الأطراف ذاتها تقريباً، ولتحقيق نفس الأهداف والمرامي.
غزة عرسال، ومشروع الإمارة الممتدة حتى “بحر عكار” وفقاً لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، وضعت اللبنانيين أمام مفترق: إما السير على طريق بناء تحالفات وطنية عريضة، تعيد الاعتبار لمعادلة الشعب والجيش والمقاومة، لمواجهة خطر “داعش” وأخواتها هذه المرة، وإما الاستمرار في سياسة “شيطنة” الحزب والمقاومة، واكتشاف مزايا الجيش اللبناني فجأة، والاستيقاظ على الحاجة الملحة لتمويله وتسليحه وتدريبه، في مواجهة الإرهاب، وليس إسرائيل بالطبع... اليوم إرهاب “داعش”، وغداً إرهاب حزب الله ... وعلى الذين راهنوا على أن تفاقم خطر “داعش” و”الخلافة” و”الإمارة”، من شأنه أن يساعد على “تعويم” حزب الله، عليهم أن يعيدوا النظر في حساباتهم، فهناك من يريد إغراق حزب الله، وإن بعد الخلاص من “داعش”، وهناك من يريد إغراق حماس، وإن بعد رفع الحصار، بل وكشرط لرفع الحصار، ودائماً بوسائط سلسلة وناعمة، تبدأ بتعظيم “الشرعية” ومؤسساتها وسلاحها، ولا تنتهي بمختلف أشكال وأدوات “السلام الاقتصادي”.
ما يجري على جبهتي لبنان وغزة، ينسحب أيضاً على الجبهة السورية، حيث تحتدم المعارك ولأول مرة، بين النظام و “داعش” بعد أعوام ثلاثة من تجنب المواجهات المباشرة ... النظام وحلفاؤه، راهنوا على أن تفاقم خطر “داعش” سيأتي بالغرب والشرق، راكعين مستغيثين بالأسد وجيشه ونظامه ... الآن، وبعد ثلاثة أشهر من “غزوة نينوى”، لم يقرع أحدٌ أبواب دمشق، ولم يطرأ أي تغيير نوعي على السياسات والاستراتيجيات المناهضة للنظام للسوري ... حتى أن واشنطن قررت على ما يبدو، ضرب “داعش” في العراق فقط، وتفادي الاشتباك معها في سوريا، لكأنها تريد لـ “داعش” والنظام، أن يدخلا في حرب استنزاف دامية ومن العيار الثقيل، تنتهي بتدمير القوتين المركزيتين، لتبدأ بعد ذلك المساوات والتسويات وترسيم الحدود والخرائط.
والخلاصة، أنه على الرغم من الارتدادات الخطيرة لزلزال “داعش”، الذي تجاوز بشدته جميع درجات مقياس ريختر، إلا أنه لم يفلح في تغير المحاور والاصطفافات التي قسمت الإقليم والمنطقة برمتها طوال السنوات الماضية ... وبرغم القلق الذي ينتاب جميع المحاور جراء الانتشار السرطاني للتنظيم المتشدد، إلا أن أياً من عواصم المنطقة الكبرى، لم تفكر بعد، بتغير أدواتها أو تحالفاتها أو استراتيجياتها، فالجميع يبحثون عن وسائل لمواجهة طوفان “داعش”، من دون هدم الجدران التي تفصل بين المحاور ... من دون التفكير، مجرد تفكير، ببناء أية جسور للعمل الإقليمي المشترك ... وها هي مفاوضات غزة في القاهرة، وتداعيات ما بعد عرسال في لبنان، وتطورات المشهد السوري، تشهد على ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من غزة إلى عرسال مروراً بدمشق قواعد اللعبة لم تتغير من غزة إلى عرسال مروراً بدمشق قواعد اللعبة لم تتغير



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon