توقيت القاهرة المحلي 00:03:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (58) صفحات مطوية من ذكريات منسية

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية

بقلم - مصطفي الفقي

يُقلّب المرء- خصوصًا كلما تقدم به العمر- فى ملف ذكرياته، عله يجد فيها صفحات مطوية قد تفيد الأجيال الجديدة فى التعرف على ما يدور وما يمكن التعامل معه، ولعلى أحكى هنا بعض مقتطفات مما سمعته من دبلوماسيين كبار، خصوصًا أولئك المرموقين على الساحة الوطنية، وأروى ما سمعته من الفقيه القانونى والسفير اللامع والقاضى السابق بمحكمة العدل الدولية قبل أن يصبح وزيرًا لخارجية مصر وأمينًا عامًا لجامعة الدول العربية، وأعنى به الدكتور نبيل العربى، الذى كان ضمن وفد المباحثات فى كامب ديفيد، وظن مثل معظم الأعضاء أن الصفقة المعروضة على مصر ليست لصالحها لأن استعادة حيازة سيناء قد لا تعبر عن السيادة الكاملة لمصر فوق أرضها، والتقى وقتها الدكتور العربى مع الرئيس السادات، وقد كان يعرفه عن قرب، وبدأ نبيل العربى يشرح أمام الرئيس الراحل مخاوفه وقلق باقى الأعضاء من نتائج ما هو معروض على مصر، حينذاك رد عليه فلاح المنوفية العظيم أنور السادات قائلًا: (إننى أريد أرضى بالدرجة الأولى، فهى الهدف والغاية، وما عدا ذلك أمور تسهل معالجتها)، ولا عجب.. فهو ابن المحافظة التى يرفع شبابها شعار (فدان عند أمى ولا شريط على كمى)، وأحيانًا يعكسه (المنايفة) كما يشاؤون! وقد قال د. نبيل العربى إنه قد أُعجب ببعد نظر الرئيس ونظرته الاستباقية.

وقد سأله الرئيس السادات هو وأقطاب وفد التفاوض: هل قرأتم الخطاب المُعد من رئيس الوزراء المصرى مصطفى خليل إلى رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن بشأن القدس؟ فردوا بالإيجاب، فقال: هل رأيتم كلمات مثل «تقريبًا ومعظم وغالبًا» وغيرها من التعبيرات العامة غير المحددة التى لا تستقيم مع اللغة القانونية؟! وقال السادات- ولم يكن أستاذًا فى القانون، ولكنه عميق النظر بالفطرة- إن مثل هذه الكلمات فى إطار اللغة الدبلوماسية قد تؤدى إلى تمييع الحقائق والتعميم المخل فى التفاهم مع الأطراف الأخرى، ويضيف الدكتور العربى أنه كان يدرك هذه الحقيقة تمامًا من خلال عمله القانونى لسنوات طويلة، هذا هو أنور السادات الذى لم يأخذ حقه من بلده وشعبه حتى الآن، فمهما قيل عن سلبياته إلا أن ارتباطه بالأرض وحالة التمترس التى كانت فى أعماقه تجاه أرض بلاده تُحسب له عند ربه وهو فى دار البقاء، فإذا كان عبدالناصر قامة قومية عالية فإن السادات كان رجل دولة من طراز رفيع، وقد روى لى أستاذى معلم الأجيال من الدبلوماسيين أسامة الباز أنه يوم توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل فى واشنطن طلب السادات من الباز أن تكون خطبة الرئيس من صفحات منفصلة، تشمل كل واحدة منها فكرة محددة ذات استقلال نسبى فى الموضوع، ففعل الباز ذلك، وقد كان دبلوماسيًا قديرًا ونموذجًا لا أظن أنه سوف يتكرر، وعندما دخل السادات إلى مقر الاحتفال للتوقيع مع بيجن وكارتر لاحظ وجود عدد من المعارضين لسياساته، والذين يرون أن فيما يفعل تفريطًا فى القضية الفلسطينية فكانوا يهتفون ضده، فلم يُعلق، وعندما قرأ الخطاب أسقط منه صفحة كانت شديدة الحماس فى دعم القضية الفلسطينية وعدم المساس بثوابتها، وعندما سأله الباز بعد الخطاب: يا سيادة الرئيس، لقد سقطت فقرة كبيرة من الخطاب! قال له: اسأل فوزى عبدالحافظ، سكرتير الرئيس، فهو الذى رتب الأوراق.

ثم مضت شهور، وفى جلسة هادئة بين الرئيس السادات والباز فى القناطر الخيرية قال له: هل تذكر يا أسامة ذلك الخطاب عند توقيع اتفاقية السلام، لقد استبعدت شخصيًا الفقرة التى تتحدث عنها لأننى وجدت أن المتظاهرين فى طريقى لا يعلمون الحقيقة ويتصرفون بطريقة حنجورية ولا يدركون ما نهدف إليه فيما نفعل فقضيتنا هى الأرض مقابل السلام وليست السلام مقابل السلام، هذه صفحات مطوية من فكر محمد أنور السادات صاحب القرارين، قرار الحرب وقرار السلام، والذى مضى إلى رحاب ربه فى ظرفٍ مأساوى يتذكره المصريون جيدًا.. رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon