توقيت القاهرة المحلي 03:55:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (43) علاقتي بأقليات الجوار العربي (الأرمن- الأكراد- الأمازيغ)

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 43 علاقتي بأقليات الجوار العربي الأرمن الأكراد الأمازيغ

بقلم - مصطفي الفقي

تستهوينى بشدة دراسة الأقليات القريبة منا كعرب فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولقد اخترت لذلك ثلاثًا من الأقليات التى انصهرت فى التكوين السكانى فى المنطقة وأصبحت جزءًا لا يتجزأ منها، فالأرمن يتميزون عن غيرهم من الأقليات بأن دولتهم الأصلية قائمة فى موقعها الجغرافى رغم الظروف التى مرت عليها والتغيرات التى حدثت فى المنطقة حولها، والأرمن- أرثوذوكس أو كاثوليك- لهم كنيستهم المتميزة وهويتهم الخاصة التى جعلتهم مصدرًا للتألق والإبداع خصوصًا فى مجالات السياسة والأدب والفن، فأول رئيس للوزراء فى مصر الحديثة هو الأرمنى نوبار باشا كما أنهم هم الذين صمدوا لمذبحة الأرمن عام ١٩١٥ وانتشروا فى أنحاء الإقليم خصوصًا فى إيران والعراق وسوريا ولبنان ومصر لكى يكونوا عناصر فاعلة فى مجتمعاتهم الجديدة، والأرمنى يجيد لغة الدولة التى يعيش فيها وينتمى إليها مع احتفاظه بلغته الأرمنية كتعبير عميق عن الولاء للوطن الأصلى، ومع ذلك فإنهم يندمجون مع المجتمعات الجديدة اندماجًا واضحًا ويؤدون الخدمة العسكرية ويمتزجون مع أهلها، وقد وصل منهم عدد لا بأس به إلى المناصب الوزارية والمقاعد النيابية، وتعتبر لبنان مثالًا على ذلك النموذج حيث يتركز عدد كبير منهم فى منطقة (برج حمود) فى العاصمة اللبنانية وغيرها من أطراف تلك الدولة.

وتعتبر علاقتهم بالإمبراطورية العثمانية علاقة ذات خصوصية صعودًا وهبوطًا، ومازلت أتذكر ذلك (المزين) الأرمنى أو الحلاق العجوز فى منطقة مصر الجديدة فى خمسينيات القرن الماضى الذى ورث المهنة عن أبيه الذى كان حلاقًا للخليفة العثمانى فى سنوات زوال الدولة العثمانية، ولأن الخليفة كان يحبه بعد طول خدمته معه فقد نصحه بالفرار قبل مذبحة الأرمن إنقاذًا له وحرصًا عليه. ولا يزال الأرمن يحتلون فى الذاكرة العربية أسماء فنانين وفنانات فى مختلف التخصصات، ونحن نتذكر الآن الرسام الكاريكاتيرى الشهير ألكسندر صاروخان والفنانات فيروز ولبلبة ونيللى وغيرهن من النجوم الأرمنية فى سماء الثقافة العربية. والأرمنى ماهر بطبعه ذكى بفطرته ناجح فى كثير من المهام التى يتولاها. وإذا انتقلنا إلى الأقلية الثانية فإنى أتحدث عن الأكراد والجانب القومى لهم مع العرب واشتراكهم فى الدين الإسلامى مع معظم دول الشرق الأوسط، وأتذكر أن صدور أول صحيفة كردية فى مصر كان تعبيرًا عن المساندة من جانب الشعب المصرى للقوميات المجاورة. وعندما نتذكر الأكراد فإن أسماء كبيرة مثل صلاح الدين الأيوبى وأمير الشعراء أحمد شوقى والمفكر العبقرى عباس العقاد وغيرهم وحتى الفنانة سعاد حسنى، فإن هناك من يؤكد أن هؤلاء جميعًا يحملون جينات كردية اختلطت بدماء عربية فظهرت تلك الشخصيات تأكيدًا لتلك الدماء المشتركة بين العرب والكرد. وسوف يظل اسم صلاح الدين الأيوبى نموذجًا لذلك الامتزاج التاريخى بين العرب والكرد. وما زلت أتذكر لقاءاتى مع السياسى الكردى الراحل جلال طالبانى وروحه المرحة وحبه الشديد لمصر، وقد كان يتصل بى كلما زار القاهرة لكى ألتقيه ونستذكر معًا بعض أبيات الشعر العربى الذى كان طالبانى يعشق ترديده فى كل المناسبات. ولحسن حظنا حاليًا عام ٢٠٢٤ أن سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة هى كردية الأصل. فأما النموذج الثالث فهو النموذج الأمازيغى الذى يتمثل فى جنس راق يشترك مع العرب فى الأصول، ووصل بعضهم للمناصب الرئاسية فى الجزائر والمناصب الكبرى فى المغرب وتونس، وما زلنا نتذكر أن المغرب قد اعترف بالهوية العربية الأمازيغية المشتركة وسمح للغتهم بأن تكون لغة ثانية للبلاد، ويقال إن سكان واحة سيوة من أصول أمازيغية فهم يتحدثون بها أحيانًا إذ إن البربر يجسدون تركيبة خاصة ومتميزة شكلًا وموضوعًا، ولهم لغتهم المكتوبة وانتماءاتهم المعروفة، ففى مدينة صغيرة تسمى (الحمام) على الساحل الشمالى المصرى تتركز أكثر من ٧٠ أسرة أمازيغية أصبحوا منتمين للدولة المصرية.

إننى أكتب هذه السطور لكى أؤكد أن القوميات المجاورة للعرب كانت وما زالت محل تقدير وود من الأغلبية العربية فى بلادنا، فنحن نؤمن بأن قوميات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تلتقى ثقافيًا وفكريًا وتملك ذات الهويات وتندرج تحت سماء وطنٍ واحد يتسع للجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 43 علاقتي بأقليات الجوار العربي الأرمن الأكراد الأمازيغ اعترافات ومراجعات 43 علاقتي بأقليات الجوار العربي الأرمن الأكراد الأمازيغ



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon