بقلم - مصطفي الفقي
عشت حياتى منذ طفولتى تحت مظلة جمال عبدالناصر، وتلك هى قناعتى التى لم تتغير أبدًا. وأنا أعترف أن لعبدالناصر انتصارات كبرى، إلى جانب مصاعب ومتاعب واجهها عبر مسيرته، إذ لا تخلو منها التطورات السياسية فى أى بلد، ولقد كان الرجل نزيهًا وشريفًا وشامخًا بكل المعانى.
ولذلك دُهشت كثيرًا عندما اتصلت بى زميلتى الفاضلة الأستاذة الدكتورة هدى جمال عبدالناصر عاتبة على حديث جرى معى فى برنامج تليفزيونى- ربما دون تركيز منى نتيجة الإرهاق بسبب طول مدة الحديث - عن الواقع العربى فى القرن الماضى، ولقد عاتبتنى الدكتورة هدى عن بعض ما جاء فى ذلك الحديث من معلومات غير صحيحة - ومعها كل الحق- وأنا أسجل هنا أن الحياة الشخصية لجمال عبدالناصر هى أنصع ما لديه.
بالإضافة إلى أننى أتحدث عنه دائمًا باعتباره كاريزما قومية وعالمية خارج نطاق المقارنة أو التصنيف على امتداد عهده. ولقد احتوى الحديث- كما تم نشره- على معلومات افتقدت الكياسة والدقة ومسّت شخصية فريدة فى تاريخنا المعاصر، ولذلك أبادر بالاعتذار كاملًا وواضحًا وصريحًا للدكتورة هدى ولشقيقها الراحل الذى أعتز بصداقته حتى الآن الدكتور خالد جمال عبدالناصر.
وأضيف هنا أنه ما من مناسبة فى ذكرى ميلاده أو رحيله على امتداد الخمسين عامًا الماضية إلا وعبرت عن قناعاتى العميقة باحترام تلك الزعامة التاريخية الشامخة، وذلك دون تجريح فى غيره أو الإساءة إلى سواه، بل إننى صاحب العبارة الشهيرة التى قلت فيها: إن عواطفى كلها مع الرئيس الراحل عبدالناصر، ولكن عقلى لا يرفض أيضًا ما فعله الرئيس الراحل السادات.
إننى أسجل هنا اعتذارًا لزميلتى العزيزة التى أفتخر بمعرفتها وأقدر مكانتها الفكرية والعلمية، وأضيف إلى ذلك أنه ليس هناك من يعرف قيمة عبدالناصر أكثر من أولئك الذين عاصروا سنوات حكمه، بل واستفادوا منها، فأنا عينت ملحقًا دبلوماسيًا فى الخارجية المصرية بقرار من ذلك الرئيس الراحل، أنا وغيرى من أبناء الطبقات المختلفة فى المجتمع المصرى، فتحية له فى قبره وللسيدة الجليلة قرينته.
وسوف أظل أشعر بالذنب لذلك الحديث الذى أُعدَّ دون فهم دقيق ووعى كامل لأهدافه وغاياته، وأرجو أن تتقبل أسرة الزعيم الراحل من واحد من أبنائها غرّد خارج السرب خطأً وتجاوزًا، وها هو يعود معتذرًا بكل صدق وشرف وإيمان، فلقد كان عبدالناصر لى ولجيلى، بل وللتاريخ القومى كله، نموذجًا يحتذى.
وها هى مصر تدفع هذه الأيام بزعامة وطنية حازت ثقة الشعب على نحوٍ لم يتحقق منذ عهد ذلك الرئيس الراحل جمال عبدالناصر- طيب الله ثراه وأكرم مثواه- لقد كنت آمل أن يكون حديثى هذا مسجلًا فى حوار الأسبوع مع الإعلامى المتميز الأستاذ شريف عامر، ولكننى لم أطق صبرًا وآثرت أن أسجله كتابةً، اعتذارًا للكافة وليس لأسرة الزعيم الراحل وحده، وهى أسرة نعتز بها ونفتخر بوجودها ونعتبرها امتدادًا لاسمه العظيم.