توقيت القاهرة المحلي 02:23:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (39).. توقف المصعد

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 39 توقف المصعد

بقلم - مصطفي الفقي

مازلت أذكر ذلك اليوم جيدًا عندما التقى الرؤساء: الفرنسى (فرنسوا ميتران) والمصرى (حسنى مبارك) والزعيم السنغالى الشاعر الإفريقى الكبير (ليوبولد سنغور) رئيس السنغال الأسبق ومعهم عدد من قيادات (الفرانكفونية) الدولية، وكان ذلك فى المبنى الذى تشغله بالإسكندرية (جامعة سنجور) الإفريقية الفرنسية التى تحمل اسم ذلك الزعيم السنغالى راعى نظرية (النيجروتود).

وهو زعيم الاستقلال فى بلاده كما كان عضوًا فى الجمعية الوطنية الفرنسية كواحد من الأفارقة القلائل الذين نالوا تلك العضوية، وكانت مناسبة اللقاء فى ذلك اليوم هى الاحتفال ببدء نشاط (جامعة سنجور) بالإسكندرية ومقرها كان يسمى من قبل (مبنى القطن) لأنه قد أقيم منذ سنوات طويلة ولم يتم تشغيله بشكل مجدٍ حتى تقرر أن يكون مقرًا لتلك الجامعة (الفرانكفونية) الإفريقية الفريدة.

وأتذكر الآن ذلك الحادث الطارئ الذى وقع يومها؛ فقد كان من المقرر أن ينتقل الرؤساء ومرافقوهم الكبار إلى أحد الأدوار العليا بالمصعد الضخم للمبنى وبالفعل دخل الرؤساء الثلاثة واكتمل العدد فى المصعد وحمدت الله أننى لم أجد مكانًا فيه لأننى أعانى من فوبيا المصاعد ضمن القلق الذى ينتابنى فى المبانى العالية، كما أن لى مشكلات مترسبة فى اللاوعى لتوقف المصاعد بى فى أحد الأدوار العالية؛ لذلك فإننى أفضل تجنب المصاعد قدر الإمكان ما لم تكن درجة الأمان واضحة والعامل المسؤول عن تحريكها موجودًا ومدربًا جيدًا على ماذا يفعل إذا تعطلت.

ولقد تأكدت مخاوفى فى ذلك اليوم إذ بعد أن تحرك المصعد دورًا أو دورين توقف فجأة لعطل فنى غير معلوم الأسباب، وكان الصيف حارًا فبدأ الرؤساء الثلاث وكبار المرافقين يشعرون بالقلق الشديد وبتصبب العرق الغزير منهم.

وقامت الدنيا ولم تقعد فى أدوار المبنى بحثًا عن أقرب أسلوب لإيقاف المصعد فى أحد الأدوار وإخراج الزعماء الثلاث ووفودهم بلا خسائر، ولحظتها حمدت الله أننى لم ألحق بالمصعد ولو جرى ذلك وأنا فيه فسوف أصاب بحالة ذعر تؤثر على معنويات الآخرين خلال الدقائق العشرين التى توقف فيها المصعد الرئاسى بتلك الكوكبة من مؤسسى تلك الجامعة الفريدة من نوعها.

ولقد تعاطفت دائمًا مع من لا يتحمسون لاستخدام المصاعد إلا مضطرين لأن توقفها فجأة مزعج للغاية ومثير للقلق والتوتر الذى تتفاوت درجته وفقًا لطبيعة الأفراد الذين يتعرضون لمثل تلك المواقف، وأتذكر الآن العبارة التى أصبحت شهيرة بعد أن أطلقتها فى تسعينيات القرن الماضى، وهى التى كانت تتحدث عن (الدور المسروق) أو (الطابق المسحور) الذى لا تقف عنده المصاعد، ولكنه يكتفى بأن تمر منه أنابيب المياه وشبكة الغاز وغيرها من وسائل الاتصال للمبنى الكبير.

ومع ذلك لا يقف المصعد عند ذلك الدور، وكنت أقول ذلك لتشبيه أوضاع جيلنا فى ذلك الوقت بأوضاع الأجيال الأخرى من راكبى المصاعد بخلاف رواد درجات السلم من أجل الصعود إلى أعلى، وكأنما كانت عبارتى بكائية مرحلية باسم جيل عصفت به ديمومة المسؤولين فى مقاعد السلطة حينذاك.

وأتذكر أن الدكتور عصام شرف وكان وزيرًا للنقل وقتها قد اتصل بى قائلًا: «ربما كان جيلك متوقفًا عند الطابق المسحور ولكنه أيضا هو نفس الجيل الذى يشد المصعد إلى أعلى بآليات حديثة من أجل مستقبل أفضل»، وكانت كلمات عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق بعد ذلك عزاء لى ولرفاقى من شركاء الموقف.

لقد مرت كل هذه الأفكار بخاطرى فى ذلك اليوم الذى توقف فيه المصعد بالرؤساء، وحالة التوتر التى سادت المكان فى تلك الدقائق العصيبة، حتى تحرك المصعد وخرج الجميع يتصببون عرقًا وتلوح على وجوههم مظاهر القلق والغضب معًا، ولقد رأيت أفلامًا كثيرة عربية وأجنبية عن أزمة المصاعد وتوقفها المفاجئ خصوصًا فى العصر الإلكترونى، حيث تكون الأمور أكثر تعقيدًا والأبواب أشد إحكامًا.. دعونا ندعُ الله أن يتحرك المصعد الوطنى المصرى إلى أعلى دون توقف، وأن يظل صاعدًا ما بقيت الكنانة على أرضها الطيبة، وما بقى الكوكب فى مساره الذى لا يتوقف!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 39 توقف المصعد اعترافات ومراجعات 39 توقف المصعد



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon