توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تاريخ ما أهمله التاريخ: هل نحن بحاجة لوزير للإعلام؟

  مصر اليوم -

تاريخ ما أهمله التاريخ هل نحن بحاجة لوزير للإعلام

بقلم مصطفي الفقي

تنص المادة (211) من الفصل العاشر لدستور البلاد على أن «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وموازنتها مستقلة، ويختص المجلس بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرهما، ويكون المجلس مسؤولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور... بينما تنص المادة (212) على أن «الهيئة الوطنية للصحافة» هيئة مستقلة تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وضمان تحديثها واستقلالها وحيادها والتزامها بأداء مهنى وإدارى واقتصادى رشيد، والذى يعنينى من الإشارة إلى هاتين المادتين أنه لم يأت ذكر من قريب أو من بعيد يحتم إلغاء وزارة الإعلام، لأن وزير الإعلام هو مسؤول الاتصال السياسى بين المجلس والهيئة، ومجلس الوزراء على الجانب الآخر، فهو الذى يحضر اجتماعاته ويستوعب توجهاته ويكون مسؤولاً سياسياً بين الدولة الرسمية والتنظيمات الإعلامية الأخرى كما حددها الدستور، إذ لم ينص الأخير على أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يحل محل وزارة الإعلام، وفى ظنى أننا تسرعنا بإلغاء الوزارة دون تمحيص أو دراسة، وكان الأجدى بنا أن نتيقن من أن الوضع الحالى أو القادم- فى ظل غياب وزارة الإعلام- سوف يضمن سلامة تطبيق السياسات الإعلامية ويكفل الحريات المنصوص عليها فى الدستور ويحقق سلاسة الأداء واحترام المهن الإعلامية دون تضييق أو تجاوز، ولعلى أطرح هنا ملاحظات ثلاث ترتبط بهذا الموضوع الذى نكتب فيه:

أولاً: إننى أدرك جيداً أن الدول المتقدمة ليس فيها وزراء للإعلام، بل وأضيف إلى ذلك أن وجود وزير للإعلام يعطى أحياناً شبهة تقييد الصحافة والرقابة على «الراديو» و«التليفزيون»، ويعد مؤشراً للتضييق على الحريات، ويرتبط تاريخياً بالأنظمة الشمولية أو شبه الشمولية، أو أنظمة الرأى الواحد، ولكن الموقف فى حالتنا هنا مختلف، فأنا لا أريده رقيباً جديداً على الإعلام المصرى، كما لا أتوقع منه أن يكون ممثلاً للدولة بالمعنى السلبى، ولكننى أريده بالمفهوم الإيجابى، بحيث يصبح ضميراً يقظاً للمجتمع ذاته تحكمه قيم أخلاقية رفيعة ورؤية بعيدة للمصالح العليا للبلاد، مع خبرة فى الإعلام بفروعه المختلفة، وإيمان عميق بحرية الرأى وحق المواطن العادى فى وصول المعلومة إليه دون تزييف أو تغيير أو إخفاء، كما أننى أريده محايداً فى آرائه السياسية ويقف فقط على أرضية وطنية، لا يحكمه الهوى ولا يتأثر بضغوط من أى اتجاه، فالوطن هو الأولى بالولاء والإيمان والصدق عبر العصور.

ثانياً: إن الوضع الراهن لا يبدو مريحاً، كما أنه لا يخلو من تجاوزات لا مبرر لها، بل أكاد أحياناً أقول إنه قد (اختلط الحابل بالنابل) وطغت الإثارة والأصوات الصاخبة على الموضوعية والتعقل واحترام المصالح العليا للبلاد والمحافظة على العلاقات المصرية بالدول الأخرى، فى إطار من الوعى الوطنى وتجنب تحريك المشكلات أو خلق الأزمات، مع حرص شديد عند التعامل مع سياسات الدول الشقيقة والصديقة، إنها عملية موازنة دقيقة بين حرية الرأى التى لا تفريط فيها ولا خروج عليها وبين الالتزام الوطنى الذى تحتاجه البلاد، خصوصاً فى المراحل الدقيقة والأوقات الصعبة، ولقد لاحظنا فى الشهور الأخيرة ارتباكاً فى بعض المؤسسات الإعلامية العامة والخاصة، المقروءة أو المسموعة أو المرئية، وهذا يعنى أننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر فى كل ما يجرى على الساحة الإعلامية وترشيد العملية برمتها، خلاصاً من أخطاء وقعنا فيها، وتحسباً من أخرى قد ننزلق إليها، بل إننى لاحظت كما لاحظ غيرى نوعاً من حالات الشلل الذى جمد الحركة فى بعض المؤسسات الصحفية، وجعل الجميع يترقبون صدور قانون تنظيم الإعلام، ولكن انتظارهم طال!

ثالثاً: إننا إذ نطالب بوجود وزير للإعلام فى هذه المرحلة فإننا نعنى بذلك أن يكون وزيراً انتقالياً نتجاوز به الأوضاع الحالية حتى يتم ترتيب «البيت الإعلامى» من الداخل، وتقف المؤسسات الإعلامية التى نص عليها الدستور على قدميها، وتستطيع الاضطلاع بمهامها على نحو يضع الأمور فى نصابها، ويتجاوز بالإعلام المصرى محنته الحالية وأزمته القائمة.

إننى أعلم أن هناك الكثيرين الذين يقفون على الجانب الآخر من هذه الدعوة، ولكن دافعنا فيما نكتب هو الرغبة فى إصلاح الوضع الحالى ومواجهة المشكلات القائمة فى المؤسسات الإعلامية المختلفة، مدركين أنه قد لا يكون الحل بالضرورة هو وجود وزارة للإعلام على رأسها مسؤول سياسى هو عضو فى الحكومة يحضر اجتماعات مجلس الوزراء ويدرك الأبعاد المختلفة لكل ما يدور حوله، كذلك يكون قادراً على إيضاح الحقائق فى مواجهة أى استفسار من مصدر إعلامى- حكومى أو خاص- يريد أن يستجلى الحقيقة أو يتأكد من معلومة أو يحصل على تفاصيل موقف رسمى للدولة، إننا نبغى الإصلاح ولكنه له وجوه كثيرة نختار منها الأصلح والأنفع والأكثر فائدة للمواطن، باعتباره المستهلك الحقيقى للمادة الإعلامية، وله الولاء دائماً دون سواه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ ما أهمله التاريخ هل نحن بحاجة لوزير للإعلام تاريخ ما أهمله التاريخ هل نحن بحاجة لوزير للإعلام



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon