توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متحف تاريخ الأديان فى «مصر»

  مصر اليوم -

متحف تاريخ الأديان فى «مصر»

بقلم - مصطفي الفقي

عندما تسلمت عملى مديراً لـ«مكتبة الإسكندرية» علمت من زملائى أن المهندس «عاطف عبدالحميد»، محافظ القاهرة، قد عرض على «مكتبة الإسكندرية» إدارة وتوظيف «قصر الأميرة خديجة» شقيقة الخديو «عباس حلمى الثانى» فى «ضاحية حلوان» فى غرض ثقافى يتناسب مع ذلك القصر العريق وتاريخه الطويل الذى يمتد إلى أكثر من قرن وربع قرن من الزمان، وراقت لى الفكرة كثيراً، خصوصاً أن القصر كان قد جرى تجديده بواسطة المحافظة ورأى «محافظ القاهرة» برؤيته الثاقبة أنه من غير الحكمة أن يسمح بإشغال ذلك المكان بإحدى الجهات الإدارية التابعة لحى «حلوان»، ورأى أن الأوفق هو أن يكون مركزاً ثقافياً تحت إشراف «مكتبة الإسكندرية» لخدمة أبناء الضاحية التى يقع فيها،

وفكرت فى الأمر ملياً إلى أن اهتديت لفكرة تتناسب مع شخصية «مصر» وهويتها عبر التاريخ، فهى دولة وسط تفاعلت مع كل الحضارات واستقبلت كل الثقافات واحترمت كل الديانات، وكنت ألاحظ دائماً أن فى «القاهرة» ثروة كبرى من الآثار الدينية، وقد لا يعلم البعض أن فيها حتى الآن تسعة «معابد يهودية» حافظ عليها المصريون فى أحلك ظروف العلاقات مع «إسرائيل» وأثناء الحروب معها لأن المصرى بفطرته مؤمن بالإله الواحد الأحد، ولأنه أيضاً بطبيعته يحترم رسالات السماء، ولاحت لى الفكرة وبدأت تكتمل فى ذهنى فتحدثت عنها مع زملائى فى «مكتبة الإسكندرية» متسائلاً: لماذا لا نجعل ذلك القصر الأنيق متحفاً للديانات التى عرفتها «مصر» منذ العصر الفرعونى حتى الآن، بدءاً من ديانات مصر القديمة، مروراً بضياء التوحيد على يد «إخناتون»، وصولاً إلى التراث اليهودى، ثم الحقبة القبطية إلى أن أطل الإسلام على «مصر» والذى جعل من «القاهرة» متحفاً مفتوحاً لآثاره الكبيرة؟ وقلت لهم إن متحفاً للديانات بهذا الانفتاح وذلك القدر من التسامح سوف يشد البشر من كل مكان ويؤكد درجة تحضرنا ويعبر عن ثقافتنا التى تقوم على التسامح واحترام خيارات الآخرين والحفاظ على المقدسات وحماية التراث الإنسانى، وعرضت الفكرة على «محافظ القاهرة»- وهو شخصية متفتحة ذات رؤية واضحة- فأثنى عليها وتحمس لها ورفع الأمر إلى رئيس الوزراء الذى وافق عليها حتى وقعنا منذ أيام قليلة «بروتوكول التعاون» الذى يقضى باتفاق بين «مكتبة الإسكندرية» و«محافظة القاهرة» لتشغيل هذا المبنى الرائع فى خدمة الهدف النبيل الذى تحدثنا عنه،

وأصبحت أمامنا مسؤوليتان، الأولى هى الحصول من الهيئات الدولية والإقليمية والمحلية على الدعم المالى لهذا المشروع الذى يليق بـ«مصر» وشعبها، والأمر الثانى أن تتوفر لدينا المقتنيات الكافية من روائع الحضارة الفرعونية ومختارات الثقافة العبرانية والتراث اليهودى إلى جانب المخطوطات المسيحية والنسيج القبطى مع استكمال كل ذلك بالمقتنيات الإسلامية وما أكثرها، فـ«القاهرة» هى مدينة المساجد والكنائس والمعابد، ويكفى أن نتأمل ميدان «عمرو بن العاص» لكى نتحقق مما نقول، ولقد جمعتنى مؤخراً جلسة بـ«الجامعة البريطانية» فى «مصر» مع وزير سابق للتعليم فى «بريطانيا»، وتطرق الحديث بيننا إلى «مكتبة الإسكندرية» وفكرت أمامه بصوت مرتفع عما نزمع المضى فيه من فكرة إنشاء متحف للديانات التى عرفتها «مصر»، فإذا الرجل يبدو مهتماً، بل ومبهوراً، ولقد قال لى: إن المضى فى مثل هذا الطريق سوف يتناسب مع شخصية «مكتبة الإسكندرية»- أقدم مكتبة فى العالم- كما أنه يعبر عن شخصية شعبكم المتسامح الذى يملك رحابة التفكير وسعة الأفق ووضوح الرؤية، وأضاف أنه يتوقع أن يأتينا الدعم المخلص والمتوازن من الهيئات المختلفة محلياً وإقليمياً ودولياً، وما من شخص سمع بهذه الفكرة إلا وتحمس لها، وبقيت مسؤوليتنا الآن فى «مكتبة الإسكندرية» أن نقوم بدراسات علمية مستفيضة وفقاً لمناهج البحث الحديثة حول المتحف المنتظر حتى يأتى متوافقاً مع الهدف الذى نسعى إليه والغرض الذى نبتغيه، فالمطلوب ليس مجرد متحف عادى ولكنه متحف ينطق بسمات الشخصية المصرية ويعبر عن هويتها الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ.. دعنا نأمل ونعمل، فالغرض نبيل، والهدف واضح، والرسالة سامية!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متحف تاريخ الأديان فى «مصر» متحف تاريخ الأديان فى «مصر»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon