توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجلس الشيوخ.. تقاليد ورؤى

  مصر اليوم -

مجلس الشيوخ تقاليد ورؤى

بقلم : مصطفى الفقي

عشت بالقرب من تجربة نظام المجلسين فى دولتين خدمت فيهما بحكم عملى الدبلوماسى، وأعنى بهما المملكة المتحدة وجمهورية الهند، وأدركت أن الأخذ بنظام المجلسين أقرب فى تطبيقاته إلى النظام البرلمانى منه إلى النظام الرئاسى، وأدركت أيضًا أن المجلس الأعلى وهو «مجلس اللوردات» فى بريطانيا و«الراجا صابها» فى الهند هما تعبير عن رمزية المتابعة الدستورية التى تضمن ضبط إيقاع القوانين المكملة للدستور أو حتى تلك المنشئة لأحكام جديدة، وقد لا يكون دور المجلس الأعلى بذات السهولة فى النظم الرئاسية، ولأن النظام السياسى المصرى أقرب إلى النظام الرئاسى إلا أنه لحسن الحظ يبدو مختلطًا، وفيه سمات من النظام البرلمانى أيضًا، وقد نتصور أن عضوية مجلس الشيوخ مسألة شرفية، قد يقصد بها تكريم البعض، ولكن لابد أن يكون هناك مسوغ لانتخابهم أو تعيينهم على حد سواء، فإذا كنا نرى أن المجلس الأدنى (النواب) هو الأقرب إلى الشارع والمعنىّ بالرقابة والتشريع، فإن الوظيفة الرقابية للمجلس الأعلى (الشيوخ) لا تبدو ملزمة فى وظائفه التى تكون أقرب إلى الدراسات المعمقة والأبحاث المطلوبة والأفكار المطروحة.. ولقد عرفت مصر نظام المجلسين فى العصر الملكى، خصوصًا فى الفترة الليبرالية ما بين ثورتى 1919 و1952، ثم عودة نظام المجلسين فى عصرى السادات ومبارك تحت اسم «مجلس الشورى»، وهى تسمية لا أتحمس لها، لأنها تعطى انطباعًا بأننا ننقل عن دول سبقناها بعقود كثيرة فى مجال الديمقراطية، والمجلس الأعلى هو تركيبة من أصحاب الأدمغة الواعية والخبرات الطويلة والعقول المتفتحة على الأجيال الصاعدة والمستعدة للحوار المفتوح حول القضايا الرئيسية، إلى جانب إمكانية أن يكون للمجلس دور فى متابعة الإعلام ودعم الصحافة خصوصًا، ولقد قرأنا منذ أيام أن مصرية هى الأستاذة الدكتورة نعمت شفيق، عميدة كلية لندن للاقتصاد، التى شغلت من قبل منصب نائب محافظ البنك المركزى البريطانى، قد كرمتها الملكة «إليزابيث الثانية» بعضوية مجلس اللوردات البريطانى، للاستفادة من خبراتها وتكريمًا لعطائها واحترامًا لعلمها، وأنا أتذكر أن والدتها الفاضلة السيدة مايسة حمزة قد زارت الهند منذ أربعين عامًا، حيث كنت أعمل وقتها دبلوماسيًا بالسفارة هناك، وجاءت ضمن وفد سياحى مصرى وكانت الدكتورة نعمت شفيق بالتأكيد فى سنوات الطفولة، وكم كنت سعيدًا عندما دعانى المفكر المصرى الكبير د. زياد أحمد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، لحضور الاحتفال السنوى للجمعية التنموية التى أنشأها فى مسقط رأس والده الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين فى قريته بمحافظة أسيوط، وكانت متحدثة الحفل ليلتها هى الدكتورة نعمت شفيق، وأنا أظن أن لدينا نماذج مثيلة- رجالًا ونساء- يمكن أن نرصع بها مجلس الشيوخ القادم، خصوصًا أن مصر تمضى فى مرحلة فاصلة من تاريخها المعاصر، تستجمع فيها قوتها وترتب أوراقها وتتطلع إلى المستقبل فى عناد وإصرار وجسارة.

لقد أتيحت لى فرصة فى العام الماضى أن أكون متحدثًا أمام مجموعة من أعضاء المجلسين، اللوردات والعموم، فى مقر البرلمان البريطانى بدعوة كريمة من الجمعية المصرية للمملكة المتحدة، حيث التقينا بعدها على غداء شرّفه السفير المصرى فى لندن بالحضور، واكتشفت يومها أن أحد الذين وجهوا لى سؤالًا هو وزير الدفاع البريطانى الأسبق، كما كان من بين الحضور علماء وسفراء وأساتذة جامعيون ممن خدموا تحت رعاية صاحبة الجلالة، وقد لفت نظرى إلمامهم العميق بشؤون الشرق الأوسط، فهم واضعو البذور الأولى لكثير من قضاياه ومشكلاته، وفى مقدمتها الصراع العربى- الإسرائيلى، وقد حضرت فى الهند جلسات متعددة للمجلسين «الراجا صابها» و«اللوك صابها»، وكانت حفيدة مولانا «أبوالكلام آزاد»- وهى صديقة عزيزة لمصر والمصريين، وصلت بعد ذلك بسنوات قليلة إلى منصب رئيسة الاتحاد البرلمانى الدولى- تشرح لى بإسهاب تقاليد العمل البرلمانى الهندى فى دولة هى أكبر ديمقراطيات العالم من الناحية الكمية، إذ يخرج ما يقرب من سبعمائة مليون ناخب هندى يدلون بأصواتهم.

تحية لكل التقاليد الديمقراطية والرؤى العصرية، ومرحبًا بمجلس الشيوخ القادم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجلس الشيوخ تقاليد ورؤى مجلس الشيوخ تقاليد ورؤى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon