توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما رحلت!

  مصر اليوم -

عندما رحلت

بقلم : مصطفى الفقي

كلما ازدحمت الأحداث وادلهمت الأمور وتكاثفت السحب فى سماء الوطن فإن المرء يفتش فى ذاكرته ويبحث بين زوايا عمره عن المخرج الذى يجنبنا المهالك ويعطينا الحقوق ويردع الحاقدين، ولقد تعودت فى طفولتى وشبابى أن أبذل ما أستطيع من جهد للخروج من المأزق بأسلوب أخلاقى ومنطق عادل وبعدما أفعل كل ما أستطيع كنت ألجأ إلى أمى، رحمها الله، أطلب دعواتها الصالحات لكى يكون ذلك توقيعًا نهائيًا على ما فعلت من خير وما بذلت من جهد، وكان لدىّ إيمان عميق بأن دعواتها أقوى من كل شىء واجهته فى حياتى، وإذا اعتبرت أن الأم الحقيقية لنا جميعًا هى مصر فإن مسيرتها التاريخية وعطرها الروحى سوف يقهران حشود أردوغان وكيد السد الإثيوبى، وأنا ألاحظ أحيانًا أن هناك تساؤلات كثيرة تأتينى من أصدقاء أو حتى ممن لا أعرفهم يعبرون فيها عن ترقبهم الشديد للأحداث وقلقهم الزائد من حجم الحقد الذى يحيط بالكنانة ويعطى انطباعًا بأنها المستهدفة الأولى فى المنطقة، فالكل لا يريد لها أن تحلق إلى أعلى وأيضًا لا يطلبون لها السقوط الكامل لأن ذلك معناه انهيار المنطقة برمتها، فمصر عمود الخيمة وهى الدولة المركزية المحورية عبر التاريخ، ظلت خريطتها دائمًا واضحة غير منقوصة رغم الحروب والغزوات ورغم المؤامرات والتحالفات إلا أنها بقيت محتفظة بكيانها شامخة بآثارها مرتبطة بنهرها، وها هم الآن الأصدقاء والأشقاء يقفون من مصر موقفًا عدائيًا أو سلبيًا على الأقل فى جحود واضح ونكوص لا يخفى على أحد، وعندما كنت أقبل يدى أمى قبل الامتحانات فإن يقينًا عميقًا كان يستقر فى وجدانى بأننى سوف أجيب على كل الأسئلة بلا تردد وسوف أجتاز الامتحان بتفوق، واليقين الداخلى يصنع الإيمان، والإيمان هو الأب الشرعى للإرادة الصادقة، لقد غابت أمى عن عالمنا ذات يوم فى شهر يونيو عام 1997 وعندما كنت أكتب نعيها شعرت بأن الصفحة المشرقة من حياتى قد طويت، وأنه لا تقبيل لليدين ولا طلب للدعاء بعد ذلك خصوصًا أن أبى، رحمه الله، قد لحق بها بعد سنوات ثلاث، وكان رجلًا طيبًا صالحًا أتذكره الآن فى مئوية مولده التى تصادف الثانى من أغسطس القادم، فقد ولد عام 1920 وعندما رحل عام 2000 لم يكن يدرك هو ولا نحن أن عام 2020 سوف يكون هو عام الرياح العاصفة والأنواء الشديدة والكورونا اللعينة!. وها نحن الآن نتأمل المشهد لكى ندرك أن مصر، شعبًا وحكومة ورئيسًا، تواجه موقفًا غير مسبوق فى تاريخنا الحديث، وأنا شخصيًا- وبعد أكثر من ستين عامًا- فى متابعة الحياة السياسية الدولية والمحلية لا أكاد أعرف تحديات تحيط بنا وأحقادا تتراكم علينا وغيرة تنهمر فوقنا أشد بكثير من ضراوة الأمطار على هضبة الحبشة ليحجبها سد كيدى جرى بناؤه فى غفلة من الزمن، وفى ظل ظروف صعبة واجهتها المحروسة فى العقد الأخير، وأقول لنفسى دائمًا إن مصر عصية على السقوط، وإن النهر سوف يجرى على أرضها وسوف يدفع أعداؤها ثمنًا باهظًا لما فعلوه لأن الله يحمى مصر وفيها خير أجناد الأرض وأكبر تراث ثقافى وتراكم حضارى عرفته الدنيا وسجله التاريخ، إننا عندما نتذكر أمهاتنا من رحل منهن ومن بقى يجب أن ندرك أن البلد الذى احتوى أغلى تراث للديانات السماوية الثلاث والبلد الذى دافع عن المنطقة ضد قوى الشر من التتار والفرنجة ومستعمرى القدس لن يتوقف عطاؤه ولن يجف ماؤه ولن يخفت صوته، وأرانى فى مشهد صامت أقبل يدى أمى الراحلة وأبى الذى لحق بها لكى أقول لهما «إن مصر باقية تدحر كل عدوان، وتقهر الحملات الباغية، وتؤمن أننا نعيش فى أغلى الأوطان»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما رحلت عندما رحلت



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon