بقلم : مصطفى الفقي
كتبت منذ أكثر من عام مضى عن تحمّسى لتسمية العاصمة الإدارية باسم (المحروسة) وقدمت لذلك مبررات واضحة تأتى من ارتباط صفة المحروسة باسم مصر تاريخيًا، فضلًا عن معناه الذى يدل على أن (الكنانة) محمية من الخالق، ولقد أسعدنى أن كاتبًا كبيرًا، هو صلاح منتصر، قد كتب فى عموده حول نفس المعنى، كما أن عالم الاجتماع المعروف د. سعد الدين إبراهيم اتفق معنا فى الرأى بما كتبه بعد ذلك فى هذا السياق، وها أنا اليوم أدعو إلى إعلان هذا الاسم للعاصمة الإدارية الجديدة حتى يكون لصيقًا بها قبل افتتاحها، فالمحروسة اسم على مسمى وهو يتناغم مع اسم القاهرة العاصمة التاريخية لمصر، ولدى حجج متعددة تعزز الرأى الذى أسوقه، فالأسماء كثيرة ولكل منها مذاق خاص، ولكن تعبير العاصمة الإدارية أو العاصمة الجديدة كلاهما تعبير وصفى محدود لا يعطى التعبير الصادق عن هذا المشروع العملاق الذى يقترن بصحوة وطنية وتحول هائل نحو مستقبل مختلف، وعندما نتحدث عن العاصمة التاريخية والعاصمة الحديثة باسمى القاهرة والمحروسة فإننا نضع مصر فى مكانها اللائق ونؤكد مكانتها الرفيعة التى عرفت عواصم أخرى من قبل ومنها طيبة والفسطاط والقطائع والعسكر قبل أن يطل نجم فى السماء يسمى (القاهر) يستبشر به الفلكيون فتصبح العاصمة المصرية هى القاهرة، وأنا أقول الآن إن حجم ما يحاك ضدنا وما يتآمر به أعداؤنا يجعلنا نطلق على العاصمة الجديدة اسم (المحروسة) إدراكًا منا بأن الله يحمى الأرض التى تجلى فوق واديها، سبحانه وتعالى، لنبيه موسى الكليم، وأنا هنا لا أغوص فى الغيبيات ولكننى أشير إلى قناعتى مثل غيرى من الملايين بأن الله يحمى مصر ويحرس أرضها ونهرها وبحارها وجوها، وهنا أشير إلى الملاحظات التالية:
أولًا: إننى أعبر عن سعادتى لأن الاهتمام بالعاصمة الجديدة لم يكن على حساب العاصمة الأصلية التى شاهدت التاريخ منذ أكثر من ألف عام وعرفت الأحداث التى جرت على أرضها عبر القرون، فلقد اكتشفت بارتياح أن الاهتمام بالعاصمة الجديدة والفرحة بظهورها لن يكون على حساب الاهتمام بقاهرة المعز، ولعل المحاور الجديدة والكبارى الرائعة والأنفاق التى تحل مشكلات التكدس المرورى بدءًا من روض الفرج وصولًا إلى مشارف العاصمة الجديدة فضلًا عما جرى ويجرى فى ميدان التحرير والذى يجعله بقعة معبرة عن تاريخ مصر بالمسلة السامقة فى وسطه، لعل ذلك كله تأكيد على أن الاهتمام بالجديد لا يكون على حساب القديم بل إنهما يمضيان معًا فى توازٍ نحو الأفضل فى كل اتجاه.
ثانيًا: إن من يتأمل شبكة الطرق المؤدية إلى العاصمة الجديدة والتى تربطها بالعاصمة الأم يدرك أننا نملك نمطًا متقدمًا من التخطيط العمرانى مع رؤية استراتيجية بعيدة للمستقبل، خصوصًا أن العاصمة الجديدة (المحروسة) بإذن الله سوف تملك مقومات عمرانية وثقافية واقتصادية تجعلها قبلة الزائرين ودرة المدن المصرية، خصوصًا أنها قد بدأت بالمسجد الجامع «الفتاح العليم» والكاتدرائية الكبرى التى دشنتها صلوات أشقائنا الأقباط وزارهم فيها رئيس الدولة.
ثالثًا: إن حزام الجامعات الجديدة الذى يحيط بالمدن المصرية الكبرى بدءًا من مسميات (الملك سلمان) و(الجلالة) و(العلمين) و(المنصورة الجديدة) وغيرها تبدو فى مجملها نجومًا ترصع سماء الوطن وترفع رايات العلم ومنارات التعليم فى دولة تؤكد كل الشواهد أن مستقبلها مرتبط بالطفرة المنتظرة فى مجالى التعليم والتدريب باعتبارهما بوابة العصر القادم، ولا جدال فى أن هذا الأمر يستأثر بالاهتمام الأول والعناية الكبرى للدولة المصرية رغم صعوبة التحديات وكثرة المشكلات فى ظروف شديدة الحساسية، بالغة التعقيد.
مرحبًا بالمحروسة وهى تنضم إلى قافلة العواصم المصرية وتجاور العمران القديم لكى تنشر النماء وتستدعى الرخاء وتكون فاتحة خير على البلاد والعباد.