توقيت القاهرة المحلي 11:38:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رواية بين السياسة والتصوف (2-2)

  مصر اليوم -

رواية بين السياسة والتصوف 22

عمار علي حسن

ما اختاره محمود الوروارى لبطل روايته «مدد» من مصير يختلف تماماً عن ذلك الذى اختاره نجيب محفوظ لـ«عيسى الدباغ» بطل رواية «السمان والخريف» الذى كان أيضاً ضحية لثورة يوليو 1952، لكنه اتفق مع محفوظ فى جعل التصوف خلاصاً كما ذهب الأديب الكبير فى روايته «رحلة ابن فطومة»، إذ جعل الوروارى بطله يمر بمراحل ثلاث من الأحوال الصوفية أعطاها أسماء «القرب» و«الخلاص» و«الكشف» وجعل منها عناوين لآخر ثلاثة فصول فى روايته، مجتهداً فى إيجاد مقامات وأحوال صوفية تقترب من تلك التى نحتها زهاد التصوف وفلاسفته عبر سنين طويلة. لكن يبقى السؤال: هل يطرح المؤلف تطهير النفس حلاً لبطله، الذى يبدو هنا نموذجاً لنظام مبارك كله، وبالتالى حلاً عاماً لما تمر به مصر بعد الثورة؟ وهل ما جرى فى الواقع يتطابق مع هذا أم أن أغلب المباركيين عادوا بتصوراتهم وأحوالهم القديمة ليهاجموا الثوار ويعيدوا الأمور إلى سابق عهدها؟ هذان سؤالان ليس مطلوباً من الرواية أن تجيب عليهما، وربما أراد مؤلفها أن يطرح هو حلاً مثالياً، أو يقصر هذا الحل على بطله من دون أن يحمله بأى مستويات عامة أو شاملة تنسحب على حالة المجتمع بأسره، وهذا حقه، لكن كنا ننتظر أن نرى تعميقاً للمجاهدات التى مر بها «رياض كامل» حتى تصفو نفسه، ويصير إنساناً آخر، وهو ما أفرط المتصوفة فى الحديث عنه فى باب المقامات والأحوال ومدارج السالكين. والضمير الغالب على الرواية هو «المخاطب» الذى إن كان قد أتاح للمؤلف أن يقيم حواراً داخلياً عريضاً بين البطل ونفسه أو جعل بمكنة الكاتب أن يدين بطله ويجلده أحياناً، فإنه بدا مجافياً فى بعض المواضع، لعلم الراوى بكل شىء وإلمامه بكافة التفاصيل وتحكمه فى مصائر شخصيات الرواية من الابتداء إلى الانتهاء. وقد حرص الكاتب على أن يظل ضمير المخاطب مصاحباً لبطله الأول طيلة صفحات الرواية، فالجملة الأولى منها تقول: «نفس الرؤية التى تطاردك منذ طفولتك تأتيك هذه المرة بشراسة أكثر»، فيما تبدأ العبارة الأخيرة فيها بالقول: «تضحية كبيرة أن تغادر النورانى فيك، وتنحاز إلى الطينى مرة أحرى، تعود إلى ذلك البين الذى كرهته طويلاً». على النقيض من ذلك كان المؤلف أكثر تحكماً فى رسم بقية الشخصيات عبر استخدام ضمير «الغائب»، ومن خلالهم طرح الكثير من تصوراته وقراءاته الفلسفية، من دون أن يخل بجماليات النص، إذ وظّف تلك النزعة المعرفية فى ثنايا العمل، عبر وصف وحوار متدفقين، ولغة فياضة، وشحنات إنسانية ظاهرة، خاصة أنه بدا متعاطفاً مع المهمشين فى روايته، وهم مهمشون فى الحياة نفسها، وأراد أن ينفخ من ذائقته ودرايته فى أوصالهم المتراخية ونفوسهم المهيضة، وكان متحمساً لهم إلى درجة أنه صنع بهم انقطاعاً إلى حد ما فى مسار روايته حين احتاج أن يرسم ملامحهم قبل أن يُدخلهم فى علاقة مع بطله الأول، وربما قيده «ضمير المخاطب» فى أن يمزج هذه التفاعلات فى السير الطوعى للأحداث. نقلاً عن"جريدة الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية بين السياسة والتصوف 22 رواية بين السياسة والتصوف 22



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon