توقيت القاهرة المحلي 15:06:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

  مصر اليوم -

اعترافات ومراجعات 87 ذكريات إيرلندية

بقلم : مصطفي الفقي

 

أعاد لى الموقف العادل الذى اتخذته حكومة إيرلندا تجاه ما جرى فى غزة وبعدها فى لبنان وإدانتها لسياسات إسرائيل العدوانية وجرائمها العنصرية الشعور بضرورة فتح ملف العلاقات المصرية الإيرلندية، إذ إننى قد التحقت بالبعثة المصرية فى لندن عام ١٩٧١ بدرجة سكرتير ثالث ونائب القنصل، مما أتاح لى التعرف على أعداد كبيرة من الوافدين والوافدات إلى مقر القنصلية فى مبناها الرائع فى شارع المليونيرات، كما يسمونه والذى كانت تعيش فيه الأميرة مارجريت شقيقة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية كذلك قضى الأمير تشارلز - ملك بريطانيا حاليًا - فترة من حياته فى القصر المخصص له.

وعندما اكتشفت أن عملى فى القنصلية وانشغالى بأعبائها صباح مساء لمدة عامين بصورة تؤدى إلى تعطيل مسيرتى الدراسية للحصول على الدكتوراه من جامعة لندن كتبت إلى الجهة المعنية فى وزارة الخارجية المصرية أطلب نقلى إلى السفارة، بعد أن اكتملت خبرتى فى شؤون خدمة المواطنين وأتقنت الإجراءات القنصلية كاملة، واستجابت الوزارة بالفعل لرغبتى وانتقلت من مبنى القنصلية الذى كان مقرًا قديمًا للسفارة السورية فى لندن ثم جرت مقايضته بمبانٍ أخرى للدولة المصرية فى عواصم بعض الدول بعد الانفصال عام ١٩٦١ فآل ذلك المبنى إلى هيئة تمويل المبانى بالخارجية المصرية.

وقد اشتراه سلطان بروناى بعد ذلك ليضمه إلى ممتلكاته فى ذلك الشارع الرائع الذى كان مغلقًا من جانبيه ويحتاج المرور فيه إلى تصريحٍ من ناحية كينجستون أوبيز ووتر، وقد تكونت لى فى تلك السنوات علاقات وطيدة بالمصريين والعرب والأجانب ونشأت علاقة طيبة بين أسرتى الصغيرة وصديق إيرلندى اسمه «شارلز أوشيه» Charle’s OĆhi وزوجته الإيرلندية (بريدا)، وكان يحدثنى دائمًا عن ضرورة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين حكومتى دبلن والقاهرة، وكنا نتذكر معًا فترة التواصل بين الحركة الوطنية المصرية فى عصر سعد زغلول فى ذات الوقت الذى كان فيه الثوار الإيرلنديون يناضلون ضد الاحتلال البريطانى ويطلبون الاستقلال لدولة إيرلندية ذات سيادة كاملة.

وقد ألح علىّ صديقى الإيرلندى أن أكتب رسميًا عن رغبتهم للحكومة المصرية، لأن ذلك سيكون تعزيزًا لهم أمام الدول العربية ويفتح نافذة للعلاقات الدبلوماسية بين إيرلندا ودول الشرق الأوسط، وقد فعلت ذلك عام ١٩٧٥ بعد أن استأذنت السفير الراحل سميح أنور، ولم تمض فترة طويلة حتى استجابت الحكومة المصرية للرغبة الإيرلندية وقامت العلاقات بين الدولتين فى غضون عامين منذ بداية التراسل بين الخارجيتين المصرية والإيرلندية، لذلك أشعر دائمًا بالسعادة أننى أسهمت بجهد متواضع من خلال درجتى الدبلوماسية الصغيرة فى ذلك الوقت لبدء العلاقات بين دبلن والقاهرة.

ولذلك عندما تابعت التطورات الأخيرة لعلاقات دول العالم بإسرائيل اكتشفت أن إيرلندا قد اتخذت موقفًا حاسمًا دعا الدولة الإسرائيلية إلى التفكير فى سحب سفيرها فى دبلن ومراجعة العلاقات مع الحكومة الإيرلندية على ضوء الموقف الواضح لها الذى تدافع فيه عن الحقوق الفلسطينية واحتجاجًا على الممارسات العدوانية التى تمارسها إسرائيل فى فلسطين ولبنان وسوريا أيضًا، بل غيرها من الدول العربية، وأتذكر الآن أن صديقى تشارلز أوشيه قد حصل على تأشيرة دخول سياحية هو وزوجته لمصر، حيث كانا مفتونين بتاريخها الحضارى والثقافى وآثارها الفرعونية وأمضيا أسبوعًا كاملاً فى مصر.

وعاد شارلز يشكو لى اضطرابًا فى معدته فقلت له إن ذلك ربما يكون بسبب الطعام الدسم الذى تناوله فى بلادنا مقارنة بطعام بلادهم، ولكنه فاجأنى بقوله أظن أن المشكلة جاءت من مياه الشرب التى لم تكن فى نظره بالنقاء الكامل فى وقت لم يكن شائعًا فيه زجاجات المياه المغلقة والجاهزة مثلما هو الأمر الآن، ويذكر السفراء من أصدقائى الذين خدموا فى إيرلندا بالتقدير والمحبة طبيعة العلاقات بين الشعبين المصرى والإيرلندى فى كل الظروف وكافة المناسبات.

ولقد زرت شخصيًا العاصمة الإيرلندية بدعوة من زميلى السفير أشرف راشد، وهو واحد من أعلام الدبلوماسية المصرية، حيث ألقيت يومها محاضرة فى إحدى قاعات البرلمان، واكتشفت أن عددًا كبيرًا من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية هم من أصول إيرلندية، وسوف أظل دائمًا أتذكر صديقى الإيرلندى والملابسات الهادئة التى أحاطت بإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين مصر وإيرلندا، وكان لنا فيها إسهام متواضع أتذكره دائمًا بالرضا والارتياح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 87 ذكريات إيرلندية اعترافات ومراجعات 87 ذكريات إيرلندية



GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

GMT 13:04 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

وماذا عن المواطنة!

GMT 13:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

لن نهادن القبح

GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon