توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتحار الإخوان (2-4)

  مصر اليوم -

انتحار الإخوان 24

عمار علي حسن

... وانتحر الإخوان حين اعتقدوا أن بوسعهم أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، وظنوا أن المصريين يمكن أن يقبلوا الضيم، أو يطول صبرهم من جديد على الظلم، أو ينسوا دماء الشهداء، أو يلعقوا مرارة الخديعة وينصرفوا صامتين إلى تحصيل أقواتهم القليلة، أو ينفكوا عن المطالبة بتحقيق كل ما قامت الثورة من أجله، أو يتنازلوا عن الإيمان بأنها ثورة وليست فرصة تاريخية لوصول الجماعة الكسيحة إلى كراسى الحكم على أعناق الجميع. وانتحر الإخوان حين مالوا إلى القلة المحتكرة على حساب القاعدة العريضة من الناس، ناسين «العدالة الاجتماعية» وإن آمنوا بها فهى فى نظرهم مجرد «صدقات» يتبعها منٌّ وأذى، وليست حقوقاً لا يمكن تأجيلها، وانتحروا لأنهم لا يعرفون طريقاً اقتصادياً إلا «الرأسمالية المتوضئة» التى تؤمن بتعظيم الربح، وفق هوى التجار والسماسرة، والوقوع فى الفساد الاقتصادى المغلف بتسابيح وأدعية وأذكار حتى ينطلى ما يذهبون إليه على أى ضعيف العقل مرتجف الإيمان. وانتحر الإخوان حين تجاهلوا مطالب شباب الثورة ومواقفهم، بعد أن صعدوا على أكتافهم، ثم أداروا لهم ظهورهم، وراحوا ينكلون بهم، متناسين أنه لولا الطليعة الثورية الشجاعة التى أطلقت مارد الشعب من قمقمه لظلوا هم يروضون الوقت خلف الأسوار فى عتمة الزنازين منتظرين مجرد إشارة من إصبع نظام مبارك ليعقدوا معه الصفقات المهينة، حتى يبقى تنظيمهم المتيبس على قيد الحياة. وانتحر الإخوان حين عادوا إلى الدم، بعد طول حديث عن التغير والتطهر والتسامح والسلم، ليثبت للجميع أن الوداعة لم تكن طبعاً، بل تطبّعاً، جراء الويلات التى وقعت لهم حين رفعوا السلاح وألقوا القنابل، فهاهم يهددون بأنهار من الدم حتى يحافظوا بأى ثمن على السلطة التى حازوها بالخديعة و«عصر الليمون»، وهاهم يجرحون ويسحلون ويعذبون وينكلون بغيرهم كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فإن قاومهم الناس تمسكنوا وراحوا يستذرفون الدموع ويستجلبون الشفقة بأى طريق. وانتحر الإخوان حين استسلموا لهواجسهم المرضية ووساوسهم القهرية، فظنوا وهم فى الحكم، أن هناك من يقيد أيديهم، وشكوا وبيدهم القرار فى أن الكل يتآمر عليهم ويقوض سلطانهم، وأن الجميع ليس لهم نصيب كاف من العقل والدين كى يفهموهم ويناصروهم ويتعذبوا بأيديهم وهم صامتون، ويجوعوا بفعل سياسات الإخوان وتصرفاتهم دون أنين، ويرضوا بالجماعة حتى وإن استمروا فى سكنى القبور، وعليهم ألا يطلبوا شيئاً فى الدنيا بل أن ينتظروا الثواب فى الآخرة، لأنهم وقفوا إلى جانب «الجماعة المقدسة» و«الرجال الربانيين»!!! وانتحر الإخوان مع إصرارهم على أن يمدوا ذراع الكذب على اتساعه، بلا ورع ولا روية، ويحلقوا هذا بالمراوغة والمخاتلة والجدل العقيم، متصورين أننا فى حرب، وأن «الحرب خدعة»، هكذا يتصورون منافسيهم فى الساحة السياسية، وعلى هذا النحو ينظرون إلى المجتمع العام الذى هو فى نظر المجموعة القطبية المتحكمة فى رقبة الجماعة بحال لا يختلف عما كان عليه مشركو مكة وقت نزول الوحى وانطلاق رسالة الإسلام. وانتحر الإخوان حين يؤمن الناس بالتجربة أن الإخوانى المستكين هو الإخوانى المهزوم والمأزوم، فعندها أذن بأفولهم حتى وهم يمدون أرجلهم فوق كراسى الحكم. وانتحر الإخوان حين مدوا أيديهم خارج حدود الوطن طالبين العون والمدد من أتباعهم فى بلدان أخرى على المصريين، معتقدين أن الولاء هو لما يسمونها «دولة الفكرة» والإخلاص فقط لما تركه لهم مؤسسهم وهو مجرد بعض نصائح وإرشادات عامة تجاوز الزمن أغلبها، ولم تجد من بينهم من يطورها أو يغيرها حتى تصبح صالحة للتعامل معها الآن، وتنبنى على «الوطنية» كأساس، وليس على أوهام لم يعد لها وجود فى العالم المعاصر. نقلًا عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتحار الإخوان 24 انتحار الإخوان 24



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon