توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما وراء أزمة النائب العام

  مصر اليوم -

ما وراء أزمة النائب العام

عمار علي حسن

درسنا أن الدولة حين ترشح شخصاً سفيراً فى دولة أخرى فإنها تستطلع رأى هذه الدولة، وللأخيرة حق القبول أو الاعتراض. وها هى الأخبار تأتى لتبين أن الرئيس مرسى أرسل منذ أسبوعين اسم المستشار عبدالمجيد محمود إلى الفاتيكان سفيراً لمصر لديها. وكل ما يقال عن أن الإعلام اختلق الموضوع، أو تعليق الأمر على شماعة «مستشارى الرئيس» الذين أعرف أن أحداً لا يستشيرهم فى أى شىء، أو أن النائب العام هو الذى طلب الرحيل، كلام فارغ، يتورط فيه رجال كنا نعتقد بصدقهم وكفاءتهم واحترامهم للقانون والإنصات إلى صوت ضمائرهم. إن التسرع والرعونة والأنانية المفرطة وانتهاز الفرص بلا تروٍ ولا تقدير وتدبير، جعلت النائب العام، الذى طالب الثوار بتغييره منذ اليوم الذى تلى رحيل مبارك، يخرج من هذه الأزمة بطلاً، وجعل مناصريه يصرخون «الله أكبر» وجعلت كثيرين يصفون المسألة برمتها بأنها «حق أريد به باطل»، لاسيما أن هذه القضية رافقتها الاشتباكات فى ميدان التحرير، التى بان منها أن الإخوان يضيقون ذرعاً بمعارضى الرئيس، الذين لم يفعلوا شيئاً سوى ممارسة حقهم فى التظاهر السلمى. سيقول قائل: إن الرئيس نفذ ما يطالب به الثوار. وهذه حقيقة، فالنائب العام لم يبذل الجهد الكافى فى ترتيب أوراق القضايا المتعلقة بنظام الرئيس المخلوع. لكن الأسلوب الذى تحققت به هذه الغاية كان خائباً، وجعله فى موضع من يريد أن يزيح ضرراً بضرر أكبر منه، كأن يقدم مزارع على مقاومة الآفات التى ترعى فى حقله بحرق المحصول. وقديماً قال الفقهاء «دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة». كما أن الرئيس ليس بوسعه أن يقنع أحداً بأنه يحترم القانون وهو لا يزال عضواً فى جماعة لا يستند استمرارها على أى سند من دستور أو قانون. ولم يطلب منه أحد أن ينسحب منها، لكن المطلب العادل هو أن يفرض عليها أن تقنن وضعها. ولم يعد خافياً على أحد أن الإخوان يستخدمون القانون أو يهملونه وفق ما يحقق مصالحهم. فإن سئل الرئيس: لماذا يقسم رئيس جهاز المخابرات العامة على الولاء لك؟ تكون الإجابة: إن قانون الجهاز يعطى الرئيس حق تحديد صيغة القسم، وهذا صحيح. لكن فى مواضع أخرى يتخذ الرئيس قرارات لا يراعى فيها القانون ثم يقول: إنها الثورة. ولا يكف عن الحديث فى كل خطاباته على أنه يحترم الدستور والقانون. وتطهير القضاء، وهو مطلب لا تنازل عنه ولا فكاك منه، يعنى بوضوح الفصل التام بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية لا سيطرة الأولى على الثانية، كما يسعى الرئيس وخلفه جماعته أو أمامه. سيقول قائل: الرئيس يتخذ قرارات ثورية تأخر صدورها. وليت الأمر كان كذلك، فالإخوان كانوا أول من رفضوا التصرف الثورى، وقالوا: علينا أن نمضى فى المحاكمات وفق «القضاء الاعتيادى لا الاستثنائى». وحين طالب الثوار بمحاكمة وزير الداخلية فى اشتباكات مجلس الوزراء قال عصام العريان بملء فمه فى البرلمان إن قانون محاكمة الوزراء الصادر عام 1958 لا يتيح لنا ذلك. وبينما كان الشباب فى الميادين يتحدثون عن «الشرعية الثورية» كانوا هم يقولون «الشرعية الدستورية» وأن «البرلمان» حل محل «الميدان»، وحين عادوا للميدان أيام انتخابات الرئاسة قالوا إن للميدان شرعية أيضاً. المشكلة أن الإخوان يعتقدون أن المصريين أمة من الأسماك، لا يستقر شىء فى ذاكرتهم سوى عشرين ثانية، والمشكلة أيضاً أن كثيرين منهم يتكلمون على التوالى والتوازى فيناقض بعضهم بعضاً، وهى مسألة تضر بالرئيس نفسه، ولعل أزمة النائب العام تبين هذا بما لا مجال لشك فيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء أزمة النائب العام ما وراء أزمة النائب العام



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon