توقيت القاهرة المحلي 04:18:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البلتاجى الإنسان والبلتاجى الإخوان

  مصر اليوم -

البلتاجى الإنسان والبلتاجى الإخوان

عمار علي حسن

يستيقظ ضمير محمد البلتاجى فيخرج عن النص لكنه لا يلبث أن يعود هرولة إلى بيت الطاعة، لينطق بما هو مرسوم له بعناية فيتبعه شباب الجماعة وغيرهم وتسيل دماء فى كل الاتجاهات. شهداء وجرحى يتساقطون فى شوارع الألم، والبلتاجى ليس موجودا، فقد قال كلمته، أو أطلق أوامره، أو تفوه بما طُلب منه أن يُعلنه، ثم اختفى إلى حين، ليبقى السؤال الدائم: ماذا يقول البلتاجى الإنسان للبلتاجى الإخوان؟ أتذكر جيدا يوم الجمعة 18 نوفمبر، حين وقف هو بنفسه على المنصة الرئيسية فى ميدان التحرير ودعا إلى الاعتصام. لكن الجماعة التى ألفت شعار «ثورة ثورة حتى العصر» سحبت أتباعها قبيل المغيب، وتركت الليل والهول والحرقة لأصحابها يهتفون: «اعتصام اعتصام.. حتى يسقط النظام»، «يا طنطاوى قل لعنان.. الشرعية للميدان». ربما يومها كان البلتاجى يمثل نفسه، مثلما يعن له أحيانا، ثم تأتيه الأوامر زاجرة ناهرة: «بلتاجى أعرض عن هذا»، فيصرخ من أعماقه: «سمعا وطاعة». بعد ساعات من دعوة الاعتصام تلك كان رجال الأمن القساة الغلاظ يجرّون شابا قتلوه من بين المعتصمين إلى صندوق القمامة فقامت الدنيا وانفتح باب جهنم فى شارع محمد محمود لأسبوع كامل، بينما البلتاجى يستعد مع جماعته لانتخابات مجلس الشعب بإحصاء أجولة البطاطس وكراتين الزيت، ويصف ما يجرى بأنه مؤامرة من المجلس العسكرى لتأجيل هذه الانتخابات. للأمانة فقد حاول أيامها أن يدخل الميدان لكن الشباب طردوه، وسمعنا أنه تشاجر فى مكتب الإرشاد، لكنه انهزم وصمت، ثم ترك كل كيانه للساقية العجوز تدور به كيفما شاءت. هكذا عهدناه حين يجلس مع أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير فيقول ويقول كلاما معقولا، يخرج من البلتاجى الإنسان، ويذهب إليهم ليعود بعد ساعات أو أيام البلتاجى الإخوان، شخصا غير الذى ذهب، ينقلب الود إلى تجهّم، والإقدام إلى إحجام. ها هو البلتاجى يعود قبيل «موقعة الحجر» منتهزا فرصة الأحكام الصادمة بتبرئة المتهمين فى «موقعة الجمل» ليقول إن الإخوان سينزلون إلى ميدان التحرير للاحتجاج على هذه الأحكام. وكأن الرجل قد نسى أنه وجماعته طالما صرخوا فى وجه من نادوا بأحكام ثورية واستثنائية، وقالوا لهم بملء الأفواه: لا بد من القضاء الطبيعى. وكأنه أيضاً يتصور أن الناس سذج، وسينطلى عليهم هذا، ولن يدركوا أن البلتاجى كان ينفذ أوامر «القلة المحتكرة» لجماعة الإخوان والتى أرادت أن تتصدى لمن أطلقوا على يوم الجمعة الفائت «جمعة الحساب»، قاصدين بها جرد ما فعله الرئيس مرسى فى مائة يوم، حسبما وعد، ومستخدمين حقهم الدستورى فى التظاهر السلمى. لم يذهب البلتاجى إلى الميدان، ولم نسمع صوته بينما الأحجار تهوى على الرؤوس والصدور، ولم تصل إلينا زفرته حيال قيام مجموعة من المحمولين أرضا عبر الباصات بالهجوم على المنصة وتحطيمها. فالبلتاجى فعل ما عليه، كعادته، قال ما طلب منه واختفى، ليعود بعد أيام أو أسابيع مغتصبا ابتسامة من أعماقه البعيدة ويطلقها فى وجه الناس، راسما الوجه الذى يتمنى أن يكونه أبدا، لكنه لا يستطيع، فيستمر فى أداء دوره، دون أن يدرى أن للناس آذانا وعيونا وعقولا وأفئدة، وأنك يمكن أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكن ليس بوسعك أن تخدع كل الناس كل الوقت. والله غالب على أمره، وهو المطلع على السرائر ومقدر المصائر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البلتاجى الإنسان والبلتاجى الإخوان البلتاجى الإنسان والبلتاجى الإخوان



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon