عمار علي حسن
فى وقت يتصالح فيه الرئيس مرسى وحكومته مع الفاسدين من النظام السابق، وتتسرب أخبار عن إبرام صفقات واتفاقيات بالمليارات فى هذا الشأن، هناك مستثمرون لم يفسدوا ولم ينهبوا، لكنهم، من أسف، لا يزالون مقموعين مقهورين محاصرين بفعل سياسات خاطئة، وتقديرات جزافية، وإهمال جسيم، وتجاهل لصوت العدالة، رغم أن الرئيس ورئيس الوزراء يتحدثان بملء فميهما عن تشجيع الاستثمار، وتعزيز دور رأس المال الوطنى فى خدمة الاقتصاد، وهو توجه ضرورى بدلا من مد اليد للخارج بحثا عن قرض أو منحة أو هبة، تنخفض لها جباهنا فى إذلال، وتفرض قيودا على استقلال قرارنا، وتوجه سياستنا الاقتصادية فى طريق غير ذلك الذى يروم العدل ويرفع الظلم عن الفقراء والمساكين، وهم الأغلبية الكاسحة فى بلدنا.
أحد هؤلاء المستثمرين وهو المهندس أحمد حجازى رئيس مجلس إدارة شركة «كوينز جروب»، أرسل لى رسالة فاضحة كاشفة على «بريدى الإلكترونى» عما جرى لمشروع قريته السياحية «فينيسيا» التى استقبل فيها محمد مرسى خلال الحملة الانتخابية، وهى مشروع بناه بحصاد غربة استمرت 23 سنة بأبوظبى. هذا نص الرسالة كما وردتنى:
«السيد الأستاذ/ عمار على حسن.. تحية واحتراما.. يطالعنا أقطاب وأركان الدولة -كل صباح- مؤكدين أن الاستثمار فى مصر آمن مطمئن، ويناشدون مستثمرى الدنيا ويسعون لاجتذابهم إلى أرض مصر، وهم يبطشون ويفتكون ليل نهار بالاستثمار الداخلى (أبناء البلد)! إما انتقاما أو سعيا وراء المهرجان الإعلامى الجاذب، فربما ينالون (قضمة) بدعاوى مغلوطة ومكذوبة وانتهازية! وحكاية شركتنا.. مستثمر متوسط عدت لبلدى بعد اغتراب (وليتنى ما عدت) وحلم المساهمة فى تنمية موطنى بالمنوفية تراودنى، فأنشأنا (قرية فينسيا السياحية) لترويج ما سميناه (السياحة الريفية)، وبناء عليه أعرض الآتى:
• تعاقدنا مع المحافظة (المالك الظاهر) على إقامة وإنشاء وتشغيل مشروع سياحى استثمارى على أرض فضاء مملوءة بالأحراش والنفايات على بحر شبين بقيمة إيجارية وتئول المنشآت بنهاية العقد (15 سنة).
• لمتطلبات الترخيص السياحى وافق المحافظ (رسميا) على إضافة منشآت جديدة وزيادة التعاقد خمس سنوات.
• التزمنا بالتزاماتنا ولم تنفذ المحافظة توصيل المياه، وفوجئنا بإجبارنا رسميا بتقديم مياه معبأة مجانا، وطالبتنا الضرائب العقارية بضرورة سداد المنافع (الأرض ذات صلة بوزارة الرى)، وقمنا بالسداد!
• إثر نزاع بين الرى والمحافظة أصدرت الجمعية العمومية بمجلس الدولة (إلغاء إشراف المحافظة على الأرض)، وعادت الولاية للرى.
• تقدمنا بطلب لوزير الرى لتطبيق قوانين الرى على الشركة (كأى منتفع).
• وافق الوزير على تقنين الوضع وعهد إلى الدكتور محمد بهاء، الذى كان رئيسا للقطاع، بالدراسة القانونية، والذى رفع سيادته الأمر موافقا ومؤكدا موقفنا القانونى، مطالبا إيانا بالتنازل عن القضايا المرفوعة للسير فى تنفيذ القرار، وتنازلنا عن القضايا.
• وبعد تقاعد الوزير وتسليمهم التنازلات رسميا، (أخرجوا لنا ألسنتهم) وأعلنوا المنشأة فى مزاد مخالفة للقانون.
• تحصلنا على حكم قضائى مستعجل بوقف كافة الإجراءات. وحينما تولى المحافظ السابق جاء الحكم فى الموضوع خلال خمسة أيام من إيداع تقرير المفوضين. ولأن الأمر مدبر بليل رفضت الدعوى.
• استنادا إلى الحكم صدر قرار إدارى بالاستيلاء على المنشأة بمنقولاتها ومخزوناتها (بدعوى مديونية متداولة قضائيا).
• يتم إدارة المنشأة وتشغيل المعدات والمخزونات خاصتنا بمعرفة الوحدة المحلية! شفت سيادتك الاستثمار فى بلدنا؟! رغم فتوى مجلس الدولة بإلغاء إشرافها!
• وجاء حكم الإدارية العليا فى 7/7 ببطلان حكم الموضوع الذى تأسس عليه القرار الإدارى الجائر.. ولأن الحكم شابه العوار يعاد النظر فى الدعوى بهيئة مغايرة (ذبح علنى للاستثمار). ومن المضحكات المبكيات أن القرار الإدارى بتوقيع (وزير الرى السابق ورئيس الحكومة الحالى).. الذى أقسم على العدل، وأوكل إليه رعاية الاستثمار. ووزير الرى الحالى ورئيس القطاع الأسبق يتجاهل دراسته القانونية وموافقته فى 2006، بينما الوزراء يتحدثون ليل نهار عن أمن عوامل جذب الاستثمار (الكاذبة).
وبناء على كل ما سبق، أرفع من خلالكم رسالتى إلى الرئيس مرسى، الذى استقبلته (قرية فينسيا السياحية) فى جولته الانتخابية بالمنوفية.. اللهم إنا علمنا أن رزقنا بين يديك فنحمدك ونستجير بك من القهر والظلم».
انتهت الرسالة، ليبدأ واجب من بأيديهم الأمر فى رفع الظلم الواقع على الرجل وأمثاله من المستثمرين الوطنيين، فإن تقاعسوا أو أهملوا فلن نصدق من يُفرط فى الكلام عن تشجيع الاستثمار الوطنى، وسيكون كلامهم مجرد جعجعة فارغة وطنطنة خاوية وخطابا سياسيا أجوف قاد من استمرأه إلى سجن طرة.
نقلاً عن جريدة "الوطن"