توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مشوار الإخوان إلى الدستور

  مصر اليوم -

مشوار الإخوان إلى الدستور

عمار علي حسن

فعلت جماعة الإخوان كل ما فى وسعها، وبشتى الطرق، من أجل أن ترسو سفينة الثورة على شاطئ الانتخابات التشريعية، التى كانوا مستعدين لها منذ سقوط مبارك، ودفعوا فى اتجاهها، وأن تكون هى المحدد لصناعة الدستور عبر انتخاب جمعية تأسيسية على أيدى الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى. وفى هذه النقطة، حدث تدليس رهيب على الشعب المصرى، فالناس صوتت فى استفتاء 19 مارس 2011 على مادة تقول: «يجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى لاختيار» فتم تغيير الكلمة من «اختيار» إلى «انتخاب» وشتان ما بين الاثنتين. فالأولى حين تذكر ينصرف الذهن مباشرة إلى عملية «اقتراع» أما الثانية فيمكن أن تعنى «الانتفاء» و«الاصطفاء» أى أن نضع أيدينا على الأشخاص المؤهلين لصناعة الدستور، وهو ما لم يجر فى الواقع. وقد خرج المستشار طارق البشرى، رئيس اللجنة، التى عدلت مواد دستور 71 عقب تنحى مبارك مباشرة وبتكليف من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليدافع عن هذا التغيير، وكتب يقول إنه بحث فى «لسان العرب» فوجد أن الكلمتين مترادفتان. ورددت عليه، فقلت له: هذا فى قاموس قديم، لكن اللغة كائن حى يتطور بتغير الأزمنة والأمكنة، وأعطيت أدلة على قولى منها: «الشاطر فى العصر المملوكى هو اللص، أما الآن فهو التلميذ النجيب»، وهو لقب نائب مرشد الإخوان والرجل الأول فى الجماعة، المهندس خيرت الشاطر. لكن الإخوان كانوا يعرفون طريقهم جيداً، بغض النظر عن سلامته وسلاسته بالنسبة لمصلحة البلد، التى كانت تفترض وضع دستور ولو مؤقتاً لمدة خمس أو عشر سنوات، أو حتى دستور دائم بمعايير اختيار مختلفة، حتى توضع سريعاً الأرضية الصلبة التى يقام عليها بنيان النظام السياسى، ثم نتفرغ جميعا لبناء الدولة. وأجد نفسى هنا فى حاجة إلى ذكر واقعتين كاشفتين، الأولى تتعلق بالدستور والثانية تتعلق بالانتخابات، كنت شاهدا عليهما، فقبل الثورة، وفى سياق اجتماعات للقوى السياسية المعارضة تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير وغيرها، كان هناك اتفاق على ضرورة أن نبدأ بصناعة الدستور إن قدر للشارع أن يتحرك ويطيح بمبارك، لكن الإخوان ألقوا كل هذا وراء ظهورهم بعد الثورة، وراحوا يلهثون وراء الطريق الذى شقوه هم نحو مصالحهم الذاتية. والثانية، كانت تخص الانتخابات التشريعية الأولى عقب الثورة، إذ قامت القوى السياسية بإعداد قانون للانتخابات، بعد أن أعطاها المجلس العسكرى هذا الحق إثر تبرمها واستنكارها لقيامه بالانفراد بوضع القوانين التى ترتب للمرحلة الانتقالية ومنها قانون الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وسلمت نسخة من هذا القانون إلى المجلس العسكرى، وكانت تقضى بأن تجرى الانتخابات مناصفة بين «القوائم» و«الفردى» بما لا يعطى أى جهة فرصة للطعن فى نتائج الانتخابات، قياساً إلى ما ينص عليه الإعلان الدستورى وكذلك التقاليد الدستورية المرعية فى مصر منذ عقود. لكن الإخوان اعترضوا، وطلبوا أن يكون الثلثان بالقائمة والثلث «فردى»، على أن يحق للأحزاب السياسية أن تنافس على المقاعد الفردية، وهى المسألة التى أدت إلى الطعن على مجلس الشعب فيما بعد، وقضت المحكمة الدستورية بحله، والحق يقال إن كثيرا من الأحزاب الموجودة على الساحة قد وافقت على هذا النظام فى اجتماع مع الفريق سامى عنان. وحصل الإخوان على أغلبية فى الانتخابات التشريعية، لكن البرلمان تم حله، أما ما تم تسويقه وتمريره هو الدستور، فما عرض على المصريين يومى 15 و22 ديسمبر 2012 كى يقولوا له «لا» أم «نعم» لم يكن دستوراً بالمعنى المتعارف عليه فى تاريخ الأمم، بل هو ترجمة قانونية ركيكة لخطة التمكين التى وضعتها جماعة الإخوان فى تسعينات القرن المنصرم. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشوار الإخوان إلى الدستور مشوار الإخوان إلى الدستور



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon