توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجنسية ألمانى.. والدين إسلامى.. ومعسكر الجهاد فى مصر

  مصر اليوم -

الجنسية ألمانى والدين إسلامى ومعسكر الجهاد فى مصر

عمار علي حسن

آخر ما كنت أتوقع سماعه أو معرفته خلال زيارتى لألمانيا مؤخراً هو هجرة عدد من الألمان، أسلموا على أيدى سلفيين وصاروا منهم، إلى سيناء فى سبيل الجهاد. إنهم ليسوا من العرب الذين هاجروا إلى هناك واستقروا واكتسبوا الجنسية الألمانية بمرور السنين وتوافر الشروط، لكنهم من الألمان الأصليين، غيروا أسماءهم وشدوا رحالهم إلى بلادنا ليجاهدوا فينا!! نزل الخبر على رأسى كالصاعقة، وزاد من قلقى على مسار سيناء ومصيرها، والذى توازى مع قلق الألمان على بلادهم التى أصبحت مضطرة إلى مواجهة «الأصولية الإسلامية» بشتى ألوانها وأطيافها، ومع كل هذا قلق على الإسلام الذى تزداد صورته فى الغرب تشوهاً بفعل تصورات وتصرفات بعض ممن يزعمون أنهم يرفعون رايته أو يجسدون حقيقته وأصالته وجوهره وينابيعه الصافية. المهاجرون ليسوا من العرب لكنهم من الألمان الأصليين.. غيروا أسماءهم وشدوا رحالهم إلى بلادنا ليجاهدوا فينا ذهبت إلى هناك بدعوة من جامعة «إيرفورت» العريقة، التى تخرج منها «مارتن لوثر» والمستشرقة الكبيرة «مارى شميل»، لحضور حلقة بحث دولية تحت عنوان «الحركات الإسلامية فى مصر وتونس كأطراف فاعلة فى عمليات التحول السياسى» لكن جدول الأعمال لم يقتصر على حديثنا عن أنفسنا بل امتد إلى حديث الألمان عن أنفسهم أيضاً، فعرفنا منهم الكثير عن الإسلام والمسلمين فى بلادهم. كان الحاضرون منهم باحثون ينتمون إلى جامعات ألمانية عدة فضلاً عن مراكز أبحاث، تحدثوا فى أمور عامة من قبيل «القرآن كمحرك سياسى» و«مرجعيات الشريعة فى عمليات التحول السياسى» و«مفهوم الإسلام فى الخطاب الأكاديمى والمجتمعى» و«التداعيات السياسية العربية وتغيير موازين القوى الإقليمية» و«التيار العلمانى فى عمليات التحول السياسى» وفى أمور أقل عمومية من قبيل «دور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى فى الثورات العربية» و«صورة الثورات العربية فى وسائل الإعلام الألمانية» و«العلاقات العربية الألمانية بعد الثورات» ثم إلى أمور أكثر خصوصية فتناولنا الإسلاميين فى مصر وتونس ومضاهاتهم بتركيا ودور الأزهر فى الحفاظ على الاعتدال والوسطية الدينية. وليس هنا مجال للحديث عن أنفسنا، فالقارئ يعرف الكثير عن وضع الإخوان والسلفيين والجهاديين فى مصر وتونس، لكن المهم هو ما قاله الألمان عن الإسلام والمسلمين والحركات الإسلامية، المعتدل منها والمتطرف. وهى أقوال جعلت الحاضرين من العرب، وأنا بينهم، حريصين طيلة الوقت على إجلاء الصورة مما ران عليها من أدران بفعل السفهاء منا، ففرقنا دوماً بين «الإسلام» وبين «الحركات المتأسلمة» ودافعنا عن الأول لأن «نصه» لا يجيز ولا يقر التطبيقات المشوهة والمتجاوزة والمغرضة التى تفعلها الثانية، حين تحول الدين إلى أيديولوجيا فجة أو تجارة رخيصة أو وسيلة دعائية للتعبئة والتلاعب والحض على الكراهية. وبعض الألمان يفهم الأمر على هذا النحو، وبعضهم يمزج بين الدين والتدين فى رؤيته، ويرى أن المسلمين المتطرفين والإسلام سواء. الأمر يزيد القلق على شبه الجزيرة ومصيرها.. وهناك خلايا تدعو إلى الجهاد المسلح فى الشرق الأوسط تتبنى أفكار القاعدة أما المجال والمقام الأهم هنا فهو وضع الحركات الإسلامية فى ألمانيا، وهو ما أجلاه فى محاضرة عميقة الدكتور أولاف فارشيد، أستاذ العلوم السياسية، ومستشار وزارة الداخلية بولاية برلين، الذى انطلق من تقسيم حركات الإسلام السياسى فى بلاده إلى «إسلاميين براجماتيين» و«سلفيين راديكاليين» و«إسلاميين معتدلين»، ووزعهم على البلاد التى انحدروا منها إلى عرب وإيرانيين وأتراك وأسيويين، فضلاً بالطبع عمن أسلموا من الألمان الأصليين، والأهم أنه فرق بين «الإسلام» و«الإسلاموية» ورفض التصورات الغربية عن معاداة الإسلام للديمقراطية وتحريضه على العنف وعدم الاندماج فى المجتمعات الغربية وتكفير أهلها، وقال «يجب ألا نعمم هذا أبداً»، وانتقد بشدة اعتبار بعض الألمان أن «الإسلام عدوان على المجتمع الألمانى» وقيام هيئات حكومية ببث دعاية تحاول أن تصور الإسلام على أنه «جماعات سلفية وأصولية متشددة» وليس «دين تسامح ورحمة وعدل». وبناء على هذه المحاضرة، وكذلك على ما دار حولها من مناقشات، وما جرى فى محاضرات غيرها، وثرثر به كثيرون على هامش الحلقة البحثية التى استمرت 3 أيام من العمل المكثف والجاد، يمكن رسم خريطة الحركات الإسلامية فى ألمانيا على النحو التالى: 1- يعيش فى ألمانيا أكثر من 3 ملايين مسلم، نحو 38 ألفاً منهم بما يعادل 1%، ينضوون تحت لواء الحركات الإسلامية بمختلف ألوانها، وأكبرها حركة «ميلى جيروش» التى تتبنى أفكار نجم الدين أربكان مؤسس حزب «الرفاه» التركى، ويبلغ عدد أعضائها 31 ألفاً، لكنها وإن كانت تلقى امتعاضاً بين الألمان عموماً فإن كثيرين يرون أنها لا تشكل تحدياً كبيراً أو تمثل مشكلة عويصة؛ لأن هذه الحركة تنبذ العنف والتطرف، وتندمج فى المجتمع الألمانى، وذلك على العكس من «جماعة دولة الخلافة» التركية أيضاً، التى ترفع شعار «القرآن دستورنا» وتدعو للعودة إلى إقامة «الخلافة» الإسلامية من غانا إلى فرغانة، وترفض الديمقراطية، ولذا تم حظرها، لكن أفرادها موجودون فى ألمانيا، يحاولون أن يمارسوا عملهم فى سرية وتكتم. 2- يبلغ عدد من ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين فى ألمانيا نحو 3 آلاف عضو تحت اسم «رابطة المسلمين فى ألمانيا» IGD وينشغلون بتصحيح المفاهيم الخاطئة عن دعوتهم وجماعتهم باعتبارها تجسد «الطريق الإسلامى الصائب» من وجهة نظرهم، وينتقدون أفكار وتصرفات السلفيين الألمان ويبتعدون عنهم بقدر الإمكان، وهم يؤكدون دوماً أنهم غير تابعين مباشرة للجماعة الأم، لكنهم يستقبلون قيادات إخوانية عربية، ولاسيما مصرية، ويجرون اجتماعات مستمرة معهم، ويحرصون على وصفها بأنها «اجتماعات تناقش قضايا عامة» لكن الحكومة الألمانية تضعهم تحت المراقبة الدائمة الناعمة، وفق ما قاله د. فارشيلد، ولديها معلومات يقينية أن هذه الاجتماعات لها علاقة بما يشغل «التنظيم الدولى للإخوان»، وأنها جزء لا يتجزأ منه. وربما الرؤية العامة التى تحكم توجه الحكومة الألمانية حيال الإخوان هناك هى التى عبر عنها يواخيم هرمان وزير الداخلية فى ولاية بافاريا ذات يوم حين رفض التقليل من تأثير هذه الرابطة ورأى أنها تنأى بنفسها لأسباب تكتيكية عن الاتجاهات الإسلامية المتطرفة فى البلاد، وقال: «الوجه الحقيقى لمثل هذه التيارات يسفر عن نفسه بالتدريج بعد النجاح الذى حققه الإخوان المسلمون فى مصر، حيث يريدون تغيير المجتمع عبر قانون أساسى يعتمد على الشريعة الإسلامية». ومن ضمن المؤسسات القريبة من الإخوان فى ألمانيا «المجلس المركزى للمسلمين»، الذى يرأسه سورى درس فى الأزهر هو أيمن مزبك، ويطالب بتغيير جذرى للكثير من المفاهيم السائدة حول الإسلام، ولا ينظر إلى الإسلام باعتباره «دين ودولة» إنما دين سماوى خاتم. «الإخوان» فى ألمانيا عددهم 3 آلاف.. والحكومة تراقبهم وتعتبرهم امتداداً لـ«التنظيم الدولى» للجماعة.. والسلفيون تعاملوا مع الثورات العربية على أنها «انتفاضات إسلامية» 3- انتشر السلفيون فى ألمانيا بصورة واضحة بين المسلمين هناك، وتمكنوا من استقطاب أشخاص ألمانيى الأصل فأسلموا وصاروا معتنقين للآراء الفقهية السلفية، ويستخدمون شبكة الإنترنت فى «الدعوة» بشكل بارز، وبعض مواقعهم حظرتها الحكومة، لكن بعضها مستمر فى العمل. وقد تمكن السلفيون من جذب لاعب الملاكمة الألمانى الشهير بيير فوجل إلى الإسلام، وتحول إلى داعية وخطيب يطالب العرب والمسلمين بتطبيق الشريعة فى بلدانهم، لكنه لا يطلب هذا من الألمان، وقد أصبح ضيفاً على بعض الإذاعات الألمانية للحديث عن «التربية الإسلامية». وقد تفاعل السلفيون فى ألمانيا مع الثورات العربية، لكنهم تعاملوا معها على أنها «انتفاضات إسلامية» وأصبحوا يتحدثون عن «صحوة إسلامية» ويستعملون عبارات من قبيل «الإسلام عائد» و«لا حل إلا بالإسلام» و«العودة إلى الأصول». وبعضهم شد رحاله إلى مصر وتونس واليمن، بعد سقوط مبارك وبن على وصالح، ومنهم من أقام معسكرات تدريب فى اليمن، وهناك من ذهب إلى سيناء للانضمام إلى الجماعات الجهادية هناك، ومنهم من انخرط فى الحياة السياسية بعد إقامة السلفيين لأحزاب تتنافس على السلطة. ومشكلة السلفيين بالنسبة للسلطات الألمانية أنهم يعتنقون أفكاراً غير مقبولة بالنسبة للمجتمعات الغربية عموماً منها العداء الصارخ لليهود، وإشاعة ثقافة الاستشهاد، وتقسيم العالم إلى فسطاطين: دار إسلام ودار حرب، والدعوة إلى تطبيق الشريعة بشكل كامل ومطلق، ورفض النظام الديمقراطى، واعتباره «شِركاً»، واعتبار البرلمان «بدعة» ورمى أى مسلم ينضم إليه بأنه «مرتد» ووصف تعدد الأحزاب بأنه «طاغوت»، فيما يأخذ معنى «الولاء والبراء» لديهم الولاء الكامل للسلفية والبراء من المجتمع الألمانى. 4- من بين المسلمين هناك أتباع للطرق الصوفية، لاسيما القادمة من تركيا وإيران، وهم يتفاعلون بإيجابية كبيرة داخل المجتمع هناك ويجذبون كثيرين ممن يبحثون عن الامتلاء الروحى، خصوصاً من النساء. ونظراً لأنهم يدعون إلى الاندماج فى المجتمع وقبول الكثير من قيمه وأفكاره، ولا يرفضون الديمقراطية، فلا يشكلون أى تحدٍ للسلطات هناك، ويبدو الأفق مفتوحاً أمامهم لجذب مزيد من المسلمين المقيمين فى ألمانيا أو الألمان أنفسهم، لكنهم يفتقدون إلى التنظيم والإمكانات المادية. 5- هناك خلايا وتجمعات أصغر لحركات إسلامية أخرى، مثل «حزب التحرير» الذى يجعل إعادة الخلافة مشروعه وهدفه، وينادى بمبدأ «الحاكمية»، ومجموعات تابعة لحزب الله وحماس، وهى مهتمة بجمع التبرعات، والدعاية السياسية، ويقيمون «يوم القدس» كل عام، ويتخذونه فرصة لحشد الرأى العام المسلم فى ألمانيا حول قضية «الصراع العربى الإسرائيلى». وهناك «مجلس الشورى الإسلامى» المنهمك فى إقامة المشاريع، وهناك خلايا تدعو إلى الجهاد المسلح فى الشرق الأوسط، تتبنى أفكار القاعدة. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنسية ألمانى والدين إسلامى ومعسكر الجهاد فى مصر الجنسية ألمانى والدين إسلامى ومعسكر الجهاد فى مصر



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon