توقيت القاهرة المحلي 08:32:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غاندى وجيفارا.. . نموذجان ثوريان (1- 6)

  مصر اليوم -

غاندى وجيفارا  نموذجان ثوريان 1 6

عمار علي حسن

الحنجرة والرصاصة، أو العصيان المدنى وحرب العصابات.. نموذجان ثوريان عرفهما العالم، دارا كلية حول الكلمة والبندقية، أو المهاتما غاندى وتشى جيفارا. وهنا فى سلسلة مقالات سنعرف ملامح هذين المسارين. وسنبدأ بقديس المقاومة السلمية، غاندى.. رسم الزعيم الهندى الخالد غاندى (1869-1948) ملامح فلسفته ومعالمها وحدد لها مقاصدها وأساليبها، مستفيدا مما قرأه من أعمال لمفكرين إنسانيين من أمثال تولستوى وثوربو وإمرسون وراسكين وغيرهم. وقد انطلق غاندى فى طريقته هذه المعروفة باسم الساتياجراها Satigraha من أن أى عنف لا يلغى الظلم، فالعنف يؤدى دوما إلى الاستغلال والطغيان، وأن النضال من أجل الحقيقة لا بد أن يلازمه الحب، وأن الغاية الطيبة لا يمكن الوصول إليها بوسائل شريرة، إنما بإفناء الروح ضد إرادة الجور والاستبداد، ومكابدة المعاناة الذاتية لتحقيق أقصى درجة من الشجاعة والتحرر من الخوف، والتعامل بندية ظاهرة مع الخصم، وتحويل الصراع إلى «توتر خلاق» يساعد فى تدمير السلطة الباطشة أو المحتلة واستبدالها بأخرى وطنية. وتنفيذا لفلسفته أو فكرته هذه دعا غاندى الهنود إلى رفض إطاعة قوانين معينة مع ممارسة سلوك مغاير من دون الانزلاق إلى أى عنف. وقد لجأ غاندى إلى هذه الطريقة أثناء إقامته فى جنوب أفريقيا، للاحتجاج على أوضاع العمال الآسيويين هناك، ونقل التجربة إلى الهند فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، واستخدمها فى تعبئة الناس للاعتراض على ضريبة الملح المغالى فيها، ثم توظيفها فى رفض الاحتلال البريطانى برمته. وتقوم هذه الطريقة أيضاً على عدم التعاون مع الاحتلال، والامتناع عن تزويد سلطاته بأى مدد يضخ فى أوصاله قوة دائمة تساعده على الاستمرار، سواء كان هذا المدد رجالا أم مالا، لذا طلب من الموظفين الهنود ألا يعملوا، وطلب من نواب المجالس المحلية أن يقدموا استقالاتهم، وأن يخرجوا أولادهم من المدارس والجامعات التى تديرها الحكومة، ويساهموا فى إقامة مدارس وطنية بديلة تقوم على التطوع. كما قامت هذه الطريقة على مقاطعة المحاكم البريطانية وإقامة محاكم وطنية بدلا منها، ومقاطعة البضائع الأجنبية، والاعتماد على المنتجات المحلية مهما كانت بسيطة، والصوم عن الطعام. وامتدت هذه الطريقة المبتكرة فى العصيان السياسى إلى جلوس الهنود على قارعة الطريق لإعاقة مرور المحتلين، أو خارج المكاتب الحكومية فى حالة اعتصام مزمن، فإذا قامت الشرطة باعتقالهم ذهبوا معها طائعين إلى السجون، وهم يبدون لها قدرا هائلا من اللامبالاة والتجاسر. ويبلغ الأمر مداه مع إقامة دروع بشرية ضخمة من الرجال والنساء والأطفال لمواجهة الغزو الخارجى. فغاندى رأى فى احتشاد الناس العزل على الحدود لصد القوات الغازية طريقة مثلى فى هزيمة المعتدين، إذ إنهم لو كانوا مستعدين فى البداية للسير بدباباتهم ومدافعهم وعرباتهم المصفحة فوق أجساد الملايين فإنه ليس بوسعهم أن يستمروا فى أسلوبهم الدموى هذا إلى النهاية. وكما يقول غاندى: «لو ظهر نيرون جديد فإن جوانحه لن تخلو من قلب لا بد أن يتأثر بقتل وجرح هذه الطوابير البشرية اللانهائية التى لا تفعل سوى الاحتجاج السلمى، فقد يقتل إنسان إنسانا فى ميدان المعركة، لأن شأن الحرب هكذا، إما قاتل أو مقتول، لكن ليس بوسع أحد أن يستمر فى قتل من لا يتوقع منه أن يقتله، وإذا حدث أن ارتكب جيش هذا العمل الفظيع، فلن يقدر على أن يكرره مرة أخرى». وقد عرض غاندى إقامة هذا الدرع البشرى الضخم عام 1931 أثناء محادثات له فى سويسرا، ونصح بلاد الحبشة بأن تفعل هذا حين اجتاحها الجيش الإيطالى عام 1935، وطلب الأمر نفسه من اليهود فى مواجهة أدولف هتلر عام 1938. وفى العام نفسه قدم النصيحة ذاتها إلى الصينيين فى مواجهة اليابانيين، وإلى التشيك والبولنديين فى التصدى للألمان. (نكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غاندى وجيفارا  نموذجان ثوريان 1 6 غاندى وجيفارا  نموذجان ثوريان 1 6



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon