توقيت القاهرة المحلي 07:27:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى معنى العنف (2-6)

  مصر اليوم -

فى معنى العنف 26

عمار علي حسن

.. وبعد هوبز وداروين جاء عالم النفس النمساوى الشهير سيجموند فرويد ليرى أن العنف مولود معنا، فالطفل يصارع من أجل الاستئثار بحب أمه، ثم تبدأ عقدتا «أوديب» و«إليكترا» عملهما، فتغار البنت على أبيها من أمها، ويغار الولد على أمه من أبيه، ومعهما يستمر صراع الطفل ذكرا كان أو أنثى مع الإخوة على حب الوالدين. ومع تقدم العمر تظهر العوامل المكتسبة التى تغذى العنف بينما تعود العوامل الفطرية وتنشط لدى الراشدين إن اصطدموا بإحباطات وألوان ضارية من العدوان. ويكون المجتمع فى حاجة ماسة إلى أن يتنازل كل فرد فيه طواعية عن جزء من رغباته فى سبيل العيش بسلام، وتفادى الصراع الضارى فى سبيل تحصيل مزيد من القوة. وترفض النظرية الماركسية أن يكون العنف حالة طبيعية أو فطرية وترى أنه نتاج التظالم الاجتماعى، واحتكار قلة وسائل الإنتاج، ولذا لا مجال لحديث عن «حرب الكل ضد الكل» التى نادى بها هوبز إنما عن «صراع الطبقات» بوصفه محرك التطور الاجتماعى منذ مجتمع العبودية وحتى عصر الصناعة. لكن الماركسيين اللينينيين سقطوا فى الاختبار حين توهموا أن العنف، بل الرعب، الذى تمارسه السلطة يمكن قبوله وتبريره، لأنه مرحلى ويرمى إلى إنهاء العنف الناجم عن التفاوت الطبقى، فالنتيجة أن هذا زاد من رقعة العنف وأسبابه واتجاهاته ولم يعالجه علاجا شافيا كافيا، بعد الوصول إلى حكم الفقراء أو «دكتاتورية البروليتاريا»، إذ إن هذه المرحلة لم تنه الاستغلال كما بشر ماركس، بل أيضاً فتحت أفقا جديداً للصراع وممارسة العنف، مع حديث لينين عن اتخاذ الصراع أشكالا جديدة بعد تمكين الفقراء من الحكم مثل: قمع مقاومة المستغلين، واحتمال نشوب حرب أهلية بين البروليتاريا والبرجوازية، والصراع حول قيادة الفئات غير العمالية وفى مقدمتهم الفلاحون، وصراع آخر بغية الاستفادة من أصحاب الخبرات من بين البرجوازيين، والسعى الصارم إلى تربية الشعب وفق النهج الاشتراكى. ورأى لينين أن كل أشكال العنف تلك ستنتهى بمجرد انتصار الاشتراكية وتطوير عناصر التوحد الاجتماعى والسياسى والفكرى للمجتمع، تمهيدا للوصول إلى «المجتمع الشيوعى» الذى سينتهى فيه الصراع الطبقى تماما. لكن هذه الأحلام بقيت راقدة فى سطور الكتب ولم تتحقق فى الواقع المعيش بهذه الصورة المثالية. ويعزو عالم السياسة الإنجليزى داهرندورف العنف والصراع إلى رغبة الأشخاص المتصارعين فى تولى مقاليد السلطة والقيادة، ويرى أن الصراعات التى تحدث بين العمال وأرباب العمل فى الدول الصناعية باتت شيئا مألوفا، يمكن التعايش معه. وهناك من نظر إلى جوانب مفيدة لهذه الصراعات إذ إن وقوعها فى جانب من المجتمع قد يقود إلى حدوث استقرار وهدوء فى جانب آخر، فى ظل تقاطع المصالح والولاءات، التى تجعل من صديق فى إحدى الجبهات عدوا فى جبهة أخرى. وفى الحقيقة فإن العنف فى نظر كثير من الفلاسفة لم يكن شرا خالصا، إذ رغم أخطاره وثمنه الفادح، فإنه أحيانا يكون بمثابة الحجر الذى يلقى فى المياه الراكدة ليمنعها من التعفن، فيجدد الحياة ويصلحها، ويسهم فى القضاء على الظلم والفساد، ويدفع المتجبرين ويردعهم، وهذا ما فعلته الثورات الكبرى فى التاريخ الإنسانى، التى لولاها ربما لظل الناس منقسمين إلى ثلة من الأسياد وكثرة كاثرة من العبيد والأقنان. (ونكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى معنى العنف 26 فى معنى العنف 26



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon