توقيت القاهرة المحلي 07:27:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى معنى العنف (3-6)

  مصر اليوم -

فى معنى العنف 36

عمار علي حسن

فى بعض الأحيان يمدح المنخرطون فى أعمال العنف السياسى ما يفعلونه باعتباره وسيلة للتعبير عن المطالب السياسية أو لمعارضة سياسات غير صائبة، وبالتالى قد يكون العنف المحدود مفيداً للحكام والنظام السياسى بصفة عامة، لأنه ينبه إلى «انحراف اجتماعى» فشلت الوسائل الطوعية والسلمية فى التعبير عنه تعبيرا كافيا. وإذا كان العنف المفرط وواسع النطاق عملا مدمرا، يجب استهجانه أخلاقيا لأنه يفنى البشر والمقدرات المادية، فإن من المحتمل أن يؤدى العنف السياسى فى بعض الأحيان إلى زيادة مجموع ما يشعر به أفراد المجتمع من ارتياح، إن كان يخدم قيمة أو مصلحة أو توجها يرغب فيه الشعب. كما أن العنف إن كان يدمر الكثير فى المدى القصير فإنه قد تكون له آثار تعويضية على المدى الطويل، فى بعض الحالات، إما بتحفيز الحكام على تصحيح الخلل أو سد الحرمان وإعادة تنظيم المجتمع لتجنب كل ما أثار الغضب وعَمّق الإحن، والعمل على جلب الرضا عن أداء السلطة. وعلى وجه العموم، يعرف تيد روبرت جير فى كتابه «لماذا يتمرد البشر؟» العنف السياسى بأنه «جميع الهجمات الجماعية الموجهة ضد النظام السياسى وأطرافه الفاعلة، بما فى ذلك الجماعات السياسية المتصارعة فضلا عن تلك الموجودة فى الحكم، أو سياساتها». وهناك ثلاثة اتجاهات فى تعريف العنف السياسى، الأول ينظر إليه باعتباره الاستخدام الفعلى للقوة المادية بشتى صورها من قبل فرد أو جماعة بغية إلحاق الأذى بأشخاص وإتلاف ممتلكات، سواء كانت هذه الصورة هى القهر والقسر والإكراه بشكل عام أو انزلقت إلى أعمال الهدم والتخريب والتدمير والقتل والتعذيب وما أشبه. والثانى لا يكتفى بالاستخدام الفعلى للقوة المادية بل يمتد إلى مجرد التهديد باستعمالها فى سبيل تحقيق أهداف غير قانونية أو مرفوضة اجتماعيا. أما الثالث فينظر إلى العنف على أنه نتاج خلل وتناقض كامن فى البناء الاجتماعى والاقتصادى والسياسى، وهو يتخذ عدة صور منها ضعف التكامل الوطنى، وتنامى النزعات الانفصالية، وغياب العدالة الاجتماعية، وحرمان قوى اجتماعية من حقوقها السياسية، وعدم إشباع الحاجات الأساسية من غذاء وكساء وإيواء ودواء لقطاعات عريضة من المواطنين، والسقوط فى فخ التبعية لدول خارجية. وهناك من يرى العنف سلوكا فطريا يولد الإنسان به، وهناك من يرى أنه سلوك مكتسب يتعلمه الإنسان من البيئة الاجتماعية المحيطة به. يوجد من يفرق بين العنف المادى والعنف اللفظى والعنف الرمزى، ونلفى تفريقا بين العنف المقنع والعنف الظاهر سواء كان فرديا أو جمعيا، وهنا تقول باربرا ويتمر: «أى سلوك شخصى ومؤسساتى يتسم بطابع تدميرى مادى واضح ضد آخر يعد عملا عنيفا. هناك العنف الشخصى الخفى، الذى يؤذى الآخر نفسيا، وهناك العنف المؤسساتى الخفى، حيث تنتهك البنى الاجتماعية هوية مجموعات الأشخاص». ويصنف حسنين توفيق فى كتابه «ظاهرة العنف السياسى فى النظم العربية» العنف وفق عدة معايير، أولها يرتبط بشكل السلوك العنيف وطبيعته حيث يتدرج من الإضرابات والمظاهرات إلى أعمال الشغب والتمرد والتصفية الجسدية. وثانيها يتعلق بما يرمى إليه الفعل العنيف إذ يمكن أن يكون الهدف سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو دينيا أو إجراميا. وثالثها يتصل بالفئة الاجتماعية التى تمارس العنف سواء كانوا الطلاب أم العمال أم الفلاحين أو العسكريين. أما الرابعة فتتمثل فى تقدير حجم المشاركين فى العنف، والذى يتدرج من الفردى إلى الجماعى بأحجام متفاوتة. والخامس يتلمس درجة التنظيم وهنا يمكن التفرقة بين العنف المخطط له، وأعمال العنف الفجائية أو التلقائية. وهذه معايير تتداخل وتتشابك ولا يمكن الفصل بينها إلا على المستوى النظرى والافتراضى. (نكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى معنى العنف 36 فى معنى العنف 36



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon