توقيت القاهرة المحلي 00:57:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى معنى العنف (6-6)

  مصر اليوم -

فى معنى العنف 66

عمار علي حسن

كما يجرم القانون الداخلى «العنف الاجتماعى» فإنه يجرم «العنف السياسى» أيضاً، أياً كانت الهيئة التى يتجسد بها فى الواقع المعيش، وأياً كانت الأسباب المؤدية إليه، والبواعث الكامنة خلفه والدافعة له، وأياً كان المذهب السياسى أو الفلسفة التى تقف وراءه، أو الإطار الذى يحكم النظام السياسى للدولة التى يقع فيها. فالنظم الحاكمة يمكن أن تتدرج فى العقوبات التى تفرضها على العنف السياسى لكنها تسعى جميعاً إلى أن تجعله فعلاً مؤثماً ومجرماً بموجب القانون. ولهذا انشغل القانون الجنائى بما يسمى «الجريمة السياسية»، وتوسع بعض القانونيين فى تكييفها، فرأوا أنها كل جريمة تكمن خلفها بواعث سياسية، سواء استناداً إلى معيار شخصى مثل قتل رئيس الدولة أو أحد المسئولين أو المعارضين، أو إلى معيار موضوعى يراها كل جريمة تمس الشخصية القانونية للدولة، مثل تلك التى تمس أمن الدولة، أو المتصلة بالحريات العامة، أو الوحدة الوطنية وغيرها. لكن الأمر يختلف بالنسبة للقانون الدولى، إذ إن المجتمع الدولى، وعلى النقيض من المجتمع المحلى، يفتقد السلطة العليا، ولذا أتاح القانون الدولى العرفى استعمال العنف فى علاقات الدول، وجعل الحرب من أعمال السيادة ووسيلة لتسوية نزاع لم تفلح المفاوضات السلمية فى إنهائه، وأعطى مجلس الأمن الدولى، وفق الفصل السابع، حق استخدام القوة ضد طرف أو أطراف دولية، وتحدثت اتفاقية جنيف عن «الحرب العادلة»، أما المقاومة المسلحة للاحتلال فهى مشروعة تماماً، حسب ضوابط معينة. وأخيراً، ففى مقابل العنف طرح علماء الاجتماع والسياسة والفلاسفة مفهوم «اللاعنف»، أى المقاومة السلمية، الذى يراه الزعيم الهندى الخالد المهاتما غاندى «يبدأ من اللحظة التى نشعر فيها بحب من يكرهوننا»، بينما عرّفه الفيلسوف الإنجليزى الشهير برتراند راسل بأنه «تصرف عقلانى يرمى إلى تفادى الصراع مع طرف أو أطراف معينة، وتحقيق السلام والانسجام مع مثيرى التوتر والقلق، فى ظل الإيمان بأن ثمن الصراعات المسلحة والحروب باهظ بشرياً ومادياً». ورأى المفكر الفرنسى جان مارى مولر أن اللاعنف مسألة أعمق من مجرد التصرف العقلانى لأنه ضرب من ضروب الوعى حيال الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأفراد والجماعات، وحيال ضرورة إنهاء الاستغلال والاحتكار والنزاعات والحروب. وأعطى جين شارب المفهوم بعداً إجرائياً حين عرّفه بأنه «ممارسة حضارية تفرض انتهاج أساليب سلمية، تتكئ على التهدئة والمهادنة والتنازل عن بعض الحقوق فى سبيل التوصل إلى حل النزاعات التى تحقق طموحات ومصالح الأطراف المتخاصمة دون اللجوء إلى العنف فى سبيل التوصل إلى الهدف ذاته». ويبتعد بتريم سورو عن هذا خطوة حين يرى أن اللاعنف غاية نبيلة يجب أن نصل إليها حتى ولو كلف هذا خسائر مادية ومعنوية للطرف الراغب فى التهدئة والسلام. واللاعنف له أسس محددة، أولها: أنه مقاومة تميل إلى العصيان وليس احتجاجاً ينبنى على مهاجمة الخصم وإيذائه. وثانيها: أنه سعى دائب لكسب القاعدة الشعبية التى يؤدى حضورها وميلها إلى جانب المقاومين ضد السلطة المستبدة إلى حسم المعركة لصالحهم. وثالثها: أنه مسعى نضالى يمكن أن يتخذ من الإجراءات الطبيعية والقانونية المتاحة طريقاً للتغيير، مثل السعى إلى إسقاط السلطة بانتخابات ينجح المقاومون فى فرض ضمانات لنزاهتها وتكافؤ الفرص بين المتنافسين فيها. ورابعها: أنه حركة علنية وليست سرية، سواء على مستوى أساليب الحشد والتعبئة أو الأنشطة صغيرة كانت أو كبيرة. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى معنى العنف 66 فى معنى العنف 66



GMT 18:45 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

2025 عـــام النجاح والحـــــذر

GMT 17:15 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

لا للعفو العام.. نعم لسيادة القانون

GMT 17:14 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

سنة بطعم الموت.. نتمنى القابل أفضل!

GMT 17:13 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والعدوان اللذان شطبتهما 2024...

GMT 17:11 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

وجهة نظر مختلفة في قانون المسئولية الطبية

GMT 17:10 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

العتاة يلجأون أيضاً

GMT 07:23 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

الطبيب الروسي عبد الكريموف مع الملك عبد العزيز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:09 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة
  مصر اليوم - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 09:24 2023 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى إبراهيم تكشف كيف تظهر بصحة جيدة رغم محاربتها المرض

GMT 11:00 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات العبايات الأنيقة والعصرية هذا العام

GMT 08:58 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

روتين ضروري قبل النوم للحفاظ على نضارة البشرة

GMT 07:12 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مرتضى منصور يعلق على رسالة طارق حامد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon