توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نقيب الصحفيين المنتظر

  مصر اليوم -

نقيب الصحفيين المنتظر

عمار علي حسن

  لأن الصحافة مهنة رأى، فلا يمكن تصور أن يكون نقيب الصحفيين رجلاً قد خاصمته المعرفة، أو شخصاً يقدم البطن على العقل، ويتعامل مع معدة الصحفى على أنها «الطُعم» الذى يصطاد به صوته ومواقفه، والفخ الذى يوقع فيه رهانه الذى لا يجب أن يموت على صحافة حرة وصحفيين يحصدوا حد «الكفاية» بنضالهم والتفافهم حول مصالحهم الحقيقية، بدون أن يلقوا مصيرهم تحت قدمى سلطان جائر، أو يسلموا أعناقهم ومصائرهم لانتهازى فاجر، قلمه معول هدم، وسطوره مجرد عربون لصفقات مشبوهة مع هذا وذاك، ووعوده ليست سوى محاولة جهنمية لدفع الصحفيين فى طريق الرضا بفتات، لا يملأ بطناً، ولا يصلب عوداً، ولا يصون كرامة. ولأن الصحافة تعلم أصحابها أن «الكلمة» وليست «اللكمة» هى الطريق إلى تبصير الناس بما يجرى، فليس من المتصور أن يكون نقيب الصحفيين رجلاً يقدم العضلات على العقل، وسطوة الجسد على سلطان المعرفة، والقدم على القلم، ولا يهتم إلا بهوامش الحياة، وتوافه الأشياء، وهو ما يريده الفاشيون الآن بلهفة وقوة وقسوة. ولأن الصحافة يجب أن تضع على عاتقها فى كل زمان ومكان كشف الفساد وفضح المفسدين، فلا يمكن أن نتصور أن يكون نقيب الصحفيين فاسداً، ولا حتى أن يكون قد أصابته هذه الشبهة، أو دارت حوله أقاويل بارتكاب تلك الجريمة فى أى يوم من الأيام. فقد علمتنا التجارب أنه لا دخان بلا نار، وأن من فسد لن يكون بوسعه أن يرفع عينيه فى وجه من سهلوا له طريق الفساد، وأحصوا عليه تجاوزاته، وسينعكس ذله وانكساره على الصحفيين، ولن يجد مفراً من المساومة على مصالحهم، وغض البصر عن هضم حقوقهم، وامتهان كرامتهم. كما أنه لن يجد طريقاً آخر سوى مواصلة النهب المنظم للمال العام، بعد أن يكون هذا السلوك قد تحول لديه إلى مرض عضال لا شفاء منه. ولأن الصحافة لا يمكن أن تعيش إلا على الحرية، فليس من المتصور أن يكون نقيب الصحفيين فى الخندق الدفاعى الأول عن الاستبداد، يبرر دوماً للمستبدين أفعالهم، ويداهنهم من أجل مصالح ضيقة رخيصة، ومتع زائلة. فمثل هذا النقيب لن يبذل أى جهد فى مقاومة القوانين السالبة للحريات، ولن يجد أى غضاضة فى أن يزج بمئات الصحفيين إلى غياهب السجون، لأن مصالحه من السجان وليست أبداً مع السجناء. إن الصحافة المصرية تقف على عتبات مرحلة حرجة، فسيف «الخصخصة» لا يزال مسلطاً على رقاب أبنائها، وإن طبق دون روية ولا وعى ودون انحياز لمصلحة وطنية عامة، فسيجور على حقوق الصحفيين وعلى دور الصحافة، ولذا ليس من المعقول أن يختار الصحفيون نقيباً من طبقة رجال الأعمال، قد يكون أول المسارعين إلى امتلاك أسهم وفيرة فى مؤسسة صحفية قومية، بعد أن امتص ورفاقه من مقدرات وأموال هذه المؤسسة أو تلك ما يؤهلهم لشرائها أو اقتناص الجزء الأكبر من تراثها وميراثها، ومن تاريخها ومصيرها، ولا أن يكون النقيب رجلاً يجيد المساومة والتجارة على حساب رعاية المعنى العميق والكلمة الحرة. والصحافة المصرية تعيش تحديات جساماً، أولها بفعل صحف عربية منافسة، تعزز دورها وارتقى مستواها المهنى وزاد توزيعها، وثانيها بحكم انصراف كثير من الناس إلى الصحافة الإلكترونية والفضائيات الإخبارية. ولذا يحتاج الصحفيون إلى نقيب يعى خطورة هذا الظرف، ولديه قدرة على إدارة الجماعة الصحفية ودفعها نحو إبداع حلول ناجعة لهذه المشكلات، التى تتفاقم يوماً تلو الآخر، وليس نقيباً لا يعنيه الأمر من بعيد أو قريب، ولا يهتم إلا بأن يرى اسمه متصدراً إحدى المطبوعات، وحسابه البنكى فى زيادة مستمرة، وعلاقاته خارج الوسط الصحفى فى نمو متصاعد، يضمن له دوماً أن يبقى من أصحاب الياقات البيضاء. نريد نقيباً من بيننا، لم يمسسه فساد، ولم يروعه استبداد. بابه مفتوح أمامنا فى كل وقت، وأذناه وقلبه معنا فى أى حين. يشعر بمن ظُلم منا، ويقاتل من أجل دفع الظلم عنه. ويرعى الموهوب فينا؛ لأنه هو لم يتكئ فى مسيرته العامرة بالكفاح على شىء إلا موهبته، ولا يجيد السير فى المسالك المتعرجة، ولا يعرف الأساليب التى يمارسها أصحاب الأبواب الخلفية، أعداء الحق والصواب. نريد نقيباً إن مثّلنا فى محفل أو ناب عنا فى جمع، أن يشرفنا بفكره العميق، ولسانه الفصيح العف، ومواقفه المشرفة، فيضيف إلى رصيدنا عند الناس، ويحفظ لمنصب نقيب الصحفيين هيبته، ويصون للصحافة مكانتها. نريد مثل هذا النقيب دوماً وإلا فلننتظر كارثة باستمرار.. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقيب الصحفيين المنتظر نقيب الصحفيين المنتظر



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon