عمار علي حسن
أرسل لى الزميل والصديق الأستاذ إيهاب إسماعيل رسالة عميقة فى مبناها ومعناها، يقول فيها: «السلام عليكم أستاذنا الفاضل. كنت رائعاً -كالعادة- مع إبراهيم عيسى على قناة «القاهرة والناس»، ويعلم الله أنى أكنّ لك كل احترام وتقدير، وأتعلم منك الكثير، مع العلم أننى باحث فى علم الاجتماع السياسى وحاصل على درجة الماجستير وعلى مشارف الدكتوراه -فى نفس تخصصك- قريباً إن شاء الله.. وقد استفدت من كتاباتك الكثير، وأسأل الله لك التوفيق. لكن أريد أن أسألك فى قضية تشغل بالى كثيراً هذه الأيام تخص الأساتذة والمتخصصين أمثال حضرتك وقادة الرأى فى مصر من المثقفين والصحفيين وغيرهم، وهى حول النقد عموماً، فالكل يعلم مساوئ جماعة الإخوان وتاريخهم، لكنهم جماعة وحزب تجمعوا على هدف ما بغض النظر عن وسائلهم، لأن غيرهم هو من مكّنهم من نجاح هذه الوسائل، وقد حققوا هذا الهدف بالفعل وبجدارة.
وباختصار، أنا شخصياً لم أر شخصاً واحداً خارج جماعة الإخوان يذكر ميزة واحدة لهم، رغم ما حققوه من إنجازات ربما تكون خاصة بهم لا يمكن لأحد أن ينكرها، فلمَ لا ننقد الإخوان بما لهم وما عليهم لتخرج الصورة واضحة لدى المشاهد والقارئ العادى؟
وهل يجوز يا أستاذنا أن نبقى هكذا فى حالة رفض دائم للآخر مهما كانت ثقافته أو سياسته؟ هذا ما أردت فهمه.. وفقكم الله لما فيه الخير والسداد».
ونظراً لأهمية السؤال وموقع السائل، أجيب عنه قائلاً: «أشكرك يا زميلى وصديقى على الرسالة، وأؤكد لك أننى كتبت كثيراً عن ضرورة الانتقال من الهجوم السلبى على الإخوان بحصر أخطائهم وهى كثيرة، إلى الهجوم الإيجابى، أى بناء البديل، وهذه مسئولية الأحزاب والقوى السياسية، أما الكاتب أو المثقف فيقوم أولاً بنقد السلطة ليس حباً فى المعارضة إنما بحثاً عن الأفضل والأمثل لمجتمعه. ولذا فأنا وغيرى ننقد الإخوان، ليس بوصفهم إخواناً، إنما لأنهم الآن فى موقع اتخاذ القرار والمسئولية عن الدولة برمتها، ولهذا فإن اكتفاءهم بتحقيق النجاح لجماعتهم، وأنا أراه عموماً نجاحاً قصير النظر، مصيبة، لا سيما إن كان يتم على حساب الوطن برمته. فالناس لم تنتخب مرسى ليرفع أهله وعشيرته على أعناقهم، ويخصهم منهم ويعطيهم، لكن ليعمل لصالح مصر كلها، ويستعمل جماعته رصيداً مضافاً إلى المصلحة الوطنية، وليس العكس.
وأنت تتذكر يا صديقى أننا قبل الثورة، كنا نطلب لهم «مشروعية قانونية» و«شرعية سياسية» ونرفض تحويل المدنيين منهم إلى محاكم عسكرية، وهذا لم يكن دفاعاً عنهم، إنما هو دفاع عن مبدأ آمنّا به أنا وغيرى ولا نزال. لكن من أسف فإن الإخوان يفعلون بمعارضيهم مثلما كان يُفعَل بهم، وكأنهم قد تماهوا نفسياً مع من حاصرهم، وأصبحوا الضحية التى تقلد الجلاد، أو تسير على خطاه. وتحضرنى هنا الحكمة التى قرأتها ذات مرة فى كتاب لم أعد أتذكر عنوانه ولا اسم قائلها هى: «كل الذين لعنوه حين جلسوا مكانه اتبعوا خطاه وترحّموا عليه».
نقلاً عن جريدة "الوطن"