توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قراء «شجرة العابد»

  مصر اليوم -

قراء «شجرة العابد»

عمار علي حسن

هل يتعلم الكاتب من القراء؟ الإجابة: نعم. هكذا فى صراحة ووضوح وبلا مواربة. وهذا الرد ليس على سبيل المجاملة، أو اتكاء على النظريات النقدية التى تسمى «الاتجاه إلى القارئ» والتى تعتبر أن القارئ ينتج نصا جديدا على ضفاف النص الذى يطالعه، إنما هو عن تجربة، عشتها مرات عديدة، آخرها قبل أيام حين التقيت مجموعة موسعة من قارئات الأدب وأدرت معهن حوارا مطولا حول روايتى الأخيرة «شجرة العابد» التى صدرت الطبعة الثانية منها مؤخرا. فى اللقاء حكت القارئات الفضليات رفيعات المستوى عن تجربتهن مع الرواية، سواء من حيث تذوق اللغة وشاعريتها، والصور التى تنتمى إلى عالم «الواقعية السحرية» أو من حيث الروح الصوفية السائدة فى ثناياها، أو البناء الدائرى لها، حيت تلتقى البداية بالنهاية. وقد أتى هذا فى إطار تقليد تقيمه «دار الشروق» تحت شعار «Book club» تشرف عليه الأستاذة نادية أبوالعلا، حيث تجمع الكاتب بقرائه لمناقشة مؤلف له، وتوقيعه، وقد أتيح لى أن أجيب على الأسئلة العديدة التى وجهت لى حول ظروف كتابة الرواية ولغتها والصور الجمالية فيها والمعانى التى تنطوى عليها، وعلاقتها بأعمالى الأدبية التى سبقتها. وأسئلة كذلك عن أعمالى العلمية فى مجال التصوف والنقد الأدبى والاجتماع السياسى. وقد استفدت كثيرا من هذه الآراء، التى تثبت أن كل قارئ قد يضىء جوانب معتمة فى النص ربما لا ترد إلى ذهن المؤلف نفسه، وأيقنت أن التواصل بين الكاتب والقراء تجربة مفيدة له أكثر من إفادتها لهم. وما يسعد أى كاتب أن يجد صدى لما يخطه بنانه، وتزداد السعادة إن كان الصدى قادما من أناس لا تربطه بهم أى علاقة مباشرة، وتتضاعف أكثر حين لا يكتفى هؤلاء بالتعبير عن امتنانهم أو استفادتهم مما قرأوا أو طالعوا. لكن السعادة تتضاعف إن وجد لدى القراء وعيا عميقا، وبصيرة نافذة، استخلصت معانى وصور وخيالات من كتابه، ربما لم تخطر له على بال، وقد وجدت هذا فى ندوات عديدة أقمتها حول كتبى سواء فى القاهرة أو ببعض المدن والقرى المصرية. إن هذه الرواية قد حظيت باهتمام لافت منذ صدورها، فها هى الباحثة الجزائرية كريمة بوكرش تعد رسالة دكتوراه حولها تحت عنوان «الخطاب الصوفى فى الرواية العربية.. شجرة العابد نموذجا» فيما شرع الباحث الإيرانى كاوة خضرى فى خطوات تسجيل أطروحة للماجستير عن الواقعية السحرية فى الرواية ذاتها بقسم اللغة العربية فى جامعة طهران. وقبلهما أشاد بها نقاد كبار فوصفها الدكتور صلاح فضل أستاذ الأدب العربى بجامعة عين شمس بأنها «تقدم نموذجاً متفرداً فى الرواية العربية، يضاهى أدب أمريكا اللاتينية فى واقعيته السحرية، لكنه فى الحقيقة يناظره من دون أن يأخذ عنه». كما قال عنها الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة «إنها تخفى وراءها جهدا كبيرا مبذولا، وذائقة مدربة، صقلها الاطلاع على موروث طويل لا سيما عالم التصوف الرحب». فيما اعتبر الدكتور السعيد الورقى أستاذ الأدب العربى بجامعة الإسكندرية أن الرواية «تمثل سحر السرد العجائبى، الذى ينهل من الصوفية، ويبحث عن مصير الإنسان، وحالات الوجود، وسحر الشرق». من جانبه قال الدكتور يسرى عبدالله مدرس الأدب العربى بجامعة حلوان إن الرواية «تمزج الفانتازى بالحقيقى، وتعتمد لغة شاعرية، وتنطوى على العديد من القيم الإنسانية الخالدة» كما يقول الناقد الدكتور محمد السيد إسماعيل: «تتعدد مستويات البناء فى هذه الرواية وهو أمر يتوازى مع تعدد دلالاتها وأجوائها الواقعية والأسطورية» فيما قال عنها الروائى علاء الأسوانى «استمتعت بقراءة رواية عذبة وملحمية، تثبت أن خلفها أديبا يمتلك قدرة كبيرة على خلق عالم مواز». هذه الدراسات والأعمال النقدية أسعدتنى من دون شك، لكن سعادتى تضاعفت كثيرا من آراء قراء وقارئات سواء فى تعليقات على صفحتى فى «فيس بوك» أو تحت الأخبار التى تنشرها المواقع الإلكترونية عن الرواية أو اللقاءات المباشرة معهم فى ندوات أدبية. والأمر فى الحقيقة لا يقف عند حد السعادة والفرح، بل يتعداه عندى إلى الاستفادة والتعلم، لأننا فى النهاية لا نكتب لأنفسنا، إنما نكتب للناس، ويجب أن ننصت ونصيخ السمع إلى ما يقولونه حول ما تخطه أقلامنا، وندرك أننا بحاجة إليهم بقدر ما هم بحاجة إلينا. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراء «شجرة العابد» قراء «شجرة العابد»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon