توقيت القاهرة المحلي 08:22:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صراع داخل الإخوان

  مصر اليوم -

صراع داخل الإخوان

عمار علي حسن

دعك من حديث جماعة الإخوان عن أن صفوفها «بنيان مرصوص»، فالمرض الذى يُصيب الجميع، بمن فيهم التيار السلفى، أصابها، لكن قادتها يبذلون قصارى جهدهم فى سبيل أن تبقى أعراضه بعيدة عن أعين الناس، وإن كان الوجع يسرى فى أعطافها، كما يسرى الماء ناعماً تحت أكوام من القش. قبل الثورة، بل على مدار تاريخ الجماعة، كان مَن يتقدم الصفوف ويعلو فى المراتب ينظر الأتباع إليه باعتباره الأكثر استعداداً للتضحية، ومن ثم يحدبون عليه، ويطيعون أمره، ويحترمون وضعه. الآن طرأ تغير كبير، بعد وصول الجماعة إلى السلطة، فالأكبر يعلو جاهه، ويحوز مزيداً من النفوذ والثروة. وبالطبع سينكر الإخوان هذا، ويصورون للناس أنهم أولياء الله الصالحون الزاهدون فى المناصب والأموال، وهو ادعاء لن يصدقه أحد بعد كل ما ظهر من أكاذيب وسعى محموم للسيطرة على كل المناصب، واستئثار بالسلطة، ومحاولة حيازة المال من خلال توسيع التجارة ومشاركة رجال أعمال نظام مبارك. وقد أُتيح لى فى الأيام الأخيرة أن أجلس إلى أعضاء فى الإخوان، فشكوا لى مُر الشكوى من عمليات التضييق التى تتم عليهم، وبأن تذمرهم من حشر شباب الجماعة فى مواجهات عنيفة مع المجتمع، وتحدثوا عن صراعات حول المواقع. ولما سألتهم عن شخص كنا نظن أنه من الإصلاحيين وكيف تبدل خطابه من الاعتدال إلى التشدد؟ أجابوا: يريد أن يرضى المجموعة القطبية المسيطرة على الجماعة فيتبنى خطابها، ويخلع جلده، لكنه غير مقتنع بما يقول، ولذا يعيش أزمة نفسية حادة، لا سيما فى ظل حالة الخوف التى تنتابه، فهو يخشى نزول الشارع؛ لأن الناس غاضبة من جماعته عامة، ومنه هو خاصة. وقالوا لى إن صراعات قوية تدور الآن حول من سيتم ترشيحه فى مجلس النواب، فهناك أكثر من شخص لديهم رغبة فى الترشح على كل مقعد، لكن مكتب الإرشاد سيختار واحداً ويترك الآخرين مغبونين. واستمعت قبل أيام إلى قيادى من جيل الوسط فى الجماعة يتذمر من أن مكتب الإرشاد، ومن بعده ذراعه الرئاسية، السيد الأستاذ الدكتور المهندس محمد مرسى، لا يحسن اختيار الأكفأ داخل الجماعة نفسها، وقال: «فى كل منصب تنفيذى، وزيراً كان أو محافظاً أو أقل من هذا تركوا الأكفأ واختاروا من كان ولاؤه للمجموعة المسيطرة على الجماعة فى الوقت الحالى.. إنهم لا يحرمون أصحاب الكفاءات فى البلد كله ويبتعدون عنهم، لكنهم أيضاً يحرمون أمثالهم داخل الإخوان». وعرفت من كل هؤلاء أن شخصيات عديدة من الانتهازيين، الذين دخلوا إلى حزب الحرية والعدالة بحثاً عن منافع خاصة لهم، ومبدأهم فى السياسة «عاش الملك.. مات الملك.. عاش الملك الجديد»، يضغطون الآن فى سبيل أن يدفعوا قادة الحزب إلى ترشيحهم، وإن لم يحدث فقد يخرجون عليه، أو يهاجمونه، ورغم أن الجماعة تحرص على أن يظل مركز الثقل داخل الحزب فى يدها، فإن هؤلاء سيسببون إزعاجاً شديداً، وقد يضطر رئيس الحزب، بما له من صلاحيات واسعة، إلى طردهم، والتخلص منهم، لكنهم لن يصمتوا إنما سيشاركون فى تجريس الجماعة وفضح مخططاتها. الأهم من هذا كله هو التصدع الأخلاقى الذى بدأ يصيب رجالاً فى الجماعة أخلصوا لها، غبناً من الطريق الذى يسير فيه القادة، حيث التنكر لكل القضايا التى ربّوا أجيالاً عليها، وظهور هوة مخيفة بين القول والفعل، واستشراء آفتى الكذب والإنكار عند الممسكين بزمام الأمور، واتساع مساحة الكراهية فى نفوس الناس للجماعة، على النقيض من جوهر مشروعها البسيط. والوضع الأخير يجعل مكتب الإرشاد حريصاً على أن يستحضر دوماً «عدواً مزعوماً» ليكتل الصفوف فى مواجهته، أو يبقى، رغم الوصول إلى السلطة، على حديث المحنة والابتلاء، ناهيك بالطبع عن ادعاء المؤامرة، ليس فقط على الإخوان، إنما على الإسلام. وهذه الألاعيب تحقق نتائجها إلى حد كبير حتى الآن، لكنها لن تصمد طويلاً، فالكذب لا أرجل له، والجرى وراء المنافع إن كان هادئاً الآن سيتسارع، وكل هذا يتم بينما الجدار العازل بين الجماعة وبين الشعب يرتفع كل يوم ويزداد سمكه وسواد لونه. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع داخل الإخوان صراع داخل الإخوان



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon