توقيت القاهرة المحلي 09:17:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إشارة

  مصر اليوم -

إشارة

عمار علي حسن

احمرت إشارة المرور فتوازى أتوبيس صدئ يتلاصق فيه الناس كأنهم يوم الحشر مع سيارة فارهة يلمع جسدها النظيف فى وقدة الظهيرة، سائقها والسيدة الرشيقة التى تجلس خلفه وإلى جوارها ابنتها الصغيرة رائعة الحسن لا يشعرون أبداً بالصهد الحارق الذى يلفح وجوه العابرين، ولا يتصببون عرقاً كركاب الأتوبيس، الذين يتخالط شهيقهم بزفيرهم حتى كادوا أن ينخنقوا. الأكثر شعوراً بالاختناق كان هذا الطفل الوديع الملقى على فخذى أمه البدينة الجالسة على مقعد متهالك يوشك أن يسقط على حجر الرجل الطويل الجالس وراءها. أخذت البنت تشكو من الصقيع المنهمر بلا هوادة من أفواه التكييف الصغيرة، بينما أخذ الولد يتبرم من السخونة ورائحة العرق. مد الولد يده ليفتح النافذة التى كانت تحوى ملصقاً مكتوباً عليه «الصبر مفتاح الفرج». ضغطت البنت زراً بجانبها فانزاح الزجاج المعتم إلى أسفل، وتدفق شعاع الشمس إلى رأسها واصطدم بالموسيقى اللينة المنبعثة من سماعات حساسة جداً والهاربة إلى أذن الولد. التفت الولد إلى النافذة المغردة فملأ عينيه من وجه البنت. ابتسم لها فبادلته الابتسامة. رفع يده على استحياء وراح يلوح لها فمدت يدها ولوحت فى فرح. ثم تعانق وجهاهما فى صمت وبلا انقطاع. كانت الأم البدينة منشغلة بتجنب ملاصقة فخذ الرجل الغريب الذى يجلس بجوارها. كانت الأم الرشيقة تغمض عينيها مستسلمة للنغمات العذبة. دفع الولد رأسه من النافذة فشعر بلسعة وانسكب نور مبهر فى عينيه فأغلقها. فعلت البنت مثله فارتاحت للدفء وغرفت بكفيها بعض الضياء النائم على الزجاج الرمادى القاتم. سائق الأتوبيس لا يرى أحداً ولا شيئاً إلا الإشارة الحمراء التى ينتظر اخضرارها، فيواصل رحلة الزحف التى لا تنتهى. سائق السيارة يتابع كل ما يجرى فى المرآة الجانبية ويبتسم، مطمئناً إلى إغفاءة السيدة الغارقة فى قيعان الموسيقى الساحرة. اخضرت الإشارة فجأة. ضغط سائق السيارة على زر فارتفع الزجاج، وانحبست الموسيقى، واندفعت العجلات تمرق إلى حيث لا يدرى الولد. تململ الأتوبيس وشحر واهتز بخطوات وئيدة، تأرجح لها الركاب، ولم يلق لهم السائق بالاً، كما لم ير رأس الولد المعلق فى وسط الشارع يبحث عن صاحبته التى غابت فى الزحام. نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشارة إشارة



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon