توقيت القاهرة المحلي 10:41:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تمرد» والتغيير الآمن

  مصر اليوم -

«تمرد» والتغيير الآمن

عمار علي حسن

سعيت فى كتابى «التغيير الآمن.. مسارات المقاومة السلمية من التذمر إلى الثورة» أن أطرح الكثير من تجارب النضال المدنى السلمى التى عرفها العالم المعاصر، والأساليب التى استخدمها المناضلون ضد السلطة الظالمة الباطشة الفاسدة، بدءاً من الغمغمة وحتى العصيان المدنى، ورأيت الكثير من هذه الطرق يتجسد أمام عينى على مدار السنوات التسع الماضية، وتحديداً منذ انطلاق «كفاية» وحتى الوصول إلى «تمرد». ربما الذى جعلنى أفكر فى هذه الدراسة، التى تتناول كل درجات النضال، بالصمت وبالحيلة وبالثورة، ما عشته مع «كفاية» التى ألقت حجراً ضخماً فى المياه السياسية الراكدة وساهمت بقوة فى مرحلة «التخمر الثورى» وأعادت قطاعاً مهماً من المصريين إلى «ثقافة الاحتجاج». وقضيت ست سنوات من البحث والدراسة، متنقلاً بين الشارع والمكتبة، ليخرج هذا الكتاب إلى النور، حاملاً ما تنطق به الأفواه وتصرخ به الحناجر وما تهديه سطور الكتب العامرة برسم معالم الطرق التى سار فيها غيرنا حتى حققوا بالنضال السلمى ما أرادوا. وكم أسعدنى أن أرى «تمرد» بعد «كفاية»، التى أدت دورها على خير وجه، وكانت كذكر النحل الذى لقح الملكة لتعيش الخلية ثم تهاوى. ومبلغ السعادة أن هذه الحركة الوليدة الفتية جاءت فى ركاب حالة الإحباط التى كانت قد بدأت تتسرب إلى نفوس الناس، نتيجة الخيانات المتواصلة للثورة، وجعلت بعضهم يكفرون بالمسار السلمى ويرفعون شعار «خالتى سلمية ماتت»، وينخرطون فى حالة العنف التى شهدتها شوارعنا منذ الإعلان الدستورى المشئوم لمرسى وحتى واقعة المقطم أو «موقعة الجبل» كما يحلو للبعض أن يطلق عليها. ولدت «تمرد» لتقول من جديد «بوسعنا أن نواصل طريقنا السلمى حتى ننال ما نريد»، ففعلت فى السلطة الحاكمة ما لم يفعله «حرق مقرات» الإخوان ومنازلتهم فى الميادين والشوارع. وبعد أن كانوا يسخرون منها، ظناً منهم أن الشباب لن يجمع سوى بضعة آلاف من الراغبين فى التمرد على حكم الجماعة، ها هم يفقدون أعصابهم بمرور الوقت، حتى وإن تظاهروا بالتماسك وأبدوا استهانة بما يجرى، أو حاولوا أن يقولوا للناس «إنه عمل غير قانونى»، فهم أنفسهم قد مارسوه قبل ثورة يناير مع البرادعى حين فتحوا موقع «إخوان أون لاين» لجمع التوقيعات على مطالبه السبعة بعد تردد طويل وبعد أن خاب مسعاهم لإبرام صفقة مع نظام مبارك بشأن مقاعد البرلمان مثلما فعلوا فى انتخابات 2005. إن العنف يعطى المستبدين فرصة لاستخدام آلتهم القمعية، ويخيف الناس من الالتفاف حول «الطليعة الثورية» ويجعل البعض ينفر إما لكراهيتهم للدم أو تحسبهم من أن يقعوا تحت طائلة المساءلة والعقاب بمقتضى القانون. أما الطريق السلمى فيفقد السلطة حجتها وأذرع بطشها، ويجذب الجموع الغفيرة إلى السير فيه وهى آمنة، وهذا ما تفعله «تمرد» الآن، التى أعادت المصريين مرة أخرى إلى التفكير فى التغيير الجاد. فالملايين التى توقع على «تمرد» يربط بينها وبين السعى للتغيير رباط وميثاق، وتتوحد حول هدف، وستأتى اللحظة التى يتم تحريكها نحو تحقيقه. لقد قلت أيام الموجة الأولى للثورة إن ما يفعله الناس فى ميدان التحرير سيولد اقترابات ونظريات علمية جديدة فى علمى السياسة والاجتماع، وها أنا أقول مع تمرد، إن ما يجرى يستحق الدراسة، ويمنحنى شخصياً فرصة لأضيف فصلاً جديداً فى طبعة لاحقة من كتاب «التغيير الآمن»، فمن رحم الواقع تولد النظريات العلمية، وإذا كان بعض شبابنا يستفيدون مما نكتب فى حركتهم فعليهم أن يدركوا أننا أيضاً نستفيد من أفعالهم فى تعزيز تصوراتنا العلمية والمعرفية، وتتعمق هذه الاستفادة لدى لأننى لا أراقبهم من بعيد بل أنا بينهم، وغيرى كذلك، وجميعنا يحمل راية الكفاح التى ستظل خفاقة ولن تنكس أبداً، والأيام بيننا. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تمرد» والتغيير الآمن «تمرد» والتغيير الآمن



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon