توقيت القاهرة المحلي 06:24:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تمرد» والتغيير الآمن

  مصر اليوم -

«تمرد» والتغيير الآمن

عمار علي حسن

سعيت فى كتابى «التغيير الآمن.. مسارات المقاومة السلمية من التذمر إلى الثورة» أن أطرح الكثير من تجارب النضال المدنى السلمى التى عرفها العالم المعاصر، والأساليب التى استخدمها المناضلون ضد السلطة الظالمة الباطشة الفاسدة، بدءاً من الغمغمة وحتى العصيان المدنى، ورأيت الكثير من هذه الطرق يتجسد أمام عينى على مدار السنوات التسع الماضية، وتحديداً منذ انطلاق «كفاية» وحتى الوصول إلى «تمرد». ربما الذى جعلنى أفكر فى هذه الدراسة، التى تتناول كل درجات النضال، بالصمت وبالحيلة وبالثورة، ما عشته مع «كفاية» التى ألقت حجراً ضخماً فى المياه السياسية الراكدة وساهمت بقوة فى مرحلة «التخمر الثورى» وأعادت قطاعاً مهماً من المصريين إلى «ثقافة الاحتجاج». وقضيت ست سنوات من البحث والدراسة، متنقلاً بين الشارع والمكتبة، ليخرج هذا الكتاب إلى النور، حاملاً ما تنطق به الأفواه وتصرخ به الحناجر وما تهديه سطور الكتب العامرة برسم معالم الطرق التى سار فيها غيرنا حتى حققوا بالنضال السلمى ما أرادوا. وكم أسعدنى أن أرى «تمرد» بعد «كفاية»، التى أدت دورها على خير وجه، وكانت كذكر النحل الذى لقح الملكة لتعيش الخلية ثم تهاوى. ومبلغ السعادة أن هذه الحركة الوليدة الفتية جاءت فى ركاب حالة الإحباط التى كانت قد بدأت تتسرب إلى نفوس الناس، نتيجة الخيانات المتواصلة للثورة، وجعلت بعضهم يكفرون بالمسار السلمى ويرفعون شعار «خالتى سلمية ماتت»، وينخرطون فى حالة العنف التى شهدتها شوارعنا منذ الإعلان الدستورى المشئوم لمرسى وحتى واقعة المقطم أو «موقعة الجبل» كما يحلو للبعض أن يطلق عليها. ولدت «تمرد» لتقول من جديد «بوسعنا أن نواصل طريقنا السلمى حتى ننال ما نريد»، ففعلت فى السلطة الحاكمة ما لم يفعله «حرق مقرات» الإخوان ومنازلتهم فى الميادين والشوارع. وبعد أن كانوا يسخرون منها، ظناً منهم أن الشباب لن يجمع سوى بضعة آلاف من الراغبين فى التمرد على حكم الجماعة، ها هم يفقدون أعصابهم بمرور الوقت، حتى وإن تظاهروا بالتماسك وأبدوا استهانة بما يجرى، أو حاولوا أن يقولوا للناس «إنه عمل غير قانونى»، فهم أنفسهم قد مارسوه قبل ثورة يناير مع البرادعى حين فتحوا موقع «إخوان أون لاين» لجمع التوقيعات على مطالبه السبعة بعد تردد طويل وبعد أن خاب مسعاهم لإبرام صفقة مع نظام مبارك بشأن مقاعد البرلمان مثلما فعلوا فى انتخابات 2005. إن العنف يعطى المستبدين فرصة لاستخدام آلتهم القمعية، ويخيف الناس من الالتفاف حول «الطليعة الثورية» ويجعل البعض ينفر إما لكراهيتهم للدم أو تحسبهم من أن يقعوا تحت طائلة المساءلة والعقاب بمقتضى القانون. أما الطريق السلمى فيفقد السلطة حجتها وأذرع بطشها، ويجذب الجموع الغفيرة إلى السير فيه وهى آمنة، وهذا ما تفعله «تمرد» الآن، التى أعادت المصريين مرة أخرى إلى التفكير فى التغيير الجاد. فالملايين التى توقع على «تمرد» يربط بينها وبين السعى للتغيير رباط وميثاق، وتتوحد حول هدف، وستأتى اللحظة التى يتم تحريكها نحو تحقيقه. لقد قلت أيام الموجة الأولى للثورة إن ما يفعله الناس فى ميدان التحرير سيولد اقترابات ونظريات علمية جديدة فى علمى السياسة والاجتماع، وها أنا أقول مع تمرد، إن ما يجرى يستحق الدراسة، ويمنحنى شخصياً فرصة لأضيف فصلاً جديداً فى طبعة لاحقة من كتاب «التغيير الآمن»، فمن رحم الواقع تولد النظريات العلمية، وإذا كان بعض شبابنا يستفيدون مما نكتب فى حركتهم فعليهم أن يدركوا أننا أيضاً نستفيد من أفعالهم فى تعزيز تصوراتنا العلمية والمعرفية، وتتعمق هذه الاستفادة لدى لأننى لا أراقبهم من بعيد بل أنا بينهم، وغيرى كذلك، وجميعنا يحمل راية الكفاح التى ستظل خفاقة ولن تنكس أبداً، والأيام بيننا. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تمرد» والتغيير الآمن «تمرد» والتغيير الآمن



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon