توقيت القاهرة المحلي 12:07:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكايات برهامى وأنا بالمطار

  مصر اليوم -

حكايات برهامى وأنا بالمطار

عمار علي حسن

الموقف الذى تعرض له الدكتور ياسر برهامى فى مطار «برج العرب» أعيشه منذ سنوات طويلة، وللعبد لله مع مثلها قصص وحكايات تروى فى رحاب «ترقب الوصول والمغادرة». ذهب مبارك وجاء طنطاوى، الذى لم يلبث أن راح وجاء مرسى محمولاً على أكف مكتب إرشاده، وبقى الوضع بالنسبة لى فى المطار على حاله. ففى كل مرة أكون مغادراً مصر أو عائداً إليها، يأخذون جواز سفرى ويذهبون به إلى غرفة جانبية، لم أهتم أن أعرف ما يدور فيها، ثم يعودون به، بعد أن يكونوا قد اقتطعوا بعض وقتى. وحين يتيسر الأمر، فى بعض المرات، تقوم الموظفة الجالسة بجانب ضابط الجوازات برفع سماعة الهاتف وتقول لشخص لا أعرف من هو: «عمار على حسن» فيقول لها ما لا يصل إلى أذنى، لكننى أعرفه حين تمد لى جواز السفر، وتقول: مع السلامة. فى المرة قبل الأخيرة كنت ذاهباً إلى ألمانيا، فما إن رآنى ضابط الجوازات حتى ابتسم وسألنى: متى سيتغير حال البلد؟ فبادلته الابتسام وقلت: حين لا ترفع الموظفة الجالسة بجانبك سماعة الهاتف وتهمس باسمى لرؤسائك ليقرروا ما إذا كان مواطناً، لا جرم عليه مثلى، يسافر أم يعود إلى بيته؟ فضحكت هى وقالت: هذا لا يمكن أبداً. وهكذا اعتدت أن ابتسم فى وجوه العِباد المأمورين، لدرجة أننى كنت ذاهباً إلى الأردن فى عام 2006 وكان الجوع يأكل جسدى، فقلت للموظفة قبل أن ترفع سماعة الهاتف: أعرف أنه مطلوب منك أن تغلسى علىَّ فاعتبرينى قد وقفت أمامك نصف ساعة وأننى كنت حزيناً ومكسوراً واتركينى لأتناول غدائى قبل إقلاع الطائرة لأن المسافة إلى عمان لا تكفى سوى لساندويتشين صغيرين من اللانشون والجبنة الرومى تقدمهما المضيفة، وهذا لن يكفى شخصاً لم يدخل جوفه طعام منذ عشرين ساعة تقريباً. يومها قهقهت وأعطتنى الجواز فمررت إلى غايتى. المرة الوحيدة التى لم يوقفنى أحد كان فى شهر فبراير 2011 بعد تنحى مبارك بأسبوع واحد، وكنت ذاهباً إلى الخرطوم لاستلام جائرة «الطيب صالح للإبداع الكتابى»، وعزوت ذلك إلى ارتباك الشرطة أيامها أو إلى بركات ما جرى فى التحرير، وهتفت من أعماقى: تحيا الثورة. لكن لم تلبث أن عادت الأمور إلى حالها القديم. واعتدت هذا الموقف القاسى والساذج فى آن، وأصبحت أتعامل معه باستهانة، إلا مرتين، وجدت نفسى أتحدى وأصرخ ويهدر صوتى فى أرجاء المكان. الأولى كنت مسافراً إلى أبوظبى عام 2009 برفقة الراحل الكبير أستاذى الدكتور محمد السيد سعيد، وكان المرض اللعين قد تمكن منه وأنهك جسده، وأخذ ضابط جوازه وجوازى وذهب، وتأخرت عودته، وكان موعد الطائرة قد اقترب، فاقتربت منه وقلت له: موعد الطائرة أزف. فتجهم فى وجهى ورد ببرود: نحن الذين نقرر متى تغادر الطائرة. ونظرت خلفى لأجد الأستاذ الكبير يجلس صابراً تحت ألمه، فانفجر الغيظ فى عروقى، وقلت للضابط وأنا أشير إلى الخلف: هذا الرجل من أعظم مفكرى هذا البلد وما يحدث معه ومعى لا يجوز. فرد دون أن يتخلى عن تجهمه: هذه أوامر. نظرت له فى تحدٍ وقلت: إن كان بوسعك أن تبلغ من يعطون هذه الأوامر أن مثل هذه الأفعال الصغيرة لن تثنينا عن مقاومة الظلم والفساد، وما تفعلونه معنا يثبت أننا على حق حين نرفع فى «كفاية» شعار «لا للتمديد ولا للتوريث»، وما يحدث يقوينا وسننتصر. أما المرة الثانية فقد كنت عائداً من الكويت فى ديسمبر 2010، وأخذوا جوزاى وتأخروا طويلاً، وكعادتى وقفت جانباً أقرأ فى كتاب، لكن حين جاء «صف الضابط» أكثر من مرة بجوازى حتى كدت أن أمسكه بيدى من أطراف أصابعه ثم ذهب به وأعطانى ظهره، وكأنه يلاوعنى، تملكنى غضب وصرخت فى وجه مقدم شرطة: حتى متى ستستمرون فى فتح صالة كبار الزوار من أجل اللصوص والخونة وتوقفون الشرفاء؟ ثم بدأت أهتف ضد مبارك وولده. وكانت رحلات عديدة قد وصلت فأدار الناس من جنسيات مختلفة أعناقهم إلى التحدى الساكن فى ملامحى والثورة الخارجة من فمى، فجاءنى ضابط برتبة عميد بالجواز، وقال لى: خلاص يا أستاذ، تفضل، نحن ننفذ الأوامر. والآن مع الأخ مرسى مندوب مكتب الإرشاد فى قصر الرئاسة، لا يزال الأمر على حاله، فأهلاً بالشيخ برهامى وإخوانه من الشيوخ بالانضمام إلى «الجماعة المترقب وصولها» ولعله يتذكر ما قلته له حين التقيته بالإسكندرية فى سبتمبر 2011: إن العدل والطمأنينة لن تأتى بجريكم وراء الكراسى وصعودكم إلى السلطة بزعم أنكم «حراس الشريعة» إنما بأن نكافح معاً من أجل إقامة «دولة القانون»، ولعل السلطة الجديدة الغريرة تتذكر صرخة أمثالى فى المطار: هذا لن يثنينا عن مقاومتكم أيها الصغار، وحتماً سننتصر. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكايات برهامى وأنا بالمطار حكايات برهامى وأنا بالمطار



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon